أخلاقيات جيش الاحتلال الإسرائيلي:

أرقص على الموسيقى الشرقية... ولا تنس الصورة التذكارية.
بقلم: آلاء كراجة لمفتاح
2010/10/7

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12050

وكأنه مسلسل وثائقي واقعي ..حلقاته تأتي متباعدة تجمعها نفس الفكرة والمضمون لكن الطرق المختلفة، فمن منا لم يصب بصدمة أو بحالة من الاشمئزاز إثر مشاهدة شريط فيديو نُشر على الـ "يوتيوب" يظهر فيه جندي احتلالي يتمايل راقصاً بشماتة وبصورة مستفزة على أنغام الموسيقى الشرقية أمام فتاة فلسطينية أسيرة مكبلة اليدين ومعصوبة العينين، والتي تبين لاحقاً أنها الأسيرة المحررة إحسان دبابسة من قرية نوبة قضاء الخليل والتي تروي بمرارة ودموع محترقة ما جرى في ذلك اليوم 11/12/2007 عندما اعتقلت على حاجز عصيون الساعة الثامنة صباحاً، حيث قصت ما تعرضت له من قمع وتنكيل وإذلال من قبل جنود الاحتلال وضباط المخابرات.

قائلة: "لحظات وبدأت أسمع موسيقى صاخبة جداً وأن أحداً يحاول أن يلمسني وكنت أحاول الالتصاق بالحائط ولكن دون جدوى، وجاء جندي أخر وأحضر قنينة خمر وعرض عليّ الشرب ورفضت واستمر بمحاولة التحرش بي".

وأضافت: "وماهي إلا لحظات حتى بدؤا يهجمون عليّ كالكلاب المسعورة وبدأت رحلة الضرب بأعقاب البنادق وبأرجلهم وقام أحد الجنود بضرب رأسي بحديد الجيب العسكري حتى أغمي عليّ.. ولم أجد نفسي إلا وانا أمام طبيبة ترتدي اللباس العسكري وبعد إجراء فحص طبي شكلي نقلوني الى التحقيق وهناك بدأ مشوار العذاب والإذلال"، وأكدت إحسان قائلة: "لن يهدأ لي بال حتى يتم معاقبة جنود الاحتلال قضائياً.

إذا هو جديد مسلسل فضائح الاحتلال الذي انطلق منذ أشهر بالصوت والصورة ليوثق عمق الأزمة النفسية والأخلاقية التي يعيشها جنود الاحتلال الذين لا يعبرون فقط عن تلذذهم بتعذيب الفلسطينيين وإهاناتهم وذلهم، بل وعن توثيقهم لهذه البطولات – كما يرونها- بالصوت والصورة للذكرى وبأسلوب شاذ يتنافى مع القيم الإنسانية والدواعي الأخلاقية، كما فعلت المجندة ايدن ابارجيل التي بدأ معها مسلسل الفضائح هذا، عندما كانت تبتسم للصورة متباهية مزهوة بنفسها أمام شبان فلسطينيين وهم مقيدي الأيدي ومعصوبي الأعين، واصفة فترة الخدمة في الجيش الإسرائيلي بأنها أجمل فترة في حياتها.

وهاهو جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يكد يستفيق من فضيحة تلك الصور وغيرها، ممن التقطها الجنود مع أسرى فلسطينيين مكبلين ومضرجين بدمائهم إثر التعذيب، في صورة تنم عن سادية ووحشية وعنصرية خالصة، ومن ثم فضيحة سرقة ضباط وجنود إسرائيليين ممتلكات خاصة بنشطاء أسطول الحرية وبيعها حتى تكشفت اليوم فضيحة جديدة...لكنها المرة جاءت بالرقص كالثمالة على عذابات وجراح الأبرياء وعلى أنغام الموسيقى الشرقية حول الأسيرات الفلسطينيات.

وإن كانت كل هذه الصور الفاضحة تدلنا على شيء فهو مدى العنصرية واللا إنسانية بل والدونية التي يتعامل بها جنود الاحتلال مع الفلسطينيين، واستحالة أن يكونوا قد فكروا يوما ً بإمكانية التعايش معهم بسلام واحترام، وليس مستبعدا ً أبدا ً أن يكون هذا هو حال المجتمع الإسرائيلي كله، فالجيش في النهاية هو جزء من هذا المجتمع ومن ثقافته.

والمبرر عند انطلاق هذه الصور كان أنها مجرد استثناء وحالات شاذة لا تعبر بالضرورة عن الجيش بأكمله، لكن أكل هذه الصور والفيديوهات تشكل استثناءً؟؟... لا بل هي ظاهرة، وهذا ما انكشف من مصائبها فحسب وما خفي كان أعظم.

هذا ما يعانيه أبناء الشعب الفلسطيني وخاصة آلاف الأسرى القابعين خلف القضبان، وهم بحاجة لأن يعاملوا كبشر لهم حقوق كفلتها القوانين الدولية الخاصة بالأسرى في أوقات النزاعات، فيجب احترام إنسانيتهم لا أن يتم الرقص من حولهم بهذه الصورة الاستفزازية.

السؤال الآن ماذا بعد هذه الفضائح والجرائم؟؟، نتياهو وصف ما شاهده بالعار، والحكومة الإسرائيلية وعدت بفتح تحقيق فيما جرى، لكن ما الذي ننتظره نحن من هذه التحقيقات التي لا تضر ولا تنفع أحداً، وأين هي المسؤولية العربية والفلسطينية والدولية من هذه الانتهاكات والسلوكيات المريضة، أم يكفيها الاستنكار والإدانة لأن الرقص كان على وقع الموسيقى الشرقية!!؟؟.

أما الحكومة الإسرائيلية فبدلاً من فتح التحقيقات التي تنتهي عادة بتوجيه إنذار أو توبيخ للجندي، عليها أن تأهل جنودها لكيفية التعامل مع الأسرى وفقا للمواثيق الدولية، واحترام المواطن الفلسطيني والتعامل معه بكرامة وإنسانية وليس العكس، والتوضيح أن إذلاله ليس بطولة تستوجب التوثيق.

http://www.miftah.org