قانون المقاطعة’.... لن يغير سلمية المقاومة.
بقلم: آلأء كراجة
2011/7/18

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12845

وسط حالة التخبط والارتباك التي تعيشها حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرفة على خلفية قرار القيادة الفلسطينية بانتزاع اعتراف بالدولة الفلسطينية من الأمم المتحدة في أيلول المقبل، وضمن سلسلة القوانين العنصرية وغير الديمقراطية أقر الكنيست الإسرائيلي "قانون المقاطعة" والقاضي بفرض عقوبات ضد الأشخاص أو المنظمات أو الجهات أو الشركات التي تفرض أو تدعو لمقاطعة المستوطنات الإسرائيلية والمنتجات الصادرة عنها أو عن "دولة إسرائيل"، والذي تم إقراره، الاثنين 11/7/2011.

مثل هذه الإجراءات تكشف عن مدى عنصرية هذا الكيان الذي يحارب حتى سبل المقاومة السلمية، التي ينتهجها الشعب الفلسطيني سواءً في الداخل (فلسطين 48)، أو في كل مكان في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي أعادت إحياء القضية الفلسطينية في العالم، وكشفت ممارسات دولة الاحتلال غير القانونية وغير الإنسانية، وعزلتها دولياً، فالحركة الوطنية الشعبية أنذرت إسرائيل بوجودنا وبتمسكنا بهذا الوطن، ومن الخطيئة إهمالها وعدم تطويرها.

فصمود الفصائل والمثقفين والمقاومة الشعبية متطلب أساسي، وهناك دائماً آفاقاً جديدة أمام النضال الوطني طالما أننا نعتمد أساليب لا عنفيه، ومن أهمها مواجهة الاستيطان الذي تسعى إسرائيل إلى تثبيته وحمايته وحماية المستوطنين من خلال هذا القانون خاصة بعد ما لاقت الحركة العالمية لمقاطعة منتجات الاستيطان وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل استجابة بل وتشجيعاً دولياً.

إن مثل هذه الخطوة المرفوضة شكلا ًوتفصيلاً تنم عن حالة العجز التي وصلت إليها حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، أمام خطوات المقاومة السلمية التي أتت أوكلها، فتركت آثاراً سياسية واقتصادية لطالما استهان بها الكثيرين الذين حاولوا تثبيط عزيمة من انتهجوا المقاومة وكسر إرادتهم، لكن حتى وإن كانت الخسائر الاقتصادية التي تتكبدها دولة الاحتلال من جراء مقاطعة بضائع المستوطنات أو غيرها لا تضعف اقتصادها القوي، إلا أن تراكمها كعملية مستديمة لابد وأن يترك أثاره عليها وعلى صورتها سياسياً ودوليا ً أمام العالم.

ولطالما انتهجت دولة الاحتلال الإسرائيلي العنف مع الفلسطينيين في كل زمان ومكان ومهما اختلفت وتعددت الظروف، بل ومهما تنوعت وأبرمت الاتفاقات والمعاهدات السلمية، وكانت تسعى دائما ً لجرنا إلى العنف لترد هي بالمقابل بأضعاف مضاعفة منه، وهذا ما يفسر حالة التخبط والارتباك الذي تعيشه أمام المقاومة السلمية فهي لا تعرف التعامل معها ولا تدري كيف تحتويها بل وكيف تجهضها في مهدها، لأنها تدرك تماماً أن صداها بدأ يصل إلى كل العالم، ليكشف بشاعة هذا الكيان المحتل وجرائمه، لذا فهي تحاصره في كل مكان وتحاول جاهدة وبكل ما أوتيت من قوة مواجهته تماماً كما فعلت مع أسطول الحرية 1 الذي حمل المتضامنين الدوليين الذي قدموا من شتى أنحاء العالم للتضامن وبشكل سلمي مع الفلسطينيين لرفع الحصار عن قطاع غزة، فقتلت من قتلت منهم وجرحت من جرحت.

هذه هي لغة "إسرائيل" الوحيدة، العنف، لكنها اليوم تسعى وبخبث مطلق لنقل هذا الصراع من ساحة المقاومة السياسية والدبلوماسية والشعبية إلى ساحة الملاحقة القانونية، بفرض سلسلة من العقوبات على كل من يفرض أو يدعو لمقاطعة المستوطنات والمنتجات الصادرة سواءً الأشخاص أو المنظمات أو الجهات أو الشركات.

"إسرائيل" التي تدعي كذباً أنها دولة العدالة والديمقراطية، تأتي اليوم لتقر مثل هذه القوانين والتي تمت المصادقة عليها بأغلبية 47 صوتاً من أعضاء الكنيست ليصبح ما يسمى قانون المقاطعة قانوناً نافذاً، ولم يكتف النواب بذلك فحسب بل وهددوا بتعديل قوانين ترشيح قضاة المحكمة العليا إن قامت المحكمة بمعارضة القانون، فيما وأعلنت منظمات أخرى أنها تخطط لفعل ذلك.

وهي بقانونها هذا تقدم على المساس بجوهر الحقوق والحريات الأساسية للإنسان والمواطن الذي تضمن له الأنظمة الديمقراطية حق الاحتجاج السلمي والتظاهر والتعبير عن الرأي، والمس بهذه الحقوق التي تعتبر من أهم مبادئ النظام الديمقراطي يعتبر خرقاً للقانون الدولي وكذلك القيم الإنسانية، فهي التي سرقت الأرض ومن ثم تأتي لتعاقب بالقانون كل من يحتج أو يعترض حتى ولو سلمياً، وتسعى لتهديد الروح المناضلة الحية في الناشطين، حتى يتراجعوا عن مقاومتهم.

لذا يتوجب على الجميع سواءً مؤسسات رسمية وأهلية ومؤسسات مجتمع مدني تعزيز صمود المقاومة الشعبية بشتى الوسائل، ودعمها على اختلافاتها من أجل إعادة الثقة بالحراك الشعبي السلمي كوسيلة ناجعة لضمان استمرارها لتلحق بركب كل من تحرر من الظلم والقهر والعنصرية وطاقوا للحرية والعدالة، كما حدث مع جنوب أفريقيا والهند على سبيل المثال لا الحصر، وحتى تنصاع "إسرائيل" للقانون الدولي، والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، وتنهي عدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني، وتدرك أن له حقوقاً دولية وإنسانية لن+ تستطيع حرمانه منها.

http://www.miftah.org