المصالحة..أمام تحدي أيلول.
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2011/6/15

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12747

المصالحة المشتقة من الصُلح تعني العفو والصفح، فكما يٌقال "عفا الله عم سلف"، لكن المصالحة في الحالة الفلسطينية لا تتطلب المغفرة ونسيان الماضي فحسب، بل تقتضي البحث والتواصل في الحاضر من أجل المستقبل، لذا فنجاحها واستمرارها منوط بتقديم التنازلات من أجل إنهاء الخلافات العالقة، ومن ثم قيادة المركبة الفلسطينية المتوقفة منذ أربع سنوات إلى بر الأمان والاستقرار، لذا فالفكرة ليست فالاتفاق المجرد بل بتنفيذ هذا الاتفاق وهنا مربط الفرس، أو العقدة التي يجب تجاوزها حتى يسمى الاتفاق اتفاقاً، وليس تصالحاً تتصافى فيه النفوس فيذهب بعده كل في شأنه.

لذا لابد للاتفاق من أن يجد طريقه للتنفيذ ما دمنا اتفقنا على تحقيق المصالح العليا التي ينشدها وينادي بها كلا الطرفان (فتح وحماس) رغم اعتقاد كل منها أن طريقته هي الأصح لتحقيق الأحلام الوطنية المتمثلة بإنهاء الاحتلال والوصول إلى الحرية وحق تقرير المصير التي يحلم بها الشعب الفلسطيني، لكن هذا يتطلب من الجهتين الترفع عن المصالح الفئوية وشخصنه الأمور، وتقديم التنازلات من أجل الوصول إلى تسويات، حتى لا ينضم اتفاق المصالحة الفلسطينية الأخير الذي وُقّع في القاهرة قبل أسابيع، إلى ما سبقه من الاتفاقات السابقة التي تحولت لمجرد حبر على ورق أُرشف في أدراج ملف الانقسام الفلسطيني.

ومن الواضح بعد جولات الشد والجذب أن هناك بعض الاختلافات والخلافات، الأولى طبيعة ومقبولة والثانية ليست كذلك وليس من المفترض أن تكون بعد أن تم إعلان المصالحة، وبعض الخلافات هذه موجودة في حماس نفسها، وبعضها مع فتح وأهمها الجدل القائم داخل حماس حول إسناد منصب رئاسة حكومة الوحدة لسلام فياض بين مؤيد له وهو الذي أعلن عن خطة بناء المؤسسات من أجل إعلان الدولة في العام 2011، وبين معارض لشخصه الذي يراه د. صلاح البردويل أنه "أساء للشعب الفلسطيني على المستوى الأمني والاجتماعي والفصل الوظيفي والاعتقالات السياسية، وأغرق الشعب في ديونٍ أثقلت كاهله".

وقد رد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس وفد الحركة للحوار عزام الأحمد و على سؤال حول صحة الأنباء التي ترددت عن استبعاد سلام فياض كمرشح لمنصب رئيس الوزراء، قائلاً: "لا نريد الحديث عن استبعاد، ولكن اتفقنا على أن يكون هناك توافق في هذا الموضوع، وحتى الآن التوافق لم يتم"، فهل ستتنازل فتح عن مرشحها الذي أكد في حديثه الذي أوردته الصحافة اليوم بأنه لا يفرض نفسه على أحد أو الاختيار سيكون بالتوافق؟

وفي كل الأحوال وبعيداً عن إيجابيات فياض أو سلبياته لابد من النظر إلى احتياجات المرحلة الراهنة، من أجل تحقيق المصلحة الوطنية التي تأتي فوق كل الاعتبارات الشخصية، وهذا هو الهدف المشترك الذي على الطرفين أن يضعاه نصب أعينهم، خاصة في هذا الوقت الذي يتطلب توحيد الجهود وحشدها من أجل الذهاب إلى الأمم المتحدة في أيلول القادم لإعلان الدولة الفلسطينية، وضرورة التحضر للتسونامي الإسرائيلي الذي يسعى لإجهاض هذا التوجه، وهذا ما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالأمس حيث أكد أن هناك حاجة لإقناع 30 دولة وربما 50 دولة بمعارضة الاعتراف بدولة فلسطينية بشكل أحادي الجانب، حسب قوله، وهذا ما يسعى إليه نتنياهو الذي يقوم بجولات وصولات في العواصم الأوروبية وغيرها من أجل هذا الهدف.

لذا لابد من ترتيب البيت الفلسطيني من أجل التفرغ لمواجهة ما يترتب على هذه الخطوة الإستراتيجية من تبعات ومن ردود فعل إسرائيلية ودولية وعربية في حال نجاحها أو فشلها على حد سواء، فالوقت ليس في صالحنا، ويجب النظر بجدية لهذه الخطوة التي توصف بالمقاومة الدبلوماسية، والتحضير لها ومعرفة كل الثغرات والتبعات القانونية اللازمة، وهذا بالطبع يتطلب أن تكون الجهود الفلسطينية موحدة وليست كما يُقال في الشارع الفلسطيني "مصافحة وليست مصالحة".

http://www.miftah.org