هل كان 15 آذار بمستوى التوقعات؟
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2011/3/16

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12463

وكان بالأمس حراك الخامس عشر من آذار بعد أسابيع من التحضير والدعوة للحشد والاعتصام في كل مدن الضفة الغربية وفي قطاع غزة، حراك يعبر عن توق مئات المشاركين الذين لبوا الدعوة وانضموا للحشود تحت شعار "الشعب يريد إنهاء الانقسام" إنهاء هذا الانقسام فعلا، لكن هذه الدعوة التي أطلقتها مجموعة من الشباب ولاقت الكثير من التأييد من قبل مختلف فئات المجتمع، لم تخلُ من الفوضى والارتباك بل وحتى من الشعارات الحزبية، لتطيح بتوقعات وآمال المتظاهرين.

في رام الله لم يرفع سوى العلم الفلسطيني، فيما ارتفعت الإعلام الخضراء في غزة، تلاها اعتداءات على المتظاهرين في ساحة الكتيبة، وبالتالي كان ما حدث إقصاء ورفض للآخر وهو ما حدث في اليوم الذي من المفترض أن يكون يوماً للمطالبة بالحرية وإنهاء الانقسام والاحتلال، فنعود كما كنا شعب منقسم على نفسه.

المؤسف هو ما يجري عادة لدينا كفلسطينيين من تبني إنجازات الآخرين، حيث لا يفوت قادة الفصائل وعلى شاشات التلفاز تجيير هذه المبادرات والإنجازات الشبابية لصالح فصائلهم، ما أخرج الشباب الذي بادر إلى هذا التحرك وكذلك المواطن العادي المستقل من حلبة الاعتصام والتي كان من المفترض أن تخلو من أية شعارات فصائلية أو حزبية، لكن هذا لم يحدث بل سمعنا – وللأسف- عدداً من الشعارات والتي تعيدنا إلى مربع الاختلاف والانقسام وتحميل اللوم للطرف الآخر، في وقت يدعو فيه كل طرف من طرفي الانقسام إلى إنهائه دون أن يوضح على أي أساس ووفق أي برنامج.

وبالتالي من حق المواطن العادي أن يسأل: على أي أساس ستتم المصالحة؟، هل على أساس ما هو قائم حتى الآن ومعالجة جذور الأزمة السياسية، أم من خلال إلغاء كافة الاتفاقات السابقة بما فيها أوسلو، أم على برنامج تبني المقاومة كما يطالب البعض بذلك ويدعو إليه؟، أم على أساس انتخابات لمجلس وطني جديد، كما هتف بذلك المتظاهرون في المنارة وسط رام الله؟، وهل ستكون دعوة الرئيس عباس لرئيس الحكومة المقال إسماعيل هنية لملاقاته على حاجز ايريز أول استجابة لمطالب المصالحة؟.

إن وجود سلطتين في كل من الضفة وغزة، بصورة متفردة تُذيب الفصائل الأخرى، وتٌبقي لها دوراً هامشياً، ناهيك عن المستقلين الذين تتضاءل مكانتهم ويضمحل دورهم نتيجة لهذه الهيمنة، بينما يفترض أن يأخذ هؤلاء زمام الأمور لقيادة هذه الحركة الداعية لإنهاء الانقسام بعيداً عن أي شعارات حزبية وفئوية.

إن مسؤولية إنهاء الانقسام لا تقع فقط على عاتق القيادات في فتح وحماس، ولا على عاتق المنتمين للحركتين وإنما على عاتق الشعب الفلسطيني كله، المنتمي لفلسطين ولقضيته الوطنية وليس لفصيله أو حزبه فقط.

والسؤال المطروح الآن: هل سيواصل الشباب اعتصامهم وإضرابهم عن الطعام على دوار المنارة في رام الله؟ وإلى متى؟ وماذا عن اعتصامات هؤلاء الشباب في قطاع غزة؟ وهل ستتدخل القوى والأجهزة الأمنية لفض هذه الاعتصامات وانهائها؟ هل ستشكل المظاهرات التي جرت أمس في الضفة الغربية وفي قطاع غزة أول الغيث الذي سينهي الانقسام؟.

من المهم أن يحمي الشباب ثورتهم وأن لا يسمحوا لأحد بسرقتها أو إخراجها عن طريقها الصحيح، فما جرى بالأمس من تحييد وتحزيب للتظاهرات، كفيل بإفشال جهد أسابيع وشهور من عمل الشباب، فالتشويش والفوضى كانت كفيلة بانسحاب الكثير من المشاركين الذين جاؤوا بآمال كبيرة اصطدمت بجدار الفوضى والعشوائية.

دعوتي أن لا يناط نجاح هذا الحراك بتحقق الوحدة، ليس فقط لأن موضوع الوحدة بحاجة إلى أكثر من ضغط جماهيري وشعبي ، بل هو بحاجة لإرادة سياسية من كل من قيادات فتح وحماس، كما أن مثل هذه الاعتصامات والتظاهرات والدعوات مطلوبة وضرورية لإثبات رفض الشعب لما آلت إليه قضيتنا الوطنية الفلسطينية، ويجب أن تستمر حتى لا تتبلد مشاعرنا تجاه أنفسنا وتجاه بعضنا وتجاه من ضيعوا قضيتنا وغيبوها.

آلآء كراجة هي كاتبة في دائرة الإعلام والمعلومات في المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية-مفتاح. يمكن الاتصال بها عن طريق البريد الالكتروني:mid@miftah.org

http://www.miftah.org