وكأن المصالحة كانت قريبة!
بقلم: نداء ابراهيم لمفتاح
2010/12/23

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12242

في ظل تصعيد إعلامي ارتفعت وتيرته في الأسابيع الماضية، عادت أجهزة السلطة في رام الله وقادة حركة حماس في غزة إلى لغة الاتهامات المتبادلة من جديد.

هذه المرة، كان ملف الاعتقالات السياسية هو بطل الأحداث وموضع الخلاف الذي ظهر عبر وسائل إعلام عدة. ما استدعى الناطق باسم المؤسسة الأمنية اللواء عدنان الضميري أمس إلى عقد مؤتمر صحفي في رام الله للرد على بيانات وتصريحات ومؤتمرات صحفية عقدتها حماس مؤخرا.

الضميري قال إن حملة التحريض التي يشنها قادة حماس في غزة وسوريا ضد السلطة ومنتسبي الأجهزة الأمنية تهدف للمساس بالأمن الداخلي. منتقدا "لغة التكفير والتخوين" التي قال إنها تدمر المصالحة، ولم ينفِ الضميري وجود تجاوزات "فردية" لكنه أكد أن أوضاع معتقلي حماس الذين زارهم قبل يومين جيدة للغاية.

وكانت حركة حماس المسيطرة على قطاع غزة قالت إن المعتقلين في سجون السلطة يعانون أوضاعا إنسانية صعبة مشيرة إلى أن المطا لب الأخيرة التي استجابت لها السلطة مؤخرا لمن أسمتهم بالمختطفين (بينها نقل المعتقلين إلى سجون قريبة لمساكنهم) غير كافية.

هذه الموجة الجديدة من التصعيد الإعلامي لم تكن مفاجئة، فعادة ما تعقب أحاديث عن قرب المصالحة، تلاسنات بين الطرفين الكبيرين فتح وحماس. حماس كانت هدّأت هجومها اللاذع ومصطلحاتها المثيرة للجدل منذ فترة، وكذلك فتح لكن الحركتين عادتا اليوم لاستخدام تعبيرات كـ "التيار الخائن" و"الانقلابيين".

كما أن الهدوء الذي ساد بين الطرفين تفجر بعد ما ألقت الأجهزة الأمنية القبض على شبكة مسلحة تابعة لحماس في نابلس قيل إنها خططت لاغتيال محافظ نابلس جبرين البكري.

الجديد في ذلك كله إذا ليس موضوعه، بل توقيته، كونه يتزامن مع وضع فلسطيني مشحون. فالرئيس محمود عباس مثقل بملف المفاوضات الذي لا يبارح مكانه، وخياراته التي عطلت أمريكا إحداها بتلويحها بـ"الفيتو" أمام أي قرار بالاعتراف بفلسطين في مجلس الأمن.

وحركة حماس تحاول معالجة قضاياها الداخلية التي تشهد تعقيدات، إذ سربت وسائل الإعلام معلومات بشأن خلافات داخل الحركة وحكومتها المقالة بينها ملف صفقة تبادل الأسرى. تقارير إسرائيلية أفادت بأن مكانة رئيس المقالة اسماعيل هنية ووزير خارجيتها السابق محمود الزهار تراجعت لصالح الشخصين الأكثر تطرفا بحركة حماس وهما وزير الداخلية فتحي حماد والقائد العسكري لكتائب القسام أحمد الجعبري.

كما أن هذا التصعيد الداخلي يأتي في وقت تتصاعد فيه التخوف من حرب إسرائيلية محتملة على القطاع كتلك التي شهدها قبل عامين.

حماس أكدت اليوم الشكوك بإمكانية تعطل الحوار وذلك عبر نائبها في التشريعي يحيى موسى الذي قال إن حركته لن تجلس على طاولة الحوار مع فتح ما دام أبناؤها في السجون. والمخرج لهذه القضية أعلنه القيادي في الحركة موسى أبو مرزوق: "قد نطرح ملف المعتقلين لدى السلطة على "قوائم صفقة تبادل الأسرى مع شاليط" إن بقيت الأبواب مغلقة أمام أي حل".

وخطورة هذه المعادلة الجديدة تتمثل في أنها ستدخل الطرفين الفلسطينيين كأعداء ضد بعضهما وضد عدو عندما قرر التخطيط والقتل والتهويد لم يميز بين أي منهما.

يكاد يجزم الكثيرون أن المصالحة ليست في خطر، ذلك أن تلك السفينة لم تكن على مقربة من الرسو في مينائها أصلا. وقد يؤكد البعض أنها لم تعد أولوية، فالطرفان اعتادا على إيجاد المخارج لاقتتالهما.

لكن يبقى ما قاله الضميري بشأن "أخذ تهديدات حماس على محمل الجد" مقلقا، فهو ورغم نفيه رفع وتيرة الاستعداد الأمني في الضفة قال: "الانقلاب في غزة علّمنا بأن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين"، ما يعني أن الطاولة يمكن أن تنقلب عدة مرات أخرى في وجوهنا. نحن الذين اعتقدنا بأننا في حالة من السوء ليس بعدها سوءا.

نداء ابراهيم هي كاتبة في دائرة الإعلام والمعلومات في المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية-مفتاح. يمكن الاتصال بها عن طريق البريد الالكتروني:mid@miftah.org

http://www.miftah.org