المواطن الفلسطيني.. بين تفاؤل الدولة ومرارة الواقع.
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2011/9/5

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12976

هانحن على أعتاب الأمم المتحدة، وما هي إلا أيام معدودة تفصلنا عن موعدنا معها من أجل إعلان دولة حرة ومستقلة، حلم لطالما راودنا جميعاً، وإن جاء بطريقة مختلفة وإن بدأت معالمه تختلف شيئا ً فشيئاً، وإن كان ذهابنا ليس بديلاً عن المفاوضات، التي هي "خيارنا الأول والثاني والثالث" كما يؤكد الرئيس محمود عباس، وإن كان هذا "القرار الفلسطيني لا يهدف إلى عزل إسرائيل أو رفع الشرعية عنها، بل الهدف منه هو رفع الشرعية عن الاحتلال الذي يجب أن ينتهي، لأن الشعب الفلسطيني هو الشعب الوحيد في العالم الذي بقى تحت الاحتلال ولا نريد كما يزعم قادة إسرائيل رفع الشرعية عنها" كما يشير رئيسنا.

نعم ها قد بدت معالم هذه المرحلة تتكشف شيئاً فشيئاً، وها قد بدء العد التنازلي لذهاب القيادة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة لطلب عضوية كاملة لدولة فلسطين، لكننا إذا ما صدقنا أنفسنا سيتضح أنها دولتان بحكومتين منفصلتين مختلفتين حتى في التوقيت، فبينما أعادت الحكومة في رام الله العمل بالتوقيت الصيفي في الضفة الغربية عقب انتهاء شهر رمضان، استمرت الحكومة المقالة في غزة العمل بالتوقيت الشتوي الأمر الذي خلق حالة من الفوضى لدى عمل ودوام المؤسسات والبنوك وغيرها العاملة في الجهتين، وهي المرة الأولى في تاريخ فلسطين التي تعيش فيها الضفة وغزة بتوقيتين مختلفين، فيبنهما ساعة واحدة، وبينهما خمس سنوات من الفراق والقسمة، وبينهما حلم واحد بدولة واحدة لا يمكن أن تتسع لهما معاً وهما بهذا الشكل.

تساؤلات عدة وهواجس مختلفة تدور في نفس المواطن حول شكل الدولة المنشودة التي نقاتل العالم أجمع من أجل انتزاعها، ونحن مازلنا نعيش انقساماً واضحاً في سياسة وجغرافية هذا الوطن، ومصالحة معلقة، تجعل من المواطن الفلسطيني إنسان مغلوب على أمره ضائع وسط التزاماته المادية وحياته الصعبة ومعاناته اليومية التي يفرضها الاحتلال وهي ذاتها على مر العقود الماضية إلا أن وتيرتها باتت أكثر اتساعاً وتسارعاً بالتزامن مع إعلان القيادة الفلسطينية قرارها بالذهاب للأمم المتحدة، كعقاب جماعي منهجي، سواء ًمن قبل آله الاحتلال الإسرائيلي نفسها أو بإيعاز ومباركة لمستوطنيها الذين لا يدخرون شيئاً من تصرفاتهم العدوانية والتي طالعونا ببعض منها اليوم الاثنين الخامس من أيلول 2011، حيث أضرموا النيران في مسجد النورين في قرية قصرة جنوب نابلس شمال الضفة، كما وحطم مستوطنون، صباح اليوم زجاج مركبات المواطنين على طرق نابلس-رام الله، وجنين نابلس الرئيسية، وهاجم آخرون مركبة قرب مفرق جيت جنوب نابلس، وردوا شعارات عنصرية تدعو لقتل العرب، وانتشر مستوطنو مستوطنة "شيلو" على الشارع الرئيسي ونصبوا كمائن للمواطنين هناك بغية الاعتداء عليهم، وغيرها من الممارسات العدوانية وكل ذلك يأتي انتقاماً منهم حسب ما ادعت مصادر إسرائيلية على إخلاء وهدم النقطة الاستيطانية العشوائية "ميغرون" قرب رام الله.

وأمام هذا الواقع على الأرض، يسعى القائمون على توجه أيلول لحشد تأييد وطني وعام من أجل دعم توجه القيادة، لكن المواطن الذي يعاني الأمرين ما بين أوضاع معيشية واقتصادية متدهورة وما بين اعتداءات إسرائيلية تحول حياته اليومية إلى معاناة وجحيم لا يطاق، مطلوب منه أن يخرج لتأييد القيادة الذاهبة لانتزاع دولة عله يجد يها بعض الأمان والاستقرار والعيش الكريم، فهو وكيفما أدار وجهه لا يجد ما يبعث على التفاؤل بهذه الدولة وماهيتها، في ظل عدم سيادة القيادة لا على الأرض ولا على الماء ولا في الهواء، رغم الجهزوية المؤسساتية التي تقول بها رئاسة الوزراء.

"عدم التفاؤل" الذي يسكن المواطن والتردد والوقوف على الحياد كل ذلك نابع من تخوفه إزاء أي خطوة جديدة، لا يعرف تبعاتها ويخشى أن تجر عليه مزيداً من المعاناة والتضييق الإسرائيليين الذي هو في غنى عنهما، وسط ما يراه من هجوم إسرائيلي وضغط دولي، وترهل وتشتت عربي في الوقت الراهن، وانقسام داخلي، جوانب عدة يجب التعامل معها لا التغاضي عنها في خضم الذهاب لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة.

http://www.miftah.org