أخلاقيات جيش الاحتلال الإسرائيلي:

أقتل واسرق..ولا تنس الصورة التذكارية!!
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2010/8/23

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=11895

لم يكد جيش الاحتلال الإسرائيلي يستفيق من فضيحة الصور التي التقطها جنوده ومجنداته وهم يتباهون بأنفسهم وتعلوهم الابتسامات إلى جانب شبان فلسطينيين وهم مقيدي الأيدي ومعصوبي الأعين أو حتى وهم مضرجين بدمائهم إثر التعذيب، حتى تكشفت اليوم فضيحة جديدة عن سرقة ضباط وجنود إسرائيليين ممتلكات خاصة بنشطاء أسطول الحرية وبيعها.

فقد نقلت مصادر صحفية عن الشرطة العسكرية ليلة أمس اشتباهها بقيام ضابط وجندي إسرائيليين ببيع أجهزة كمبيوتر وهواتف نقالة سرقت من سفن قافلة مساعدات أسطول الحرية أثناء احتجازها في ميناء أسدود الإسرائيلي بعد هجوم جيش الاحتلال الإسرائيلي عليها في نهاية مايو الماضي، وأن التحقيقات في الأمر من شأنها البرهنة على إلحاق عار كبير بإسرائيل.

وكانت شكاوى نشطاء قافلة الحرية المتعلقة بسرقة ممتلكاتهم قد طفت إلى السطح بعد الغارة الإسرائيلية على القافلة، كما نقلت صحيفة "الغارديان" البريطانية في حزيران الماضي بأن بطاقاتهم الائتمانية التي صادرها الجيش الإسرائيلي قد استخدمت، وبالطبع نفى الجيش الإسرائيلي ذلك.

وقد صرح ضابط برتبة عسكرية كبيرة، قائلاً:"إن التحقيقات قد بدأت لكن على ما يبدو الآن ستبرهن على أنها محرجة ومعيبة"، وأضاف "هؤلاء الجنود لا يفهمون ما يمثله زيهم"، إذن فقد شهد شاهد من أهله، بأن العار سيلحق بإسرائيل وهي التي تكافح الانتقادات الدولية التي وجهت إليها بعد عملية القرصنة التي مارستها على أسطول الحرية وقتلت خلالها تسعة أتراك وأصابت العشرات قبل الاستيلاء على السفن واقتيادها إلى ميناء أسدود.

ولعل هذا الاكتشاف أو ما يمكن تسميته بالاعتراف جاء متأخراً، كما أنها مفارقة عجيبة، عندما يتم اعتبار سرقة الممتلكات الشخصية معيباً بينما قتل هؤلاء الأبرياء ضرورة ملحة وحتمية يتوجب على الجيش مواجهتها، ولماذا الخجل والاستغراب؟ أليس من يقتل الأبرياء بقادر على سرقتهم؟، وإذا ما نظرنا إلى الأمر بصورة مجردة نجد أن القتل من ممارسات الجيش المعهودة، أما ارتباطه بالسرقة فأنه يعطيه صفة العصابات وقطاع الطرق، وهي صفة أثبت الجيش أنه يستحقها وبجداره.

ومن غير المقبول أن يردد المحققون أنه فيما لو تبين أن تلك الممتلكات تعود لنشطاء قافلة الحرية، فسيجري تعويضهم، وكأن المجرم الذي قتل وسرق يحاول إثبات حسن أخلاقه ومبادئه كذباً وادعاءا؟، بل ليس غريباً على من سرق الأرض والماء والهواء منذ عام 1948 وحتى الآن، بعزيز نفس على أن يسرق ما دون ذلك، فكما قال المثل: "من يسرق إبرة يسرق جمل"، فإذا كانت الدولة بُنيت وتأسست على سرقة الغير فماذا نتوقع من أفرادها ومواطنيها؟؟.

وما كل هذه الجرائم والفضائح إلا مؤشرات واضحة وحقيقة على فساد أخلاقيات هذا الجيش بل هذا الشعب الذي يعتبر نفسه عرقاً سامياً، وكل من هو غيره فهو دونه، يحق له بما يملك من قوة وسطوة قتله وسرقته، وأخذ صوراً تذكارية في النهاية، بل وأن ما نشرته منظمة "لنكسر الصمت" غير الحكومية الإسرائيلية من صور للمجندة ايدن ابارجيل التي نشرت صوراً لها على الفيس بوك، وهي تقف مبتسمة أمام موقفين فلسطينيين وهم معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي لتعبر عن "أجمل فترة في حياتها" وهي الجيش على حد تعبيرها، تُظهر مدى سادية هذا الجيش المحتل، وعمق المشاكل النفسية التي يعاني منها أفراده وما يتم تدريبهم عليه، والمصيبة الأكبر من نشر المجندة لتلك الصور، هو عدم فهمها سبب استياء الناس منها ومهاجمتها، فهي على حد قولها "لم تؤذ أحداً".

ولاحقاً لذلك نشرت وسائل إعلام إسرائيلية مجموعة جديدة لصور تذكارية لجنود إسرائيليين يحيطون بسجينة راكعة على ركبتيها، وجندي يقف قرب فلسطيني جريح ينقل في سيارة إسعاف، وغيرها من الصور التي تٌظهر الفلسطينيين في أوضاع مهينة، ما يثبت قطعاً أنها ليست حالة فريدة بل هي حالة عامة تنتاب الجنود الإسرائيليين الذين يتم تأهيلهم وتدريبهم نفسياً وإقناعهم بأن الفلسطينيين أقل من البشر ويمكن التلذذ بإذلالهم، ومن ثم من باب الاستمتاع التقاط الصور للذكرى، في صورة تعيد لأذهاننا ما جرى من قبل الجيش الأمريكي مع السجناء العراقيين في سجن أبو غريب في العراق عام 2004.

وكل هذه الممارسات المشينة ما هي إلا قطرة من غيث من جرائم الاحتلال التي تتنافى مع الإنسانية والقيم الأخلاقية، بل وحتى مع الفطرة البشرية من إعدام للأطفال وتعذيب للأسرى في السجون، وقهر وإذلال للفلسطينيين على الحواجز وفي كل مكان، لكن ما طفا على السطح الآن هو التلذذ والتباهي بهذه الجرائم البشعة، الأمر الذي يوحي بأن عمل الجنود في الجيش أشبه بالنزهة أو الترفيه عن النفس.

لذا فلا ينبغي السكوت على هذه الممارسات الشنيعة والفاضحة التي تستوجب محاكمة هذا الجيش على ملف جرائمه الحافل بحق الشعوب وخاصة بحق الشعب الفلسطيني، وما خفي كان أعظم!.

http://www.miftah.org