‘بالمر’ – تقرير يشرّع مالا شرعية له
بقلم: عبير زغاري لمفتاح
2011/9/7

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=12985

أخيرا وبعد طوال انتظار صدر تقرير "بالمر"، وجاء بنتائج صادمة للشعب الفلسطيني ومخيبة لآماله، بعد أن عوّل على تلك النتائج قبل صدورها، وأمل أن تساعده في إنهاء الحصار الإسرائيلي الظالم على قطاع غزة ومعاقبة مسببيه. ولكن ما قررته اللجنة الدولية التي شكلتها الأمم المتحدة للتحقيق في حادثة مقتل المتضامنين على أسطول الحرية 1، كان ظالماً بقدر ظلم الاحتلال الإسرائيلي، لإقراره ب"قانونية" الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة.

من الواضح أن الأمم المتحدة ترى الأمور من منظور واحد يدعم إسرائيل ويصب في مصلحتها، فيما يفترض في هذه المنظمة الدولية الحكم على الأمور بعدل باعتبارها منظمة دولية غير منحازة لأي طرف، لكن تقريرها أعطى إسرائيل التبرير لانتهاكاتها للإنسانية بحجة أنها تدافع عن نفسها.

ولكن ضد من تدافع إسرائيل عن نفسها؟ لربما تحمي نفسها من الأطفال والمرضى والمواليد الذين لا حول لهم ولا قوة. عبر حرمانهم من الدواء والغذاء والماء والغاز والكهرباء، وهي الاحتياجات الأساسية لبقائهم على قيد الحياة، والتي بحرمانهم منها تسلب من أكثر من مليون ونصف غزي. فما هو "القانوني" في هذا الاحتلال العنجهي غير شريعة الغاب؟!

في المقابل، اختارت منظمة التحرير الفلسطينية اللجوء إلى الأمم المتحدة للحصول منها على اعتراف بدولة ، ولكن هل ستستمر الأمم المتحدة في قلب المعايير والموازين كما فعلت من خلال تقريرها؟ فهل ستستجيب لطلب الشعب الفلسطيني ودول العالم الأخرى بمنح فلسطين عضوية واعترافا دائما؟ لقد وضع الفلسطينيون ثقتهم منذ عقود في منظمة الأمم المتحدة، نظراً للمساعدات الإنسانية التي تقدمها وكالاتها المنتشرة هنا وهناك.

وهم الآن يضعون كل أملهم بالقافلة الفلسطينية المتجهة لنيويورك لنزع الاعتراف الدولي بدولتهم، ولكن بعد اتضاح موقف الأمم المتحدة من الاحتلال الإسرائيلي، ازدادت المخاوف من استجابة هذه المنظمة لاستحقاق أيلول. فإذا كان الحصار الإسرائيلي قانونياً، فإن ذلك يتعارض بالنسبة للعالم مع قيام الدولة الفلسطينية،لأن هذه المعادلة لن تتحقق بوجود الاثنين معاً ، فإما فلسطين أو الاحتلال وحصاره، فماذا ستختار الأمم المتحدة؟ وهل ستطبق العدل الذي تنص عليه قوانين البشرية؟

تتعارض كل المواثيق والقوانين الدولية وقوانين حقوق الإنسان مع العقاب الجماعي الذي تنفذه إسرائيل ضد سكان قطاع غزة، وأي تقرير أو ميثاق يشرّع هذه الأعمال والمندرجة تحت جرائم الحرب الدولية؛ يعد باطلاً ومستنكراً وغير مقبول أبداً، بل أن التقرير يثير تساؤلات حول من ساهم في إعداده ولأي غايات وأهداف سياسية يسعى القائمون على إعداد نتائجه إلى تحقيقها. فهو يصب كاملاً في مصلحة إسرائيل التي تحرق دور العبادة وتعدم أشجار السلام وتقتل المتضامنين مع تحقيق العدل الإنساني.

إن إسرائيل في انتهاكاتها تستهدف كل الشعب الفلسطيني، وتقتل كل أمل له بالاستقلال والتحرر، وهي بذلك دولة تنتهك باستمرار الأعراف الدولية وحقوق الإنسان أمام أعين العالم أجمع وخصوصاً الأمم المتحدة، وأي تواطؤ من قبل منظمة الأمم المتحدة مع أعمال إسرائيل وحصارها على قطاع غزة؛ يحولها إلى أكبر تجمع للدول يشارك إسرائيل في جرائمها ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.

لقد اعتبر كثيرون تقرير منظمة الأمم المتحدة بأنه "سقطة كبيرة"، ولن يغفر لها أي شيء إلا عدم تبنيها لهذا التقرير واعترافها به، وإلغائه إلغاءً تاماً، واعتباره باطلاً، فلا قانون دولي يبرر الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، والآن وقد رأى العالم أجمع على مر خمس سنوات ما هو قطاع غزة وما هي أهداف هذا الاحتلال. فغزة والضفة الغربية الآن أمام تحد جديد وتقرير قد يساهم في فرض احتلال أبدي عليهما، ولا شيء يمكن أن يحررهما من تبعات هذا التقرير إلا نزع الشرعية عنه.

http://www.miftah.org