الاختراق الصعب -4-
بقلم: عادل عبد الرحمن
2011/11/19

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13195

الهدف الاستراتيجي الفلسطيني المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194، مازال يشكل الناظم للكفاح الوطني التحرري. لم يحدث تغير في الهدف المذكور حتى الآن، لان المعطيات والشروط السياسية المقررة على المستويات المحلية والعربية والاقليمية - الدولية لم تفتح بعد الأفق لاحداث تغيير للهدف. لكنه (الهدف) متحرك بتحرك التطورات السياسية. فإن إلتزمت الاقطاب الدولية وخاصة الولايات المتحدة بالعمل الجدي والمثابر لتحقيق خيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 67، فإن العملية السياسية ستسير بشكل حثيث باتجاه معالجة ملفات الحل النهائي السبع: القدس، الحدود، الاستيطان الاستعماري، اللاجئين، الامن، الثروات الطبيعية، أسرى الحرية. لكن إن تلكأت اقطاب الرباعية الدولية في إحداث إختراق في الاستعصاء الاسرائيلي، من خلال تساوقها مع التوجهات والاليات الاميركية، التي تعتبر المسألة الاسرائيلية، مسألة اميركية داخلية، فإن آفاق تغيير الهدف الاستراتيجي الفلسطيني تصبح إمكانية قائمة، ارتباطا بالتحولات السلبية والايجابية الملازمة للعمليات السياسية في المنطقة.

إذاً الثوابت الوطنية الاستراتيجية المعتمدة في المؤسسات الرسمية والشعبية الفلسطينية، بعضها راسخ رسوخ الهوية والشخصية الوطنية والحقوق التاريخية في فلسطين مثل حق العودة للاجئين الى ديارهم، التي طردوا منها في عام النكبة 1948. وحق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني فوق تراب وطنه، حق ثابت. اما خيار حل الدولتين للشعبين على حدود 67، فهو هدف متحرك بمدى تحرك عملية التسوية، وتغير موازين القوى في المنطقة والعالم على حد سواء، ومدى إلتزام دولة الابرتهايد الاسرائيلية باستحقاقات عملية السلام.

بالعودة للارباكات والاخطاء في السياسات التكتيكية وآليات العمل المتبعة من قبل القيادات الفلسطينية الرسمية، يمكن للمرء ان يسجل الآتي:

اولا البيت الداخلي الفلسطيني ( العامل الذاتي). هذا العامل له مستويات عدة، منها :

- منظمة التحرير الفلسطينية. رغم الانتظام النسبي في الاونة الاخيرة لعمل المجلس المركزي واللجنة التنفيذية للمنظمة، إلآ ان هذا الانتظام لم يحدث تطويرا للممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني. مازال واقع م.ت.ف بائسا، ودون مستوى الطموح الوطني، لانها تعاني في بنائها الهيكلي من مثالب واخطاءوتجاوزات (عضوية المجلسين الوطني والمركزي وحتى اللجنة التنفيذية، من حيث العدد وطريقة الاختيار واليات العمل. وايضا الدوائر والسفارات ... الخ)، كما لم تتمكن من النهوض وتجاوز ازمتها البنيوية. لان الهياكل قديمة ومتآكلة، والميثاق بحاجة لتطوير، ليس فقط في نص المواد، التي تم التعرض لها في دورات المجالس الوطنية السابقة، بل إن الامر يطال الميثاق من الفه إلى يائه، ولا يعني هذا تغييرا في الثوابت الوطنية، إنما يحتاج الميثاق الى لغة جديدة، ومفاهيم أكثر دقة، وصياغات علمية بعيدة عن "الدش الانشائي الساذج"، الذي يسيء للفلسطينيين من حيث يريدوا او لا يريدوا، وكذا الامر في اشكال النضال، التي لا يجوز تثبيتها في الميثاق، بقدر ما يمكن التأكيد على حق الفلسطينيين باستخدام كل اشكال النضال، ارتباطا بالتطورات السياسية والكفاحية، التي تقررها الهئيات القيادية من خلال مراجعاتها في الدورات المتعاقبة للمجلس الوطني والمجلس المركزي ( تعرضت فيما سبق لازمة منظمة التحرير وطرحت افكار واقتراحات تخص عضوية الهيئات القيادية واليات العمل. لكن أعترف بارتقاء رؤيتي لعملية تطويرها نجم عن حوار مشترك ثنائي وثلاثي واكثر مع العديد من الباحثين والسياسيين وخاصة مع الصديق فيصل حوراني، الذي يمتلك رؤية متكاملة تخص الميثاق).

كما ان دور م.ت.ف بحاجة ماسة الى إعادة الاعتبار في الداخل والشتات وحيثما كان تجمعا ما للفلسطينيين. ولا بد في البداية من الفصل بين مؤسسات المنظمة والسلطة، وإخضاع السلطة عمليا لمرجعية المنظمة لا العكس. كما ان المنظمة مطالبة بتحمل مسؤلياتها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية في التجمعات والمخيمات الفلسطينية في الوطن والشتات وخاصة في لبنان، دون ان يعني ذلك التخلي عن الدور إتجاه الفلسطينيين في الدول العربية الاخرى، رغم كل التعقيدات المعروفة. ولا يجوز ترك الشعب الفلسطيني هنا او هناك تحت رحمة هذا النظام السياسي او ذاك، ولا بد من ايجاد صياغة وطنية - قومية لحماية مصالح ابناء الشعب الفلسطيني دون المساس باستقلالية وسيادة الدول العربية، وبما يعزز العلاقات المشتركة الفلسطينية - العربية.

يتبع غدا

* كاتب سياسي فلسطيني- رام الله. - a

http://www.miftah.org