اللقاء المرتقب مشعل – عباس
بقلم: محمد أحمد أبو ماضي
2011/11/24

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13212

في المحطات المختلفة التي مرت بها المصالحة الفلسطينية من ( إعلان القاهرة - وثيقة الأسرى - وثيقة الوفاق الوطني - اتفاق مكة- المبادرة اليمنية - الورقة المصرية - وأخيراً وليس آخراً توقيع اتفاق المصالحة على الورقة المصرية في القاهرة مع بعض التعديل)، والجهود المبذولة من عدة أطراف عربية والدعوات المتكررة من أصدقاء عدة بضرورة التوافق وإنهاء هذه المأساة، مأساة الانقسام من واقع وتاريخ الشعب الفلسطيني، كل هذه المحطات – ما عدا الأخيرة منها- لم تفلح في رأب الصدع وإنهاء الانقسام، وبقيت نقاط الاتفاق، حبر على ورق دون تطبيق أي من بنوده المتوافق عليها، إلا ما يضيفه هذا الاتفاق من دفعة معنوية سرعان ما تزول مع مضي الوقت.

إلا أنه بدا واضحاً وجود بصيص أمل تلى توقيع الورقة المصرية في القاهرة بتاريخ 4/5/2011، وما رافق التوقيع من جو ايجابي من كلا الطرفين، وبالطبع قابله سخط أمريكي صهيوني. إلا أن هذه الأجواء الإيجابية عاودت إلى التراجع والفتور. لأسباب عدة منها انشغال تيار التفاوض في طلب عضوية الدولة في مجلس الأمن، و تأجيل ملف المصالحة إلى الانتهاء من التحرك في الأمم المتحدة.

عاودت مرة أخرى الأجواء للنضوج بعد الدعوات المتكررة من حركة حماس لمختلف الفصائل بالاجتماع لعقد مؤتمر وطني شامل يبحث في رسم إستراتيجية وطنية للمرحلة المقبلة، قابلها دعوة رئيس حركة فتح محمود عباس أثناء زيارته لتونس رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل لعقد لقاء مشترك لبحث كافة الملفات العالقة على رأسها ملف الحكومة وتسمية رئيسها، وملف الإستراتيجية الوطنية والبرامج السياسي للمرحلة القادمة. كان قد سبقها حديث مشابه من السيد عباس قبيل توجه إلى الأمم المتحدة أعلن فيه نيته فتح حديث معمق مع حماس.

حدد موعد هذا اللقاء، يوم الخميس 24/11/2011 .ومن المتوقع أن يبحث اللقاء ملفين اثنين هما ملف الحكومة بكافة تفاصيله من رئيسها لبرنامجها والمهام الموكلة إليها لتحقيقها كإعادة أعمار القطاع...، والملف الثاني وضع الأساس العامة للإستراتيجية الوطنية المقبلة. وقد استبق عقد اللقاء وخلال فترة الأشهر القليلة الماضية ما يمكن اعتباره الأطر العامة حسب رؤية كل طرف، يمكن تحديدها بالنقاط التالية:

رؤية حركة فتح للإستراتيجية:

حسب السيد عزام الأحمد مسؤول ملف المصالحة في حركة فتح وعضو مركزيتها حدد النقاط العامة لرؤية حركته وكما أوضحه، قيام دولة فلسطينية مستقلة على خط الرابع من حزيران 1967، والتركيز على المقاومة الشعبية ونطاقها وشموليتها وكيفية تأطيرها، إضافة إلى التحرك السياسي الفلسطيني في المحافل الدولية.

بينما رؤية حركة حماس للإستراتيجية:

سب بيانات وتصريحات بعض مسؤولي الحركة تتضح رؤية حركة حماس بالآتي:

■أن السبيل للتحرير واستعادة الحقوق ومواجهة التحديات هي الاعتماد على خيار المقاومة بكل أشكالها الذي أثبت جدارته. ■ الحركة تأيد إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة حقيقية على خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967، عاصمتها القدس، مع عودة اللاجئين، وتفكيك المستوطنات، دون الاعتراف بالكيان الصهيوني، مع عدم التخلي على أي من الحقوق الوطنية.

■ العمل على استعادة كافة حقوق الشعب الفلسطيني. والاعتماد على أوراق القوة والتخلي عن سياسة الرهان على الآخرين، لاسيما الإدارة الأمريكية.

