ماذا يريد الشعب الفلسطيني؟؟
بقلم: د. لورد حبش
2011/11/24

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13211

ماذا يريد الشعب؟ سؤال أقتبسه من عنوان مقالة كتبها صحفي ايراني عام 1957 في جريدة الديبلومات. تساؤل مشروع طرحه هذا الكاتب على شعبه الإيراني _ابان حكم الشاه_ ماذا تريد؟. وعندما نشرت هذه المقالة تم استدعاء الكاتب من قبل جهاز المخابرات الايرانية " السافاك" ورد عليه مسؤلي هذا الجهاز بتهكم " طلب منا أن نخبرك أن الشعب مات". ولم يكن يدري هذا الجهاز الذي بطش بالإيرانيين لأعوام طويلة أن الشعب لا يمكن أن يموت، فبعد مضي اثنان وعشرون عاما رأى جهاز المخابرات بأم عينه تدفق ملايين الإيرانيين للشوارع معلنين قيام الثورة الإيرانية التي اسقطت نظام الشاه. فالشعب قد يغط في سبات عميق ولكنه لا يموت. فهو لا بد أن يستفيق من سباته العميق ليعلن للحكومة وللاجهزة الامنية أن الكلمة الاولى والاخيرة هي له.

فالسيادة كامنة فيه فهو الذي يمنحها وهو الذي يفوضها. واجتاحت الثورات اوروبا الشرقية داحضة ايضا مقولة الشعب مات وأعلنت ايضا " الشعب يريد التغيير".

وجاءت الثورات في العالم العربي وتوالى نزول الشعوب العربية إلى الشوارع لتهدم يأس واحباط سنوات طويلة. فالشعب التونسي قد استفاق من نومه بعد ثلاثة وعشرين عاما. وعندما صدمت الحكومات العربية بهرب زين العابدين حاولت الدفاع عن نفسها معتبرة أن النموذج التونسي لن يعمم وأنه حالة استثنائية.

فأعلن وزير الخارجية المصري السابق أحمد أبوالغيط أن انتقال الثورة من تونس إلى مصر كلام فارغ، أما سيف الإسلام القذافي فأعلن أن ليبيا ليست كمصر وتونس. ولكن اخطأت النخب الحاكمة في الدول العربية في حكمها فقد تم تونسة العرب، وجاءهم الرد بصوت الثوار رافعين شعار "الشعب يريد اسقاط النظام". فقد صحى الشعب المصري بعد أن غط في نوم عميق لمدة ثلاثين عاما معلنا بصرخة مدوية أنه قد اكتفى وأنه قرر أن يختار مصيره، مسترجعا السيادة التي تم مصادرتها دون وجه حق من قبل مبارك وحزبه الوطني. والشعب الليبي لحق بإخوانه التوانسة والمصريين ليعلن بعد أن أمضى اربعين عاما في الكهف" الشعب لا يريد القذافي " ولا كتابه الأخضر.

الثورات باغتت الحكام العرب، ولذا تسأل الحكام من أين أتت كل هذه الجماهير؟ كيف استفاقت الشعوب التي كممنا افواهها طوال عقود؟. فهم لم يفهموا شعوبهم إلا في وقت متأخر أو بشكل أدق لم يأخذوا مطالب شعوبهم ضمن حساباتهم. لذا ردد زين العابدين في خطابه الاخير للشعب التونسي " أنا فهمتكم، نعم أنا فهمتكم، فهمت الكل" وكذا فعل حسني مبارك قائلا " أنا أعي التطلعات المشروعة للشعب". فردت عليهم شعوبهم وعيكم وفهمكم لا يفيد فنحن نريد اسقاط حكمكم. فقد فات الأوان فقد جلستم على مقاعد الحكم لمدة تزيد عن عقدين، ألم تكن هذه المدة كافية لكي تفهموا مطالبنا. ولذا لم يشفع لهم وعيهم المتأخر لمطالب شعوبهم في انقاذهم من طوفان الحرية والمطالب الشعبية. فالشعب قد وعى ولم يعد يصدق ما يقوله الحكام فهو قرر أن يختار مصيره. فالشباب العربي أثبت قدرته على احداث التغيير برقم قياسي في الوقت الذي فشلت فيه مؤسسات المجتمع المدني والاحزاب بأن تحققه. فالشعوب العربية تستحق أن تدخل كتاب غينس في تحطيمها الارقام القياسية في القضاء على الأنظمة الطاغية. فزين العابدين فر هاربا بعد أقل من شهر من بدأ الثورة وتنحى مبارك بعد ثمانية عشر يوما.

والسؤال الذي يتم طرحه اليوم ونحن نعيش في خضم الثورات العربية والتحولات الجذرية "ماذا يريد الشعب الفلسطيني". فهذا سؤال مشروع ويجب أن يسأل ماذا تريد أيها الشعب الذي استطعت احباط المخطط الصهيوني ومزاعمه أن فلسطين" أرض بلا شعب". فالشعب الفلسطيني بقي ثابتا في أرضه ومتشبثا فيها ومدافعا عن أرضه. معلنا للعالم وبلغة محمود درويش " أنا من هناك" وأن "على هذه الارض ما يستحق الحياة".

دعونا نتحاور ونفتح باب الحوار بشكل جدي على مصرعيه لكي نجيب على تساؤل " ماذا يريد الشعب الفلسطيني". وليس ماذا يريد هذا الحزب أو ذاك أو ماذا تريد هذه الجماعة أو تلك، أو ماذا يريد هذا الشخص أو ذاك. دعونا نفكر ونقرر بلغة بواحدة ماذا يريد الشعب الفلسطيني. فالثورات أثبت أنه إذا الشعب اراد شيئا فهو يستطيع ان يحقق المستحيل. لذا ألم يحن الوقت لنقول جميعًا وبصوت واحد "الشعب الفلسطيني يريد ............ ".

http://www.miftah.org