'أنا امرأة من فلسطين'...عين أخرى على قضايا النساء
بقلم: عبير زغاري لمفتاح
2011/10/26

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13143

"بحس بالحرية والأمان في البحر". هذا ما قالته مادلين كلاب، التي أجبرتها قسوة الحياة للعمل كصيادة سمك في بحر غزة لإعالة أسرتها، مادلين كانت بطلة الفيلم الثالث الذي عرض في مهرجان سينما المرأة السابع في فلسطين، حيث كان العرض السادس والأخير في جامعة بيرزيت أمس، وفي الفيلم الذي سُمي باسمها "مادلين"من إخراج رهام الغزالي، وتقول مادلين أيضاً بأنها تتمنى أن تتحرر كل إمرأة من القيود التي تعيش فيها. وهي تجد في البحر المكان الذي يحفظ لها أسرارها ويبعدها عن مشاكل البر. مادلين ترى بأنها وهي في البحر تشعر بأنها "قوية كالرجل".

هذا المهرجان الذي تطلقه مؤسسة شاشات والذي يحمل عنوان "أنا امرأة من فلسطين". حيث تضمن العرض ثلاثة أفلام قصيرة لمخرجات فلسطينيات، وهي: دوت كوم، ولوحة، ومادلين، والمميز في هذا العرض هو أن تلك الأفلام القصيرة تتناول ثلاث قصص مختلفة عن نساء فلسطينيات في قطاع غزة، من إخراج ثلاث نساء على خطى الاحترافية.

أما الفيلم الأول "دوت كوم"، من إخراج فاطمة أبو عودة، فهو عن منشأ حركة 15 آذار التي دعت إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني، ويعرض قصة فتاة في مقتبل العمر، استخدمت التكنولوجيا والفيس بوك لتتواصل مع أكبر عدد من الشباب والشابات الذين ضاقوا ذرعاً بانقسام الصف الفلسطيني ورفعوا شعار "الشعب يريد إنهاء الانقسام". يسلط هذا الفيلم الضوء على الحالة التي سادت بين الكثير من شباب وشابات في قطاع غزة، من إقامة التجمعات الشبابية منذ حوالي سنتين لنشر الفكرة، إلى يوم 14 آذار الذي ساده القلق مما سيحدث في اليوم التالي والذي انطلقت فيه مظاهرات الشباب في الضفة الغربية وقطاع غزة للمطالبة بإنهاء الانقسام. وتقول بطلة الفيلم: "كنا نقاتل الاحتلال صرنا نقاتل بعضنا. كان في جواتنا خوف مزروع من الاحتلال، هلئ صار الشعب يخاف من بعضو..بس بالأخير زهقوا الشباب وصاروا يفتشوا على طريقة يهربوا فيها من واقعنا..مع أننا لم نحقق الكثير لكن سيتذكر الناس هذا اليوم".

ويتناول الفيلم الثاني "لوحة"، من إخراج رنا مطر، قصة الفنانة التشكيلية رشا أبو زايد وهي فلسطينية من غزة وعلاقتها بلوحاتها وألوانها. يصور الفيلم رشا وهي ترسم لوحة في وسطها وجه فتاة وحولها "عالم من الألوان وفوضى لقصة فيها ألم" كما تقول رشا. هذه اللوحة تحمل صورة آية برادعية، الفتاة التي قتلت على يد عمها بصورة بشعة على خلفية ما يسمى بالشرف، الأمر الذي يعكس تأثر الفنانة بهذه القصة وبالواقع الذي يحيط بالنساء في مجتمعنا بشكل عام. من خلال ريشتها وألوانها، ترسم رشا لوحات تعبر عن جسد المرأة وملامحها وأمور أخرى تتعلق بالمرأة بشكل أساسي. بالنسبة لرشا فإن اللوحة والريشة هي وسيلتها "للخروج من الحصار والقيود". يعرض أيضاً الفيلم علاقة هذه الفتاة بالعمارة القديمة والبحر، والذي تشعر رشا بأنها جزء منه وفيه.

هذه الأفلام القصيرة تتعامل مع قضايا المرأة بخصوصية أكثر وبتسليط الضوء على قصص حية من واقعنا. فيما عقّب الحضور على الأفلام بأنها أعطت صورة أخرى عن قطاع غزة وعن الحياة فيه، هذه الصورة تختلف عن صور الدمار والحرب التي نراها في الأخبار. فهذه الأفلام أتاحت الفرصة للمرأة بأن تعبر عن مشاكلها وهمومها، بحيث أنها أكثر قدرة على التعبير عن هذه المشاكل. إن القضايا التي تناولتها هذه الأفلام هي مواضيع مثيرة للجدل، تظهر صورة أكثر عن المرأة وقوتها. فالمرأة القائدة والناشطة سياسياً، والمرأة الفنانة المبدعة، والمرأة العاملة التي تتحدى الواقع، كل هذه المواضيع تعكس نقاط قوة عن النساء وخصوصاً إن كانت جزءاً من هذا المجتمع.

تهدف هذه الأفلام إلى تغيير بعض المفاهيم عن المرأة والصورة النمطية التي توضع فيها في المجتمع. وهي أيضاً تركز على الوسائل التي يلجأ لها الشباب للتعبير عن أنفسهم، هذه الوسائل التي يجب أن تلقى التشجيع وليس القمع. فنرى أن في كل قصة من هؤلاء الثلاث، تؤكد البطلات على ضرورة كسر القيود التي تحيط بالمرأة والتي تمنعها من الإبداع والتعبير عن نفسها، مما يثقل هذه الحياة على كاهلها.

يقف وراء هذه العمل مؤسسة شاشات، والتي حرصت على مدار سبع سنوات أن تنفذ مهرجان سنوي لسينما المرأة في فلسطين، وهو المهرجان الوحيد عربياً الذي حافظ على دوريته. تحاول شاشات الوصول إلى أكبر قاعدة جماهيرية فلسطينية لتوصيل أفكارها والتي تتبنى قضايا المرأة. فدعمت 10 مخرجات فلسطينيات، وقدمت 85 عرضاً سينمائياً في 13 مدينة فلسطينية و9 جامعات، و6 برامج تلفزيونية. إن الجدول الزخم لهذا المهرجان يدل على حرص المؤسسة على إبراز هؤلاء المخرجات اللواتي قمن بأعمالهن السينمائية بأبسط الأدوات والتدريبات، والذي يعد إنجازاً في قطاع السينما الفلسطيني، حيث تسعى شاشات إلى خلق جيل جديد من المخرجات وتنمية قطاع السينما والثقافة السينمائية التي تستحق أن يلتفت لها المجتمع الفلسطيني بكافة أفراده وأطيافه.

http://www.miftah.org