هل يدفع شعبنا من أرضه ودمه ضريبة أزمة السكن الإسرائيلية؟
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2011/8/10

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12913

لا تنفك دولة الاحتلال الإسرائيلي ومواطنيها تستفز الفلسطينيين وتقهرهم حتى في شهر صيامهم وتعبدهم بعيداً عن أي مواجهات مع جنودها ، وكأن هذه الدولة لا تحيا إلا على العنف والحروب، وأعمال القمع والقتل.

فمع بداية الشهر الفضيل "أهدتنا" آلة الحرب الإسرائيلية شهيدين ارتقيا بقذائف الموت الإسرائيلية ، وهاهم متطرفو هذه الدولة كتطرف حكومتهم، يقتحمون في اليومين الماضيين باحات المسجد الأقصى المبارك ويتجولون فيها ولا يدخرون جهدا ًمن طاقاتهم في استفزاز المقدسيين هناك، تزامناً مع عيد ما يسمي بـ" خراب الهيكل"، وسط انتشار كثيف لشرطة الاحتلال والقوات الخاصة داخل وخارج أبواب المسجد الأقصى، ويُضاف إلى ذلك ما تنفقه الجمعيات الاستيطانية من مبالغ شهرية طائلة لغلاة المتطرفين اليهود في مقابل تكثيف عمليات الاقتحام اليومية لساحات المسجد وضمن مجموعات تؤمن لهم وسائل النقل، وأسباب الراحة الأخرى لتجعل من اقتحاماتهم تلك نزهة أو رحلة جبلية، دون وعي من تلك الجمعيات بأن ما تقوم به يقرب من لحظة الانفجار الكبير، وقد تشعل من جديد صراعا يحرصون أن يأخذ طابعا دينيا وقوميا متطرفا.

ربما يعتقد هؤلاء أن المجاهرة بأعمال الاستفزاز هذه يشكل جوابا منهم ولفت نظر رداً على ما أعلنه وأكده علماء الآثار اليهود الأسبوع الجاري من عدم وجود الهيكل أو سكن لبني إسرائيل في فلسطين في فترة العصر الحديدي منذ عام 1300ق.م وما يسمونه (اليهود عهد الهيكل الأول).

وهكذا تستمر معاناة الفلسطينيين في الضفة الغربية وخاصة في القدس من المستوطنات وساكنيها، بل والأدهى أن تكون توسعة المستوطنات وبناء المزيد منها في الضفة الغربية حلا ً لأزمة السكن وغلاء الشقق في دولتهم، كما اقترح وزير داخلية الاحتلال "إيلي يشاي" الذي دعا إلى تسريع إعطاء التراخيص اللازمة للبناء الاستيطاني في الضفة، وهو الذي لم يتوقف أبدا ً لا في رمضان ولا في غيره، فليس ثمة من يوقفه أو يحد من تفشيه، فلا استجداء الفلسطينيين ولا تقارير الحقوقيين استطاعت أن تقف في وجه جرافات الاحتلال التي لا تكف عن قضم الأراضي الفلسطينية التي يمنع الفلسطينيون في المقابل من البناء فيها.

لكن حتى هذا المد الاستيطاني غير المنقطع لم يكن ليرضي الإسرائيليين ويمنعهم من الوقوف في وجه رئيس وزرائهم بنيامين نتنياهو، الذي اعتمد التطرف منهجاً لحكومته ليرضى شعبه الذي بات أكثر تطرفاً، لكن على ما يبدو "فإن السحر انقلب على الساحر" كما يُقال.

وأمام هذه السياسات الإسرائيلية لا بد من وقفة فلسطينية جادة لمواجهة هذه الممارسات العدوانية التي لم ولن تتوقف إلا بالمبادرات الفلسطينية الخلاقة، وعدم استثناء أي وسيلة من وسائل النضال والمقاومة سواءً الشعبية أو الدبلوماسية من أجل استرداد الحقوق الفلسطينية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأرض الفلسطينية، وحماية إنسانها ودعم صموده وبقائه فيها، حتى يدرك المحتل بأن في هذه الأرض وعليها شعب ضارب الجذور يخوض معركة البقاء حتى النهاية.

ومن هنا فإن فضح ممارسات الاحتلال من اعتداءات يومية واستيطان ونهب للأراضي والمقدرات الفلسطينية، ومقاطعة بضائع مستوطناته وتعزيز المقاومة الشعبية هي وسائل هامة وضرورية، لا بد أن تؤتي أُكلها ولو بعد حين، يقابلها بالتوازي المقاومة الدبلوماسية بالتوجه للأمم المتحدة أو لمجلس الأمن، من أجل نيل الحقوق وإقامة الدولة الفلسطينية، -وإن لم تكن الدولة المنشودة-.

إن شعبنا الفلسطيني بحاجة اليوم لاستلهام كل وسائل الشعوب وتجاربها النضالية، وقبل ذلك عليه مداواة جراحه وتدعيم وحدته الداخلية ونسيجه الاجتماعي والإنساني حماية لبقائه ووجوده.

http://www.miftah.org