ليالي الطرب تجدد أمسياتها في قدس العرب
بقلم: عبير زغاري لمفتاح
2011/11/21

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13200

"لا يمكنني الكلام الآن، إن قلبي يخرج من صدري لأن هذه القدس"، هذه هي الكلمات القليلة التي صدحت بها "سفيرة الغناء الصوفي" الفنانة المغربية عائشة رضوان قبل صعودها للمسرح لإحياء الأمسية الصوفية ضمن مهرجان "ليالي الطرب في قدس العرب" وذلك على خشبة المسرح الوطني الفلسطيني في القدس يوم السبت الماضي .

أمام تصفيق وترحيب الجمهور المقدسي، افتتحت فرقة تقاسيم التركية مهرجان "ليالي الطرب في قدس العرب" في سنته الثالثة على التوالي. ففي ملتقى الحضارات – مدينة القدس – التقت فرق موسيقية محلية وعربية وعالمية لتحيي الطرب الأصيل وترسل رسالة محبة للإنسانية بأصوات وأنغام تجمع مختلف الثقافات والأطياف والأديان والأجناس.

انطلق مهرجان "ليالي الطرب في قدس العرب" الذي ينظمه معهد ادوارد سعيد الوطني للموسيقى، والذي يستمر من منتصف الشهر الحالي للحادي عشر من كانون الأول من المسرح الوطني الحكواتي، حيث يهدف هذا المهرجان الطربي إلى إنعاش الحياة الفنية الموسيقية في مختلف أرجاء الوطن، وتسليط الضوء على الفرق الفنية التي تسعى جاهدة لإيصال فنها وصوت قضيتها محلياً وعالمياً، والتي تتفرد في كثير من الأحيان في أدائها الذي يرتقي لمستويات الاحترافية.

يأتي المهرجان هذا العام في ظل المحاولات الإسرائيلية المستمرة لعزل مدينة القدس عن الواقع الفلسطيني والحياة الفلسطينية الأصيلة. ومن أجل زيادة الترابط بين القدس وباقي أرجاء الوطن؛ لا تنحصر فعاليات هذا الحدث الثقافي في المدينة المقدسة فحسب بل تمتد لتحتضن مدننا الأخرى، وهي: نابلس وبيت لحم والخليل ورام الله وطولكرم. حيث يتميز مهرجان الطرب هذا العام بتنوع موسيقاه الطربية التي يلحنها ويؤديها عمالقة فن الطرب الأصيل في العالم، مثل: المطربة المغربية عائشة رضوان، والفنانة ورود جبران، وفرقة تقاسيم التركية التي لحنت أجمل وأشهر المقاطع اللحنية التركية العالمية. ويشارك أيضاً نخبة من فرقنا المحلية كفرقة "يلالان"، وفرقة "نوى"، وفرقة "عطر الغجر" من الجولان، وفرق معهد ادوارد سعيد الوطني للموسيقى الخمس وهي: مقامات القدس، وفرقة القدس للموسيقى العربية، وفرقة بيت لحم، وفرقة تراث رام الله، وفرقة نابلس. ذلك بالإضافة إلى مطرب القدس مصطفى الكرد الذي يتفرد دائماً في أدائه، وصاحبة الصوت الأصيل الفنانة دلال أبو آمنة.

وما يميز مهرجان "ليالي الطرب في قدس العرب" هذا العام أيضاً هو توقيته الذي يتزامن مع الحملات الإسرائيلية المتصاعدة لتهويد مدينة القدس، العاصمة الأبدية لفلسطين وملتقى حضارات العالم التاريخية، إلى جانب الهجمة الصهيونية الشرسة على المدينة لتوسيع الاستيطان فيها ومصادرة أراضي الفلسطينيين، الأمر الذي شرعنته الحكومة الإسرائيلية. فيجيء هذا المهرجان ليتحدى كل نقاط التفتيش وكل مخططات الاحتلال، وليقدم أبرز الحناجر التي تصدح أصواتها وتعلو على كل صوت إسرائيلي يهودي يحاول إخماد شعلة القدس المضاءة في قلوب كل البشر، لأن القدس ليست ملكاً لليهود الذين يسعون لامتلاكها بل هي مدينة كل العرب وكل العالم المحب للسلام.

وفي ختام الأمسية التي أحيتها مساء يوم السبت، قالت الفنانة المغربية عائشة: "أنا اغني منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً ولكن عندما أكون هنا في أرض الأنبياء لا يمكن أن تغني بشكل عادي يجب أن تندمج في هذا الجو الروحاني...كنت سعيدة وأنا أرى الأمل في عيون الناس والمحبة الموجودة دائما ورسالتنا أن تدوم المحبة بين الناس وأن يكون الاحترام المتبادل دائماً موجود بينهم".

هذا المهرجان في برنامجه ورسالته يتحدى جميع السياسات الإسرائيلية التي تهدف لطمس هوية مدينة القدس ومكانتها التاريخية وأي ارتباط بينها وبين المدن الفلسطينية، بحيث أن المهرجان يخلق هذا الرابط الثقافي بين القدس وباقي فلسطين، ويؤكد على الهوية الفلسطينية الأصيلة من خلال الثقافة والموسيقى، ويمد جسر التواصل والانسجام بين المدينة ودول العالم. حتماً فإن هذا الشكل من الأحداث الثقافية يجب أن يستمر وينتشر وخصوصاً في دولتنا المحتلة، لأن الثقافة الموسيقية واحدة من أهم أدوات المقاومة الشعبية، ذلك لامتلاكها قدرة كبيرة على بعث رسائل السلام والمحبة بأصوات أصيلة، ولأنها اللغة المشتركة بين شعوب العالم كافة.

http://www.miftah.org