الاختراق الصعب -6-
بقلم: عادل عبد الرحمن
2011/11/21

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13197

5- المصالحة الوطنية. تسليط الضوء على موضوع المصالحة يعكس اهميتها وضرورتها، ووضعها بعد مجمل القضايا الواردة اعلاه لا يعني إغفال اهميتها واولويتها. ولكن كانت الضرورة تملي التوقف امام الموضوعات السابقة، لانها مرتبطة بالاطر والاشكال واليات العمل الوطنية الملازمة للتاريخ الفلسطيني المعاصر قبل وجود حركة حماس وحركة الجهاد الاسلامي في المشهد الوطني، وايضا للتأصيل لما يجب ان تكون عليه الساحة، بحيث تاتي المصالحة منسجمة مع مصالح الشعب العليا. لان الوحدة الوطنية لا تقوم على منطق الخضوع للاجندات الفئوية، ولا تخضع لابتزاز هذا الطرف او ذاك، بل تحكمها معايير سياسية واضحة ومحددة تخدم اهداف الشعب الفلسطيني.

يبدو من الصعب نكأ الجراح وعملية المصالحة تتجه إلى الامام على الاقل كما تبشر به التصريحات المتفائلة للمعنيين بالملف من حركة فتح. وكون المصلحة تتطلب من الجميع إشاعة مناخ إيجابي وليس العكس. غير ان المصالحة حتى تؤتي ثمارها الايجابية، ولتشكل رافعة حقيقية للوحدة الوطنية، وتعزز عوامل الصمود، وتقطع الطريق على مخططات إسرائيل العدوانية، فلابد من ان تقوم على اسس واضحة وركائز قوية تحول دون إنكسارها ونكوصها للخلف ثانية. ومنها:

اولا تعتبر الورقة المصرية، على ما تحمله من نقاط ضعف ومثالب هنا او هناك، مدخل ضروري لدفع المصالحة للامام، وتنفيذ النقاط الضرورية، التي تشكل الجسر الواصل بين جناحي الوطن، لترميم العلاقات الوطنية - الوطنية بالاتفاق على تشكيل حكومة الشخصيات المستقلة بالتوافق على شخصياتها المختلفة. ومنحها الصلاحيات للقيام بالمهمات الموكلة لها، وهي، الاعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية في اقرب وقت ممكن؛ والعمل على إعادة إعمار ما دمره العدوان الاسرائيلي خلال حربه الهمجية على قطاع غزة اوآخر 2008 مطلع 2009، وايضا ترميم العلاقات بين مؤسسات السلطة في جناحي الوطن، وإزالة حالات الاحتقان.ووضع ضوابط وطنية حاسمة وجادة وملزمة للكل الوطني في السياسات التكتيكية والاستراتيجية المتعمدة تجاه دولة إسرائيل بما في ذلك اشكال النضال. وكف بعض فصائل واولها حركة حماس عن السياسات الديماغوجية والشعارات غير الجدية.

ثانيا الشروع بحوار وطني جدي ومسؤول وهادف لتجاوز كل الارباكات السياسية والكفاحية على اساس وثيقة الوفاق الوطني، التي انتجها اسرى الحرية، بالتلازم مع الحوار الوطني على اساس تفاهمات آذار/ مارس 2005 لاصلاح منظمة التحرير، وإدخال القوى غير المنضوية تحت لوائها الى صفوفها وفق معايير وطنية بعيدة عن الاجندات الخاصة، ودون الخضوع لابتزاز اللحظة السياسية.

ولوضع حد للسياسات الصبيانية والاستئثارية بالاطر الوطنية. ولتكريس الديمقراطية اساسا للحوار الوطني، والتأكيد على الانتخابات في المستويات السياسية والنقابية للتداول السلمي على السلطة والاتحادات الشعبية، وإغلاق بوابة الكوتا الفصائلية، التي كان لها أثر سلبي على فعالية المنظمات الشعبية.

ثالثا تكون نتائج الانتخابات ملزمة للكل الوطني بغض النظر عن النتائج، التي تفرزها. واحترام ارادة الشعب في اختيار من يمثلها في اية إنتخابات تجري وفق الجداول الزمنية المحددة.

رابعا تحميل حركة حماس تحديدا المسؤولية عن الانقسام والانقلاب الاسود، وتقديمها إعتذار رسمي واضح وصريح للشعب عما إقترفتة من إنتهاك فاضح لحرمة الدم الفلسطيني، بحيث يكون هذا الاعتذار مدخلا للمصالحة الحقيقية مع ابناء الشعب الفلسطيني ، الذين إستشهدوا او جرحوا او تضرروا جراء الانقلاب الحمساوي على الشرعية الوطنية في محافظات القطاع، وحتى تعطي لقاءات لجنة الاصلاح والمصالحات الاجتماعية ثمارها، لان الركون على ما اعلنتة تلك اللجنة من انها انهت مهامها، وحققت المطلوب منها نظريا لا اساس له من الصحة، لاسيما وان العائلات، التي خسرت ابنائها او فقدت بيوتها ومصالحها، لن تغفر لاي جهة مهما كانت قوتها وفق سياسة بوس اللحى، وعبارات المجاملة.

خامسا تعزيز الشراكة السياسية، التي اشير لها في نقطة سابقة وفق الاليات الجديدة. والتصدي من الكل الوطني لاي فريق سياسي مهما كانت قوته وثقله الشعبي والسياسي في الساحة يسعى للاسثئثار بالقرار الوطني. دون ان يعني ذلك إغفال موازين القوى في الساحة الوطنية. الذي يتجسد من خلال تمثيلها في الهيئات الوطنية . على ان يعتمد التصويت على القرارات السياسية والتنظيمية والاجتماعية والادارية ... الخ للحد من الاستفراد بالقرار الوطني.

سادسا تستدعي الضرورة إعادة الاعتبار للمؤسسة الامنية الوطنية الواحدة والموحدة على هدف وسياسات وطنية. بتعبير ادق رفض بقاء حالة الفصل بين جناحي الوطن في هذا الجانب. والعمل على ايجاد صيغة ابداعية تعيد الاعتبار لوحدة المؤسسة والاجهزة الامنية.

سابعاا لايغفل المرء التعويض على العائلات الثكلى في ابنائها وممتلكاتها ومصالحها، مترافقا مع ذلك حملة ثقافية وطنية واسعة تستهدف ردم الهوة بين ابناء الشعب، وتجاوز لغة الثارات والاحقاد غير المجدية والمسيئةلارواح الشهداء والاهداف الوطنية ، التي ضحوا من اجلها.

تحتمل العوامل الذاتية التعرض لموضوعات كثيرة ومتشعبة تطال البرامج الاقتصادية والتنموية والتربوية والثقافية والخدمية والادارية والامنية، غير ان الاقتصار على الاساسيات، التي تم التعرض لها آنفا يشكل الاساس لعملية الاصلاح والتطوير للذات الوطنية، في حال أمكن النهوض بها يمكن الارتقاء بباقي مكوناتها، وإحداث قفزة نوعية في مختلف جوانب الحياة الوطنية. يتبع غدا

* كاتب سياسي فلسطيني- رام الله. - a.a.alrhman@gmail.com

http://www.miftah.org