في الخبز..القانون يحمي المغفلين والمخطئين!
بقلم: آلآء كراجة
2011/5/30

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12694

مازال موضوع "الخبز المسرطن" يطغى على أحاديث المواطنين، بعد أن أغلقت محافظة رام الله والبيرة الأسبوع الماضي أربعة مخابز أكتشف أنها كانت تستخدم مادة برومات البوتاسيوم في مخابزها، وهي مواد تتسبب في سرطانات مختلفة وغيرها من الأمراض الخطيرة.

ومن منا لا يأكل مواداً مصنعة تحتوي على كثير من الصبغات والألوان والمواد غير المفيدة أو الضارة أو أن كثرتها قد تكون مسرطنة؟، لكننا نعلم بضررها وندرك أننا لا نأكلها كل يوم ولا على كل وجبة كما نفعل مع الخبز وكما يفعل الكثيرون، وهذه هي المصيبة الكبرى.

ومنذ متى وهذه المخابز تستخدم هذه المادة -التي لا نعرف بعد معلومات دقيقة وتفصيلية عن ضررها- ؟ فإذا كانت المدة تعود لسنوات فهذه مصيبة، ولماذا لم تتابعها الجهات المعنية بشكل دوري؟

وهل استخدم الخبازون تلك مع معرفتهم المسبقة بأنها مسرطنة، أم لا؟ وهل أخذت الأمور من سياقها وهناك تضخيم ومبالغة من قبل الإعلام، دون بحث واستناد على معلومات علمية حقيقية أم أن القضية أخطر من ذلك لم تعط بعد حجمها وبعدها الحقيقي؟ هذه التساؤلات أجاب عنها وزير الاقتصاد الوطني د.حسن أبو لبدة في مؤتمر عقد اليوم 30 أيار في مركز الإعلام الحكومي في رام الله، حيث سارع إلى طمأنة المواطنين أن هذه المادة لم تستخدم في الخبز الأبيض الذي يعتمد عليه 95% من المواطنين، الذين تحولوا إلى استبدال الكعك بالخبز، وأن ثلاثة مخابز تستخدمها والرابع وُجدت فيها المادة فحسب، وأن منهم من يعلم بضررها ومنهم من لا يعلم.

وحول المدة التي تم استخدام هذه المادة خلالها، أشار د.أبو لبدة إلى عدم وجود إحصاءات أو تاريخ حقيقة وواضحة إلى متى يعود استخدامها، لكنه أكد أنها ممنوعة منذ عام 1997، ورغم أن هناك رقابة دورية ومستمرة لكنه اعترف بعدم نجاعتها وأنه من غير الممكن أـن تكون يومية.

وكما نتمنى جميعا ً أن يأخذ القانون مجراه لمعاقبة هؤلاء المجرمين على ما اقترفت أيديهم وأطعمتنا وأبناءنا سماً يعلم الله وحده كيف سيترك أثره عليهم سواءً أفعلوا ذلك عن سبق إصرار أم بجهل وإهمال غير مغفور، لكن وللأسف وكما أشار الكاتب فراس عبيد اليوم في مقاله عن الثغرة القانونية التي ستسمح لهؤلاء بالإفلات من العقاب "إذ أن هناك مشكلة إجرائية وقانونية تجعل وزارة الصحة عاجزة حاليا عن إدانة هؤلاء المجرمين، فالوزارة لم تعدّ لائحة شاملة بأسماء المواد المسرطنة والخطيرة والممنوعة دوليا، ولم تقم بإرسال تلك اللائحة إلى أصحاب المخابز وتوقيعهم على استلامها وفق الأصول، وهو ما سيشكّل مدخلا قانونيا متكاملا لتوجيه لائحة اتهام لهم من قبل النيابة العامة، ويمهد لإصدار أحكام قضائية قاسية عليهم بالسجن وبالغرامة الخ.."*.

فلماذا لم تضع وزارة الصحة أو الجهة المعنية تلك القائمة التي يٌحظر فيها استخدام مثل تلك المادة الممنوعة دولياً، وهذا ما أكده د.حسن أبو لبدة الذي اعترف بالتقصير بالقيام بحملات توعية حول هذه المادة.

القانون لا يحمي المغفلين، لكن العكس هو ما يحصل لذا لا يجب الوقوف عند ذلك، والسماح لهؤلاء المذنبين أو المتغافلين بالإفلات من المحاسبة، من ثم "ترك الحبل على الغارب" كما يُقال -في المجتمع-، كما يجب الإسراع في تعديل قانون العقوبات الخالي من العقوبات الرادعة لكل من تسول له نفسه تحقيق الربح السريع على حساب صحة المواطنين الغافلين، فلا يضره في المقابل دفع الغرامات التافهة ك20 أو 50 دينار.

وعلى الرغم من التقدير لمحافظة رام الله والبيرة على هذه الرقابة المطلوبة وهذه المصداقية في المكاشفة، إلا أنه لا بد وأن يصاحبها بعض السخط على الطرفين سواءً الخبازين والمسؤولين عنهم، وعندها نطرح السؤال المعهود لماذا ننتظر دائماً وقع المصاب حتى نغير ما فينا من عيوب وأخطاء، لماذا لا توجد فحوصات دورية وأخرى مفاجئة للكشف عن مثل هذه التجاوزات التي تعدو كونها ذلك فهي تصل إلى حد الجرائم. ومن يستمع إلى أحاديث الناس وغضبهم وحزنهم يدرك مدى تخوفهم من كشف المزيد من المواد الغريبة في غذائنا سواءً أمعروفٌ ضررها أم لا، ومن الخوف أن تطال هذه المواد باقي الحاجات الأساسية في أكلنا وأكل أطفالنا كالحليب أو الملح أو السكر أو غيرها من المواد التي تستهلك يومياً، بعد أن كنا نخاف اللحوم والتمور الفاسدة، ونمتنع عن بضائع المستوطنات. وبعد كل ذلك كيف للمواطن أن ينام بعد أصبح الغش في كل مكان!. نشكر المحافظة على متابعة هذا العمل الذي يعتبر من واجبات وزارة الصحة أيضاً والتموين جمعية حماية المستهلك ووزارة الصحة ووزارة الزراعة ووزارة الاقتصاد الوطني، وغيرها من الجهات المسؤولية وصاخبة الاختصاص، ونؤكد على أهمية فرض الأمن الغذائي والتعاون والتنسيق بين الجهات المعنية وتحمل كل منها المسؤولية وعدم التنصل منها وإلقائها على الآخر. وعلى المخابز أن تتحرى الأخلاق والصدق والأمانة سواء من أقدموا على هذه الفعلة أو من علموا بأن غيرهم يفعل ذلك وظل ساكتاً.

http://www.miftah.org