استغاثة الأسرى توحد صفوف الفلسطينيين
بقلم: عبير زغاري لمفتاح
2011/10/3

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13064

دخل الأسير الفلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي أكرم منصور في حالة غيبوبة أثر مشاركته في الإضراب المفتوح عن الطعام، والذي بدأه أسرانا في سجون الاحتلال منذ 27/09/2011. الأسير منصور، وهو معتقل منذ 02/08/1979 ويقضي حكماً بالسجن المؤبد ويعاني من سرطان الدماغ، كان قد انطلق كغيره من آلاف الأسرى بهذه الخطوة مؤخراً؛ احتجاجاً على الهجمة الإسرائيلية المستمرة على حقوقهم وكرامتهم اللذان كفلهما القانون الدولي الإنساني، في ظل قيام حكومة إسرائيل ومصلحة السجون بالانقضاض على حقوق الأسرى الأساسية وفرض إجراءات تعسفية بحقهم تنتهك أبسط الشرائع الإنسانية والأخلاقية، مثل تكبيل أرجل الأسيرات خلال خروجهن للزيارات والتفتيش العاري للأسرى.

وفي خضم الحراك السياسي الذي تشهده الساحة الفلسطينية حالياً في سبيل طلب الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، يلتفت الجمهور الفلسطيني حول أسراه ويساند هذا التحرك الجديد الذي يقومون به من أجل دعم مسيرة الحرية والتحرر والنضال الفلسطيني. فهنا الفلسطينيون يشعرون مع إخوانهم في السجون بل ويدركون أهمية مساندة أي خطوة حالية يقوم بها الشعب الفلسطيني سواء من داخل السجون أو خارجها، وذلك بسبب إيمان الشعب بقضيته وإدراكه لحقه. فالشعب الفلسطيني بين الأمم، أصبح شعب يستحق أن تُسلّط عليه الأضواء، الشعب الذي استطاع بإمكانياته القليلة أن يصل لأعلى المنابر في العالم من أجل أن يطلق صرخته للحرية. من هنا يتكاتف الفلسطينيون ليُظهروا للعالم أن كل جزء من القضية الفلسطينية هو قضية محورية بحد ذاته.

فكان لاستحقاق أيلول والخطوة التي قامت بها القيادة الفلسطينية الأثر الأكبر على تجمع حشد أكبر من الفلسطينيين حول قيادتهم، فهم الآن يشعرون بأنهم ازدادوا قوة بمجرد ذهاب قيادتهم للأمم المتحدة وطلبها لعضوية فلسطين، فبالنسبة للفلسطينيين أصبحت هذه القيادة تمثل قيادة رد الاعتبار لفلسطين، ومن هنا يشعر الفلسطينيون بأنهم مدعّمون بقوة كبيرة قد توصلهم للقمة. وبقوة القيادة؛ يقوى الشعب ويعلى صوته، وهذا هو السبب الذي وحّد الشعب الفلسطيني من جديد وجمعه حول مطالبه المشروعة، بغض النظر عن انتماءات أفراده الحزبية. ومن هذا المنطلق أصبح هناك قاعدة شعبية كبيرة تضم جميع أطياف الشعب الفلسطيني، هذه القاعدة استجابت لنداء الأسرى في سجون الاحتلال ووظفت كل الجهود والوسائل اللازمة لدعم هذه المسيرة التي أطلقها الأسرى، والتي لم تنته أصلاً حتى تبدأ من جديد، من أجل مشاركتهم معاناتهم والوقوف بجانبهم بشكل قد يكون له أثراً ملموساً على قضية الأسرى من خلال تسليط الضوء عليها، بل والتمسك بمناصرتها.

تأتي هذه الفعاليات التي أطلقها الفلسطينيون من داخل الزنزانات وخارجها؛ احتجاجاً أيضاً على السياسة الإسرائيلية والقمع الإسرائيلي المتواصل والذي يغذي سياسة العنصرية التي تدعمها حكومة إسرائيل بل وتستفيد منها من أجل إيذاء الفلسطينيين، والتي أمسّ أخرها الفلسطينيون في إسرائيل، وذلك بقيام المستوطنين بإحراق مسجد النور في قرية طوبا في داخل إسرائيل. هذا الاعتداء على المساجد ليس الأول من نوعه في الآونة الأخيرة، حيث قام المستوطنون بإحراق عدة مساجد في الضفة الغربية، ولكن ما يميز هذا الاعتداء هو مكان حصوله، أي بداخل إسرائيل التي تصف نفسها بأنها "دولة تحترم الديانات المختلفة". وبذلك تثبت إسرائيل وللمرة الألف بأنها دولة لا تريد السلام وأنها دولة تقوم على عصابات المستوطنين وليست دولة تحترم الغير أو الديانة أو الإنسان. فحتى قيام المستوطنين بقطع أشجار الزيتون التي تعود للفلسطينيين هو رمزية واضحة على عدم نية إسرائيل بتحقيق السلام مع الفلسطينيين والسعي له، وبذلك يقطع المستوطنون أواصل السلام الذي كان من الممكن تحقيقه لولا عنصريتهم وتعنت الدولة التي ترعاهم.

إن الهجمة الإسرائيلية الحالية، سواءً من الحكومة الإسرائيلية أو مستوطنيها، تطال الشعب الفلسطيني أجمع، وحتى الأسرى الذين يعاقبون الآن مرتين، فالأولى كانت بأسرهم والثانية بانتهاك حقوقهم. ويتجلى حالياً إضراب الأسرى المفتوح عن الطعام والذي يُشارك فيه الأسير الصغير قبل الكبير والمرأة قبل الرجل والمريض قبل السليم، الأمر الذي يسّلط الأنظار على معاناة الأسرى المتواصلة، ويعكس بالتالي إصرارهم وتحديهم لكل العقبات التي يواجهونها كالأزمات الصحية التي يمرون بها وتصدي وعنف سجّانهم الرئيس وهو حكومة إسرائيل. سيواصل الأسرى إضرابهم ولن يتوقفوا حتى تستجيب إدارة السجون لمطالبهم والتي يتمثل أبرزها في إنهاء سياسة العزل الانفرادي وإعادة التعليم الجامعي ووقف الإجراءات والعقوبات الجماعية بحقهم، في المقابل سيستمر الفلسطينيون في كل مكان بدعم أسراهم، وحالياً قيادتهم، وسيتصدون لأي محاولة لهدم ثقتهم وهمتهم وذلك ببقائهم في أرضهم متمسكين بحقهم.

http://www.miftah.org