‘فلسطين’...والخطوة الأولى في طريق الألف ميل.
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2011/9/26

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13044

إن الجماهير الشعبية التي خرجت قبل أيام لتسمع الخطاب التاريخي للرئيس الفلسطيني محمود عباس من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة وتؤيده في خطوته لتقديم طلب الاعتراف بدولة فلسطين هي ذاتها بكل قواها وبمختلف أطيافها التي نفرت بالأمس لاستقبال الرئيس عباس (أبو مازن) استقبال المنتصرين في المقاطعة، وهذه الهبة الجماهيرية والوقفة الشعبية ما هي إلا تأكيداً على دعم الشعب الفلسطيني لهذه الخطوة التاريخية، والتفافه على رئيسه من أجل انتزاع حقه المشروع في دولته المستقلة رغم أنف كل المعارضين والرافضين للحق الفلسطيني، أولئك الذين قال عنهم الرئيس عباس: "لا أعتقد أن أحداً لديه ذرة ضمير ووجدان يمكن أن يرفض حصولنا على عضوية كاملة في الأمم المتحدة ... بل وعلى دولة مستقلة".

الربيع الفلسطيني...هكذا وصفه الرئيس عباس حين قال أيضاً "وفي وقت تؤكد الشعوب العربية سعيها للديمقراطية فيما عرف بالربيع العربي، فقد دقت أيضا ساعة الربيع الفلسطيني، ساعة الاستقلال"، نعم إنها بالفعل ساعة الاستقلال...وإن لم يكن استقلالاً حقيقياً من الاحتلال الإسرائيلي الذي يطوقنا ويطوق حياتنا في مناحيها كافة، وإنما هو استقلال من عتق المضي معه في مفاوضات غير مجدية، وهو استقلال من عتق كذبه وخبثه، وتحرر من عبء كل الضغوطات الدولية والإسرائيلية السياسية والاقتصادية وغيرها...هذا هو الاستقلال، فرغم الأهمية الدبلوماسية العظمى التي تكمن وراء هكذا خطوة، وما سيترتب عليها من تغيرات سياسية، على المستوى المحلي والعربي والدولي، إلا أن الاحتلال مازال قائماً وما زالت الطريق أمامنا طويلة لنيل الحرية، وما هذه إلا الخطوة الأولى في طريق الألف ميل، وإن كانت تنطوي على كثير من الدعم المعنوي الشعبي، فالشعب الفلسطيني الذي عانى الذل والقهر والتشرد والظلم والاستبداد على مدى العقود الماضية، وعانى إضافة إلى ذلك من ويل الانقسام الداخلي خلال السنوات الخمس الماضية ويزيد، لذا فهو في هذه الأيام يعيش حالة من استرداد الثقة في القيادة الفلسطينية التي تسعى جاهدة لإنجاز المصالحة وبالتوازي مع ذلك المضي قدماً في حلم الدولة.

إن الموقف الثابت للقيادة الفلسطينية وعدم الرضوخ لكل التهديدات الإسرائيلية، والوعيد الأمريكي بقطع المساعدات والضغوطات الدولية وللأسف العربية في بعض الأحيان، أعاد الحياة لأبناء الشعب الفلسطيني كافة صغاراً وكباراً شباباً وشيباً، ودب فيهم الروح الذي كاد أن يسكنها الإحباط واليأس، وأعاد ثقتهم من جديد في العملية السياسية التي شهدت جموداً واضحاً وتراجعاً ملموساً بالواقع الفلسطيني على الأرض، لكن هاهو ذا شعبنا يثبت في كل المواقف أنه إرادته فوق كل اعتبار وأن سيظل يقاوم الظلم والاستبداد الإسرائيلي حتى رمقه الأخير، ومختلف الوسائل النضالية والشعبية، وأنه لم يتخل يوما ًعن قيادته التي تلمست حاجاته وسمعت نداءه وطوقه للحرية والاستقلال، ورفضت أن تخوض مفاوضات وهمية عبثية، لن تغني ولن تسمن من جوع، ولن تكون سوى غطاءً لبسط مزيد من السيطرة والاستبداد.

اليوم نحن أمام مرحلة جديدة بل أمام مفصل حقيقي في تاريخ القضية الفلسطينية، ونتحمل جميعاً قيادة وشعباً المسؤولية أمامه للعمل من أجل تحقيق هذا الهدف وهذا الحلم المنشود بالدولة ذات السيادة على أرضها وعلى قدسها عاصمة أبدية لها، والقائمة على مبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، الدولة التي لا تقبل أنصاف الحلول ولا تتنازل عن أركانها الأساسية بالعدالة والمساواة ولا عن ثوابتها الوطنية كاللاجئين وحقهم بالعودة، وهذا لن يتحقق إلا بالتمسك بالمبادئ وعدم التنازل عنها، والوقوف جنباً إلى جنب قيادة وشعباً في وجه الطغيان الإسرائيلي من أجل تعزيز عزله دولياً وفضح ظلمه وجرائمه اليومية بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وليبدأ كل منا بنفسه من أجل بناء أنفسنا وبنا دولتنا المنتظرة.

http://www.miftah.org