المصالحة الوطنية...هل يحق لنا التفاؤل؟.
بقلم: آلآء كراجة
2011/5/5

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12623

رياح التغيير التي اجتاحت الدول العربية وكان وقودوها الثورات العربية التي انتفض مواطنوها على جلاديهم، أتت بالتغير إلى الساحة الفلسطينية، فلم يكن يوم أمس الرابع من أيار هذا العام يوماً كباقي الأيام، بل انضم إلى سلسة من الأيام التي كانت شاهدة على الاتفاقات الفلسطينية الفلسطينية، فهل سينضم إليها إذا ما فُض الاتفاق، أم سيتميز عنها؟.

لكنه على كل حال يوما سيسجله التاريخ، لأنه نقطة تحول مفصلية حملت معها الصلح والتسامح والعفو بعد أربع سنوات من الانقسام بين فتح وحماس حيث وقع الطرفان بالأمس في القاهرة اتفاق المصالحة وبحضور حشد من الشخصيات والمسؤولين وغيرهم.

فرح عارم عم أرجاء الوطن في الضفة وقطاع غزة، في الداخل الفلسطيني وفي المهجر والشتات، وخطوط حمراء بين الفصيلين كان لا يمكن تجاوزها في السابق تم قطعها بالأمس، صور لعناق بين أفراد الفصيلين كنا قد أوشكنا أن ننساها، بعد أن ظنناها حلماً صعب المنال، لكن الأحلام أصبحت حقيقة مع بداية هذا العام الذي قلبت به كل الموازين وحدثت فيه كل المعجزات التي ما كانت من الممكن أن تتحول إلى حقيقة، بعد أن كانت مجرد أحلاماً جميلة تراود الجميع.

لكن البعض الآخر ما زال خائفاً من أن يفرح، ومازال متردداً أن يُصدق، وربما هم معذورون في ذلك؟ فكم فرحنا..ولم تجد فرحتنا لها "مطرح"!، فلكم رأيناهم يتصافحون ويوقعون؟، لكننا في كل الأحوال نريد أن نتفاءل، بعد ليل طويل من الضياع والتشتت الذي أرخى سدوله علينا وعلى قضيتنا، تماماً كما قال الشاعر وليلٍ كموجِ البحرِ أرخى سدولَه..عليَّ بأنواعِ الهمومِ ليبتلي، نعم نريد أن نرى صبح الوحدة والحرية، ولا نريد أن نضع أيدينا على قلوبنا، ونقول "الله يستر من هالفرحة"، التي عكر صفوها التهديادات التي ما تنفك تطلقها دولة الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية، سواء بعدم تحويل إسرائيل لمخصصات الضرائب المستردة إلى السلطة الوطنية، أو بوقف المساعدات الأمريكية لأي قيادة تشارك فيها حماس -التي لا تعترف بإسرائيل-، سيناريو أعاد غالى الأذهان أيام التقشف العصيبة التي عاشتها الحكومة بسبب انقطاع رواتب الموظفين، لكن كلمة الرئيس محمود عباس بالأمس أظهرت ثبات الموقف الفلسطيني في وجه كل الضغوط، فيما شمل حديث مشعل نقاط مشتركة تتقاطع مع الرؤى الفتحاوية، ومواقف السلطة الفلسطينية، لكن السؤال لكن إلى أي مدى من الممكن أن نصمد وما هي الخيارات والبدائل؟.

الواضح أن الطرفان قد استُنفذا تماماً كما استُنفذ الشعب طيلة الفترة المنصرفة، وخاصة بعد أن اصطدمت المفاوضات بجدار التعنت الإسرائيلي، الذي لم يترك مجالا ً للسلام ولا للمقاومة بأنواعها، لذا فلم يجدا سبيلاً للخلاص إلا بعضهما في وجه هذا الجمود السياسي مع هذه الحكومة اليمينية المتطرفة المتنفعة من جراء الانقسام، ناهيك عن أن اختلال موازين القوى في المنطقة لعب دورا ًبارزاً في هذه تهيئة الظروف لهذا الاتفاق.

الطريق ما تزال طويلة، وهذه أول خطوة على طريق تجاوز العقبات التي خلفتها 4 سنوات من الانقسام والمهاترات والمماحاكات السياسية والإعلامية، وعلى الجميع أن يضع نصب عينيه المصلحة الوطنية والترفع عن المصالح الفئوية والحزبية الضيقة،فهل نملك النوايا الحسنة والجهد المطلوب لإنجاز ما نريد إنجازه في الوصول إلى المصالحة النهائية وإجراء الانتخابات وإعادة تنظيم حياتنا ومؤسساتها التي تعطلت في معظمها بسبب الانقسام، ومن ثم تشكيل قيادة يجتمع خلفها الشعب بأكمله من أجل بناء الدولة ومواجهة الاحتلال، وقيادته التي تعد العدة للرد على اتفاقنا، وللبحث في كيفية عقابنا.

في الختام لابد من الإشارة إلى الدور المصري بحلته الجديدة بعد نجاح ثورة 25 يناير، والذي يُحسب له احتضان هذا الصُلح، الذي جاء نتاجاً لعملية مخاض عاشتها مصر وتعيشها معظم الدول العربية، فهل ستحمل رياح التغيير معها أي مفاجآت أخرى؟.

http://www.miftah.org