اليونسكو تنتصر لتراثنا الديني والأثري.
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2010/11/4

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12124

في خطوة فريدة من نوعها، ومتميزة بجرأتها ومصداقيتها رفضت قبل أيام منظمة التربية والثقافة والعلوم التابعة للأمم المتحدة (اليونسكو) قرار إسرائيل إعلان مواقع دينية في الضفة الغربية المحتلة ومنها الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بأنها مواقع «تراث يهودي»، واعتبرتها تراثاً إسلامياً، وذلك بتصويت أغلبية كبيرة وبالطبع مع معارضة الولايات المتحدة فقط.

وكما هو متوقعاً لم تقف إسرائيل مكتوفة الأيدي أمام مثل هذا القرار واستشاطت غضباً وسخطاً، بعد أن كانت قبل ما يقارب الستة أشهر قد شرعت بتنفيذ خطة لترميم مواقع تاريخية ووضعها على قائمة مواقع التراث اليهودي، مطالبة بالاعتراف بهذين الموقعين على أنهما ملك لليهود، بدعوى أن في الحرم الإبراهيمي «مغارة الماكفيلا» التي تحوي قبري إبراهيم الخليل وزوجته سارة وأن مسجد بلال ليس إلا قبر راحيل، وهي أم نبي الله يوسف عليه السلام.

والحقيقة أن مسجد بلال يقع في منطقة مدافن إسلامية، وهو أول بناء أقيم في المكان كان يستخدم لصلاة المسلمين وأطلقت عليه سلطات الاحتلال «قبة راحيل» بعد احتلال الضفة الغربية عام 67 حيث عمدت سلطات الاحتلال إلى إنشاء كنيس فيه.

وحسبما أفادت مصادر إعلامية فقد اعتبر قرار اليونسكو أن ما تفرضه يشكل انتهاكاً للقانون الدولي، ولم تكتف بهذا القرار بل أتبعته بقرارات أخرى، طالب أحدها الأمين العام للمنظمة بإرسال بعثة إلى مدينة القدس المحتلة للاطلاع على‏ الحفريات التي تجري في شرقي المدينة خاصة في منطقة الحرم القدسي، وتقديم تقرير عن الانتهاكات الإسرائيلية.‏

إسرائيل التي تعتبر نفسها فوق القانون الدولي، بل وفوق التاريخ الذي يثبت على مر السنين أن هذه المواقع مواقع إسلامية، وتمارس انتهاكاتها وسرقتها للمقدسات الإسلامية والمسيحية، دون رادع أو مانع لاعتداءاتها، فهي لم تعتد أبدا ً أن تواجه أو أن يرفض تصرفها، لذا فتراها تفقد صوابها وتتخبط غير مصدقة إذا ما تجرأ أحدهم على فعل ذلك، حيث هاجم نتنياهو بشدة قرار اليونسكو ووصفه بأنه غير منطقي لأنه يفصل بين اليهود وما سماه موروثهم الثقافي. وأكد رفض حكومته إزالة هذه الأماكن من قائمة الأماكن الأثرية لليهود.‏ بيد أن التوتر قد تفاقم مساء أمس الأربعاء، كنتيجة لبيان صادر عن الناطقة بلسان نائب وزير الخارجية الإسرائيلية، داني أيالون، بموجبه تجمد إسرائيل تعاونها مع اليونيسكو.

وسارعت الخارجية الإسرائيلية إلى نفي صحة ذلك، والاكتفاء بقصر عدم التعاون على القرارات التي صدرت مؤخرا عن اليونيسكو.

وهذا التصرف ليس غريبا ًعلى حكومة الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيها الذين لا تتوقف اعتداءاتهم على المقدسات الدينية للفلسطينيين من أجل تهويدها ونسبها لهم ولتاريخهم وتراثهم المزعوم، وبحماية من جيش الاحتلال، فهم يسابقون الزمن من أجل السيطرة على كل هذه المواقع، تارة بحجة أنها تعود لهم أو أنها بنيت على مواقعهم الدينية، وتارة من أجل استفزاز الفلسطينيين مسيحيين ومسلمين، وقهرهم وإذلالهم ومحاولة طردهم وطمس هويتهم وتراثهم وانتزاع كل ما يربطهم بهذه الأرض.

وهذا بالفعل ما كان عندما أقدم مجموعة من المستوطنين قبل أيام على حرق أجزاء من الكنيسة المعمدانية في شارع الأنبياء بالقدس الغربية، وكانت الكنيسة تعرضت لتهديدات وتقدم المسؤولون فيها بشكوى للشرطة .وسبق أن تعرضت الكنيسة إلى اعتداء مماثل قبل سنوات .‏

واليوم أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية وفا أن 600 متدين من المتطرفين اليهود دخلوا، الليلة الماضية، إلى قبر يوسف في نابلس لأداء الصلوات التلمودية، حسبما قالت مصادر في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وكان العشرات من سكان المنطقة قد رشقوا المصلين والجيش بالحجارة إلا أن الجيش قام بإطلاق الغاز المسيل للدموع باتجاههم، ناهيك عن الاعتداءات المستمرة بحق المسجد الأقصى والتهديدات غير المتوقفة باقتحامه من قبل المستوطنين المتطرفين.

لذا فنحن نشد على يد اليونسكو ونؤيد موقفها ونأمل أن لا يكون موقف عابراً، ونطالب من كل المجتمع الدولي أن يؤيدها ويؤازرها في قرارها وأن يتخذ خطوات مماثلة من أجل الوقوف في وجه العنصرية الإسرائيلية التي تستهدف الهوية العربية الفلسطينية في كل الأرض الفلسطينية المحتلة، كما يجب الوقوف في وجه الممارسات العدوانية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته الإسلامية والمسيحية، وحماية الحريات الدينية وحرية ممارسة العبادة.

http://www.miftah.org