قبل أن نحلم بفلسطين حرة..
بقلم: نداء ابراهيم لمفتاح
2010/12/13

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12212

لم تشهد الستون عاما الماضية ولادة فكر حقيقي جديد أو أيديولوجيا فلسطينية خالصة، بل ربما لم يحصل ذلك خلال فترة أطول من تلك! لكن ذلك أبعد من فكرة هذا المقال.

وكي لا يشعر بعض القراء بالنفور من قول كهذا، من المهم تعريف الأيديولوجيا. وهي القاعدة التمهيدية التي يرتكز عليها السياسيّ، إن أراد أن يكون سياسيا بحق. للعلم كلمة سياسيّ بالإنجليزية "Political" مشتقة من كلمة "Polis" والتي تعني "المدينة الدولة" التي أسسها الإغريق في القرن السابع قبل الميلاد. وأسست "Polis" نواة للديموقراطية وانتماء المواطنين للمصلحة العامة.

إذاً تصبح الأيديولوجيا هي مجموعة المبادئ التي تهدُف إلى التجنيد الاستراتيجي لمجموعة من الناس بقصد تحقيق أهداف واضحة محددة.

وعلى هذا النحو، يبدو واضحا أن السياسة هي عالم من الأفعال والمبادرات والحشد والتجنيد وليست عالما من اللاوعي، ولا مجال فيها لرد الفعل الأوتوماتيكي أو العاطفي أو اللامدروس، ذلك أن رد الفعل التلقائي هذا تسيطر عليه مشاعر عدة بينها نزعة البقاء، والخوف الأعمى. لذا تصبح مهمّة السياسيّ هي تنفيذ الرؤية المستقبلية، فيما يكون دور الأيديولوجيا هو النظر للمستقبل وخلق الرؤى لما يمكن أن يكون عليه مستقبل الناس.

وبعد فهم ذلك يصبح مهما معرفة كيفية تطبيقه على الحالة الفلسطينية. فمشكلة فلسطين هي في ضعف الإيمان بها وبمستقبلها، وهذا ينبع من غياب الإيديولوجية التي تعرّف ذلك المستقبل. والفلسطيني كغيره من البشر لا يبحث عن حب البقاء فحسب، ولا يكفيه الصراع من أجله. فالبقاء مهم لكن السعي للتقدم والتطور من أجل مستقبل مشرق ومزدهر هو بذات الأهمية لديه أيضا.

وفي هذا السياق، تبرز فكرة التجمع والحشد كإحدى أهم الخطوات التي تحتاج للمراجعة، وهو ارتباط مجموعة من البشر بصلات مشتركة ليست بالضرورة دينية أو اجتماعية تجعل منهم وحدة سياسية يعمل الفرد في خدمة الكل ويكون الكل فيها في خدمة الفرد، وهو الأهم.

ضعف الإيمان بفلسطين المستقبلية يؤثر على نفسية أبنائها وروحهم واتجاهاتهم. ومن هنا يصبح ملحا أن يعرف الفلسطيني إلى أين هو ذاهب.

كيف ستكون أُمته عندما تتحرر؟ وماذا ستعني لمواطنيها؟ أستكون ديموقراطية؟ هل سيكون حكمها صالحا؟ هل ستكون للنساء فيها حقوق متساوية؟ هل ستكون علمانية؟ أستكون متطورة علميا ومتقدمة؟ هل ستكون جميلة؟ أو ستُحكم حكما ثيوقراطيا شموليا يسيطر على حياة مواطنيها وحرياتهم؟ أم ستكون أمة ضعيفة وفاسدة يحكمها ديكتاتور؟

هذه التساؤلات تطلب الإجابة، وقبلها التفكير والتأمل الكثير. هذا قبل أن نحلم بفلسطين حرة..

نداء ابراهيم هي كاتبة في دائرة الإعلام والمعلومات في المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية-مفتاح. يمكن الاتصال بها عن طريق البريد الالكتروني:mid@miftah.org

http://www.miftah.org