حماس وفياض وحكومة المصالحة
بقلم: رائد موسى
2011/11/23

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13208

بعد جولات الحوار الطويلة ظهرت عقدة "من هو رئيس حكومة المصالحة" بغض النظر عن مسماها ، حكومة تكنوقراط، فنيه ، مهنية ، وحدة وطنية ، كفاءات ... فما كان من الرئيس ابومازن إلا أن طرح خيار التوجه للانتخابات دون تشكيل حكومة المصالحة، فاعترضت حركة حماس بشدة على ذلك، مبررة انه لا يمكن إجراء الانتخابات دون توحيد المؤسسات وضمان الحريات السياسية بالشكل المطلق الذي يسمح للفصائل والأحزاب بالقيام بدعاياتهم الانتخابية بشكر حر ومريح ، ولكن حقيقة الموضوع تكمن في مطلب حماس الذي لا يمكن أن تتراجع عنه وهو توحيد مؤسسات السلطة الفلسطينية، وذلك لترسيم وتشريع الواقع الذي فرضته حماس في قطاع غزة، ومن ثم فلا يهم من سيفوز بالانتخابات القادمة، فرئاسة السلطة ورئاسة الحكومة عبء كبير لا يُحسد عليه، أما وكلاء الوزارات والمدراء والرتب العسكرية... هي محور التجاذب وهي المغانم التي يدور حولها الصراع بين القواعد الشعبية لجميع الأطراف، فالآن حماس تسعى لان تتشكل حكومة مصالحة تستوعب موظفيها وتشرعهم وتضمن حقوقهم المالية من رواتب وتأمين ومعاشات وما إلى ذلك.

أما موضوع اعمار غزة والتحضير للانتخابات فتلك شؤون قادمة ( تحصيل حاصل )، مع إدراك حماس الكامل بان العالم حاليا جاهز لقبول حركة حماس داخل السلطة الوطنية الفلسطينية، لتلعب دورا امنيا بصفة خاصة، وخصوصا بعد الربيع العربي وتنامي تيارات الإسلام السياسي بالمنطقة، وبعد إتمام صفقة شاليط، وقدرة حماس إلى حد مقبول من السيطرة الأمنية على قطاع غزة، وتأمين الحدود مع إسرائيل والحفاظ على التهدئة ، وضبط نمو الجماعات الإسلامية المتطرفة في قطاع غزة، و الرئيس ابومازن يدرك الحاجة الماسة من طرف حماس إلى تشكيل تلك الحكومة الشرعية المقبولة محليا ودوليا والتي ستستوعبهم بشكل رسمي، وذلك أيضا ما سعى إليه ابومازن منذ تنظيمه لانتخابات 2006 فابومازن يعلم بان حركة حماس جزء كبير من الشعب الفلسطيني ولابد له من أن يستوعبه بنظامه السياسي لتشكل رافعه لمشروعه، مشروع الدولة المستقلة، أو على الأقل للجم نشاطهم المعارض لمشروعه الوطني، فلتحقيق ذلك الآن أوضح الرئيس لحماس بأنه متمسك برئيس حكومته الحالي سلام فياض، لأنه الأقدر على تحقيق ذلك، بالرغم من الصعوبات ولكن هنا حركة حماس وضِعت بموقف صعب من الناحية المعنوية فحماس روجت على مدار سنوات الانقسام بان سلام فياض رئيس حكومة انقسام ويحارب المقاومة ونعتته بأبشع الأوصاف.

فالآن يصعب عليها القبول به بالتزامن مع رحيل إسماعيل هنية، وذلك الخطأ السياسي أو الإعلامي الذي ارتكبته حركة حماس مرارا وتكرارا، فقد نعتت الرئيس الراحل ياسر عرفات بأبشع الأوصاف أيضا، والآن تحترمه وتطالب بالتحقيق في ظروف اغتياله وترفع صوره في غزة، وأيضا هاجمت الرئيس ابومازن والآن تعود وتعترف به وتدعوا الله على أن يحفظه بخطابات قيادتها العلنية ، ففي اللقاء المقبل بين الرئيس ابومازن ورئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل من المؤكد إنهم سيتحدثون بلغة السياسة ( لغة المصالح )، فستجد حماس بان انسب شخص لتولي رئاسة حكومة المصالحة وخصوصا لحركة حماس لا لحركة فتح، هو سلام فياض، وليُخرجوا أنفسهم من المأزق المعنوي من ذلك لا عليهم سوا خطاب قصير عن تغليب المصلحة الوطنية والتنازل من اجل الوحدة الوطنية وبضع الكلمات الرنانة الجميلة وينتهي الأمر بتشكيل حكومة مصالحة برئاسة سلام فياض والتي ستكون الأوفر حظا في النجاح وان لم تنجح سيكون العالم مازال يعتقد ان الظروف لم تنضج بعد، للقبول بحركة حماس داخل السلطة الوطنية الفلسطينية، والتي اعتقد انها نضجت، ومن الممكن أن تجد حماس ان الثمن المعنوي للقبول بفياض أمام جمهورها أعلى من ثمن فرص نجاح الحكومة دون سلام فياض وذلك ما لا اعتقده ، فستصر على استبعاده .

http://www.miftah.org