ويتبين من رؤية كل طرف لهذه الإستراتيجية وجود أرضية عمل مشتركة يمكن الاتفاق عليها باعتبار أن هذه الإستراتيجية ستكون عبارة عن القواسم المشتركة في برامج كل حركة وكي تزداد الأمور وضوحاً نلاحظ ما يلي:

1- فتح مع دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران لعام 67، والاعتراف بالدولة "الإسرائيلية" بالمقابل حماس مع هذا الطرح لكن مشترطة عدم الاعتراف بشرعية بقاء الاحتلال على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة أي عدم الاعتراف ب "إسرائيل". القاسم المشترك هو قبول الطرفين بالدولة الفلسطينية على حدود 67.

2- أسلوب مواجهة الاحتلال، فتح ترى أن المقاومة الشعبية هي السبيل الوحيد في هذه المرحلة لصد ممارسة وتهديدات الاحتلال، بينما حماس ترى أن المقاومة بكل أشكالها هي السبيل لذلك، ونلاحظ هنا وجود قاسم مشترك بين الطرفين أن تكون المقاومة الشعبية هي الحد الأدنى العمل في المرحلة المقبلة.

3- فتح ترى بأن المفاوضات هي برنامجها وأي عمل آخر هو داعماً لموقفها على طاولة المفاوضات، بينما حماس ترفض بتاتاً المفاوضات على هذه الصورة خاصة بعد فشل هذا الخيار وانسداد أفقه على لسان أصحابه. ولكن هنا الطرفين يتقاسمان فكرة التحرك الدولي في المحافل الدولية ضد الاحتلال واعتباره أسلوب لنيل الحقوق كما حصل في منظمة اليونسكو.

الملاحظ أن البرنامج القادم سيعتمد على أن تكون المقاومة شعبية "سلمية"، وأن يقتصر العمل المسلح فقط على رد الفعل ومواجهة أي اعتداء عسكري صهيوني. وأن تركن عملية التفاوض المجمدة أصلاً في هذه المرحلة لحين استقرار المنطقة ومعرفة الخارطة السياسية القادمة. استجماعاً للقوة والمساندة التي ستدفع الاحتلال على الاعتراف بحقوقنا. وأن تكرس كافة الجهود من كل الأطراف في هذه المرحلة مساندة لتحرك منظمة التحرير في المحافل الدولية باعتباره طريقاً لنيل الحقوق.

إلا أن أي إستراتيجية مرتقبة تواجهها معوقات منها :

إن رؤية حماس للدولة الفلسطينية يتعارض مع ميثاقها الذي ينص على أن فلسطين من البحر إلى النهر، وإن كانت هي ذاتها لم تعترف بالاحتلال وتربط دعمها لقيام الدولة الفلسطينية بعدم الاعتراف بالاحتلال، والمشكلة كيف ستوفق بين الأمرين، وكيف سيقبل الاحتلال بهذه الصيغة.

المقاومة الشعبية وتصاعدها وطبيعة الرد العنيفة من قبل الاحتلال التي من المؤكد ستكون هائلة، هل ستبقي نطاق ردها على جرائم الاحتلال بالعمل الشعبي أو ينفلت الأمر إلى ساحة العمل المسلح، فهل ستنجح في التوفيق بين ثوابتها في تبني العمل المسلح و التوفيق مع البرنامج السياسي المرتقب.

وبالطبع ستواجه فتح صعوبات أيضاَ منها الضغوط الدولية بالأخص الأمريكية والصهيونية ومن بعض الدول العربية على طبيعة هذا التفاهم. وهناك عقبة يشترك فيها الطرفين هي إقناع الدول العربية والصديقة لنيل دعهم لهذا البرنامج خاصة أن لدولنا العربية ثقل كبير على الساحة الفلسطينية.

على الطرفين من أصحاب الخيارين المقاوم والمفاوض، الاستفادة من الدروس السابقة وأخذ العبر منها، وأن يعملا سوية على وضع برنامج عمل وطني مستقبلي يشترك فيه الجميع إعداداً وتخطيطاً وتنفيذاً، دون استثناء أحد. وأن يشمل كل أماكن التواجد الفلسطيني في الداخل والخارج. كي نخلص إلى مخطط عمل جدير بالإتباع يرسم لشعبنا خارطة طريقة تعيد له حقوقه كاملة، تساند أبناء الشعب الواحد على التعاون فيما بينهم لا الصدام والاختلاف، وتؤسس للأجيال القادمة درب العودة دون ضياع أو فشل.

http://www.miftah.org