نجاح أكبر يعني مسؤولية أصعب!
بقلم: يحيى رباح
2011/11/29

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13218

منذ صعدنا فلسطينياً إلى استحقاق أيلول, لم نعد نسمع من هذه الحكومة الإسرائيلية التي يقف على رأسها بنيامين نتنياهو سوى التهديدات, التهديدات ضد الرئيس أبو مازن, وهي تهديدات وصلت إلى حد الخطر الفعلي, وانحدرت إلى المستوى الذي يجعل هذه الحكومة الإسرائيلية مجرد عصابة إرهابية وليس قيادة دولة !!! ويرسم لهذه الحكومة الإسرائيلية صورتها الحقيقية بأن إسرائيل ليست مؤهلة للسلام, لأنها ليست راغبة في هذا السلام بأي شكل من الأشكال, وبالتالي فإن أسئلة المرحلة القادمة التي يجري الحوار الفلسطيني الواسع للإجابة عنها, يجب أن تأخذ بعين الاعتبار, وبشكل رئيسي, أن إسرائيل تحت قيادة نتنياهو وحكومته الحالية غير مؤهلة بالمطلق لأن تكون شريكا في السلام مع الفلسطينيين ومع بقية المنطقة. التهديدات الإسرائيلية تطال أيضا تدمير البنية التحتية لقطاع غزة, وتطال سرقة أموال السلطة الوطنية على المكشوف, وبرامج الاستيطان المجنونة, وجرائم هدم البيوت الفلسطينية على نطاق واسع ومصادرة الأراضي في أريحا, والتعامل بوحشية مع المعتقلين الفلسطينيين داخل السجون, ثم التهديد بما هو أكثر من ذلك.

دون أدنى شك، فإن الرئيس أبو مازن ومعه القيادة الفلسطينية كاملة كانت تتوقع ردود الأفعال الإسرائيلية التي نراها الآن, والتي تأخذ الشكل الهستيري, لأنه منذ صعود الفلسطينيين إلى استحقاق أيلول, انفتح أفق جديد واسع, وطرحت أسئلة جدية, ولم يعد هناك شيء خارج نطاق الأسئلة, لأن ما كان مسكوتا عنه بسبب ضرورات عملية السلام, أو بتأثير تداعيات الانقسام الفلسطيني, أو بسبب إعطاء الفرصة للجهود الدولية لنجاح مساعيها مع إسرائيل, كل تلك الأسئلة المسكوت عنها أصبحت مطروحة اليوم بقوة !!! فإسرائيل سقطت كل أقنعتها, ولم يعد في إمكانها سوى أن تظهر على المكشوف, دولة عدوان, دولة احتلال, عاجزة عن تقديم أي شيء إيجابي, ليس في يدها شيء سوى عربدة القوة الحمقاء, والاعتماد على انحياز حلفائها الذين يؤمنون لها أسباب الحياة والبقاء.

على جانب آخر، فإن هذه التهديدات المفضوحة التي تصدر عن حكومة نتنياهو, تعطينا ثقة إضافية بأننا على صواب في خياراتنا السياسية, على صواب بذهابنا إلى المجتمع الدولي عبر بوابة الأمم المتحدة, وعلى صواب حين انهمكنا في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية المستقلة, وعلى صواب حين اخترنا التهدئة في قطاع غزة, وحين اخترنا المقاومة الشعبية السلمية في الضفة الغربية, وعلى صواب حين تقدمنا بخطى ثابتة وهادئة وعبر تطوير الفهم المشترك نحو إنهاء الانقسام وانجاز المصالحة, والبحث عن صيغ تجعل حراكنا الفلسطيني عادلا ومشروعا ومدعوما بأوسع قدر من التفهم والرضا والقبول الدولي !!! وهذا هو جوهر المسؤولية الأكبر والأصعب الذي يجب أن نتمسك به ونطوره في المرحلة القادمة, بحيث نقول وداعا للمزايدات والأوهام ونعم للوعي العميق, والضرورات الملحة, والحقائق الراسخة على أرض الواقع.

نحن نعلم أننا نستمر على طريق النجاح خطوة وراء الأخرى, ومن يحقق هذا النجاح, ومن يحقق هذا الحضور, ومن يحقق هذا الاقتراب الحثيث من انجاز أهدافنا, فيجب أن يعرف أن مسؤوليته تصبح كبيرة, وأضعافا مضاعفة, من خلال هذا النجاح المستحق.

أعتقد أن لقاء الخميس الماضي في القاهرة بين الأخ الرئيس أبو مازن والأخ أبو الوليد خالد مشعل, كان أهم ما فيه وأنجح ما فيه هو هذا اللقاء بين الرجلين منفردين دون مصائد الإعلام أو مصائد رقابة الآخرين !!! ولذلك كان هناك هذا النجاح الذي تحقق, وكانت تلك الفرصة لتبادل قراءات معمقة عن الواقع من حولنا, والإمكانيات المتاحة أمامنا من خلال أوسع درجة من الفهم والتفاهم حول متطلبات هذا الواقع.

إسرائيل التي لا تملك سوى لغة التهديد والوعيد, ترسل إلى جميع المراقبين في العالم رسالة تقول ان لديها حكومة فاشلة بامتياز, حكومة أحادية الرؤية محكومة بالتطرف وبإغراء القوة والاستسلام للعزلة !!! وأعتقد أن هكذا حكومة إسرائيلية لا يستطيع أحد بما في ذلك شعبها الإسرائيلي أن يحتمل نزقها ورعونتها التي يمكن أن تدمر كل شيء. نحن مدعوون إذاً إلى مزيد من هذا النجاح نحققه مع بعضنا, ونتفهم أعباءه مع بعضنا, وننهض بمسؤولياته مع بعضنا, ونعرف مسبقا أن النجاح الكبير يجب أن يحمل أصحابه مسؤوليات كبيرة.

Yehia_rabah@hotmail.com

http://www.miftah.org