اللقاء بين 'فتح' و'حماس'
بقلم: حمادة فراعنة
2011/11/17

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13187

فشلت حركة حماس في أن تشكّل حالةً بديلةً لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولسلطتها الوطنية، ولحكومتها الائتلافية في رام الله، على الرغم من إصرار ودعم العواصم الثلاث دمشق وطهران والدوحة، لها ولدورها.

رفض حماس، للاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، كممثل شرعي وحيد للشعب العربي الفلسطيني، لا يعود، لسنوات قليلة، بل شكّل ذلك نهجاً ثابتاً في سياسة حركة الإخوان المسلمين، وخصوصاً شقها الأردني، الذي شكل حركة حماس وقاد سياستها، منذ أن تشكلت العام 1987، وقد عبر عن ذلك الناطق الرسمي الأول لها إبراهيم غوشة، في كافة مواقفه وتصريحاته، وفشلت كافة الوساطات العربية في ثني حماس عن موقفها الرافض للإقرار والاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً لشعبها الفلسطيني وللاستدلال على ذلك يمكن الرجوع إلى كتاب إبراهيم غوشة نفسه باعتباره أحد مؤسسي حركة حماس وعضو مكتبها السياسي، والذي صدر عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت العام 2008، والذي يؤكد فيه رفض حماس الاعتراف بمنظمة التحرير لأسباب عديدة.

ولكن وعلى الرغم من الموقف المسبق الذي حكم سياسات حركة حماس طوال المرحلة السابقة، فقد تأكد لها ولمرجعيتها السياسية والفكرية والحزبية أن لا شرعية، للحركة ولدورها، دون المرور من مؤسسات منظمة التحرير وسلطتها الوطنية، وخاصة بعد التحولات التي جرت في العالم العربي بعد ثورة الربيع العربي الذي أضعف دور دمشق وطهران وقلب موقف الدوحة، حيث غدت حماس بلا غطاء رسمي عربي داعم لها كما كان خلال الفترة الماضية، من عمر الانقلاب الذي قادته منفردة ضد منظمة التحرير وسلطتها الوطنية وأدواتهما الشرعية في قطاع غزة.

حماس اليوم بحاجة للشرعية، كحاجة 'فتح' وباقي الفصائل والقوى والشخصيات السياسية الفلسطينية وهذا ما يفسر رغبتها وإلحاحها على الحوار والمصالحة والتوصل إلى اتفاق جدي مع حركة فتح، معتمدة في ذلك على مصادر قوة تملكها، عوضتها عن فقدان دمشق وطهران والدوحة، فهي ما زالت متمسكة بورقتين فلسطينيتين تملكهما تتمثلان بما يلي:

أولاً ـ حصولها على الأغلبية البرلمانية في انتخابات المجلس التشريعي العام 2006.

ثانياً ـ تحكمها منفردة بقطاع غزة على أثر الانقلاب الذي قامت به في حزيران 2007.

ولكنها تملك أوراقاً إضافية تعزز من مكانتها تتمثل بما يلي:

أولاً ـ أنها تشكل امتداداً لأكبر وأهم حركة سياسية عربية عابرة للحدود هي حركة الإخوان المسلمين، تقود المعارضة من موقع القوة في مصر والأردن وسورية والكويت واليمن والمغرب، وهي تشارك في الحكم في كل من تونس بعد الانتخابات التي جرت يوم 23/10/2011، وفي الجزائر والسودان والصومال والعراق، ولذلك فهي تستمد قوتها من قوة حركة الإخوان المسلمين في العالم العربي.

ثانياً ـ ثمة تفاهم أميركي أوروبي مع حركة الإخوان المسلمين، لمشاركتها في الحكم عبر صناديق الاقتراع كما حصل في تونس والعراق، وقبول نتائجها، إن جرت في مصر والأردن والمغرب وغيرهما من الأقطار العربية على قاعدة تداول السلطة والدولة المدنية ونبذ العنف، وهذا التفاهم يشمل حركة حماس، وهذا ما يفسر اندفاع حركة حماس للحوار والاستجابة لمتطلبات الحوار، بعيداً عن التضليل والمزايدات والكلام الإعلامي التسويقي.

لقد حصلت حركة حماس على شهادة حسن سلوك، من خلال توصلها إلى قرار التهدئة مع الإسرائيليين مرتين عبر الوساطة المصرية وحرصها على الالتزام بعامل التهدئة وإلزامها فصائل المقاومة الأخرى بتنفيذ هذه التهدئة، وكذلك التوصل إلى اتفاق تبادل الأسرى وتقديم التنازلات المتبادلة مع الإسرائيليين لإنجاح اتفاق التبادل، وبسياستها هذه فهي تقترب بل وتتقاطع مع سياسة رام الله في وقف العمليات المسلحة ضد الإسرائيليين وفي إعلانها المتكرر قبول إقامة دولة فلسطينية في الضفة والقدس والقطاع، أسوة بباقي الفصائل، مع حرصها التأكيد على عدم الاعتراف بإسرائيل، وهو حرص لا تنفرد به، فكافة الفصائل الفلسطينية بما فيها 'فتح' وحزب الشعب وحركة فدا وجبهة النضال الشريك في مؤسسات اتفاق أوسلو وحكوماتها المتعاقبة لم تعلن اعترافها بإسرائيل، فالاعتراف يقتصر على موقف منظمة التحرير وسلطتها الوطنية وحكوماتها الائتلافية، والمشاركة فيها لا تشترط الاعتراف بإسرائيل، وهي تشبه موقف الأحزاب الإسرائيلية التي لا تعترف لا بمنظمة التحرير ولا بسلطتها الوطنية ولا حتى بالحقوق السياسية المشروعة للشعب الفلسطيني، حقه في المساواة وحقه بالعودة وحقه بالدولة المستقلة، مع أن إسرائيل وحكوماتها المتعاقبة بما فيها حكومات الليكود تعترف رسمياً بمنظمة التحرير وسلطتها الوطنية وحكوماتها، وتتعامل معهم على هذا الأساس من الاعتراف، على الرغم من كل محاولات التهرب من هذا الاعتراف !!.

حوارات ومفاوضات 'فتح' و'حماس'، واللقاء المنتظر بين الرئيس محمود عباس ورئيس حركة حماس خالد مشعل، يعكس مصلحة الطرفين، بقدر ما يعكس رغبتهما في التوصل إلى اتفاق والعمل على تنفيذ هذا الاتفاق، وإذا كانت ثمة عراقيل؛ فهذا يعود إلى محاولة كل طرف الاستفادة مما لديه من أوراق لعله يصل إلى نتائج مع الطرف الآخر بأقل الخسائر، وأكبر المكاسب السياسية والحزبية والتنظيمية، ولكن كليهما سيبقى أسيراً للمصلحة والرغبة وقرار الاتفاق ولا مجال للتهرب من استحقاقات المصالحة والمصلحة بينهما.

وكالة فلسطين برس

http://www.miftah.org