الطريق إلى أيلول
بقلم: نداء ابراهيم لمفتاح
2011/2/14

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12381

وكأن عام الحسم أبى إلا أن يكون كذلك، وما قرار منظمة التحرير بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية تضاف إلى تلك البلدية التي ستجرى في تموز، إلا حملا إضافيا على أيلول الذي تعلق عليه كثير من الآمال. ما يزال الفلسطينيون يأملون بتحقيق استحقاقات ثلاثة تتمثل باستكمال عملية بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، وإعلان الولايات المتحدة واللجنة الرباعية انتهاء المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية (المتوقفة حاليا)، وما جاء في خطاب الرئيس الأميركي أنه إذا ما تم التوصل لاتفاق سلام، فيمكن أن "نوقع اتفاقية تؤدي إلى دخول عضو جديد في الأمم المتحدة- دولة فلسطين المستقلة".

وقد يكون الأهم من تلك المتطلبات الدولية هو الوضع الداخلي الفلسطيني، والقدرة على معالجة الوضع الحالي التي آلت بالنظام السياسي الفلسطيني إلى حالة تأزمه الواضحة، عبر الخروج باستراتيجيات أساسها الأهداف والبرنامج الوطنية.

ولم يعد خافيا على أحد أن الطريق التي تسير عليها أو بالأحرى "تتوقف" عندها الحالة السياسية الفلسطينية الراهنة هي مسدودة الأفق والرؤيا. ليس فقط لأن الانقسام الداخلي يضعف موقفنا التفاوضي أمام حكومة يمينية، بل لأنه ليس من المعقول أن نظل في حالة تآكل الشرعيات الوطنية الراهنة في الوقت الذي ننتظر فيه استحقاقات دولية هامة يمكن أن تُفشل لهذا السبب. كما أن سلب المواطنين حقهم الدستوري في انتخاب ممثليهم وتجديد الدم في نظامهم، وما يرتبط بذلك من تعطيل الحياة السياسية وغياب المجلس التشريعي، يهلك الديمقراطية الفلسطينية ويهدد النظام السياسي الفلسطيني بشكله الحالي بالتآكل.

لكن رفض حركة حماس للانتخابات على أساس ما قال ناطقوها إنه "عدم شرعية" الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء المكلّف سلام فياض لاتخاذ قرار كهذا، يلقي بثقله على تلك الانتخابات التي لا يراد لها أن تكون شكلية غير ممثِلة. كما أن مبرر عدم الشرعيات يدخلنا أيضا في دوامة تآكل الشرعيات الوطنية، فمن سيتخذ هذا القرار إذا في ظل حالة تعطل الحوار الوطني الراهنة؟ سيّما ما أعلنه رئيس مكتب حماس السياسي خالد مشعل قبل أيام "باستبعاده" قرب المصالحة الوطنية. أي حوار ذلك الذي سيعطل أهم أسس الديمقراطية، ويمنع الناخب من ممارسة حقه الدستوري؟

سئم الناس تلك الحوارات غير المجدية، ولم يستغنوا عن مطالبهم بالوحدة. وفي إطار أحد الشعارات التي استعارها الفلسطينيون من الثورة المصرية بقولهم: "الانقسام يريد إنهاء الشعب"، سيخرج المواطنون في مسيرة الخميس المقبل تدعو للوحدة وتقول "كفى" للانقسام.

وبغض النظر عن رضا بعض الأطراف بالوضع القائم، إما لكونه ملائما لأجندتها الحزبية أو لعدم جاهزية أطراف أخرى لمواجهة البديل، يتشكل موقف فلسطيني عام بأن الانتخابات لا تحمل الحل السحري للأزمة الراهنة، وأن الدعوة لإستراتيجية وطنية مستقبلية هو الأهم من تغييرات شكلية هنا أو هناك.

وفيما تحاول تصريحات ربط قرار إجراء الانتخابات وتكليف الرئيس محمود عباس رئيس الوزراء المكلّف سلام فياض بإعادة تشكيل حكومة جديدة، بما يجري في الدول العربية من نجاح الثورتين التونسية والمصرية في إسقاط نظام حكمهم، وسعي مواطني دول عربية أخرى لذلك، لا بد من الإشارة إلى أن هذا القرار لم يكن مفاجئا من حيث المضمون.

ربما من حيث التوقيت، فليس من السذاجة أيضا القول بأننا فلسطينيا مرتبطون بما تشهده الميادين العربية من حراك جدي مطالبٍ بالتغيير. وداخليا، شابت تصريحات الساسة الفلسطينيين دلائل على إدراكهم الفجوة الكبيرة بين الشعب وقيادته، ما يدلل على أن الساسة الفلسطينيين أدركوا أن هناك كثيرا مما يمكن تعلمه مما يجري عربيا.

إذاً الطريق إلى أيلول ليست بعيدة، لكن الاستعداد لمتطلباتها يتطلب الكثير من العمل، فمن السهل الإشارة –خاصة إسرائيليا- إلى نقاط ضعفنا، ما يمكن أن يفشل أي محاولات دولية للتضامن مع القضية الفلسطينية على الساحة الدولية. عربيا، أهم ما قالته الأيام الماضية: ليقل الشعب كلمته ويتحمل نتائج اختياراته.

نداء ابراهيم هي كاتبة في دائرة الإعلام والمعلومات في المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية-مفتاح. يمكن الاتصال بها عن طريق البريد الالكتروني:mid@miftah.org

http://www.miftah.org