حركة فتح وانتخابات مايو
بقلم: عبد الجواد زيادة
2011/12/5

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13238

لم يتضح سوى القليل من التفاصيل، للقاء الذي جمع السيد الرئيس محمود عباس، والسيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في القاهرة، والذي استمر زهاء الأربع ساعات، منهما ساعتان عقدا فيهما اجتماع منفرد، وساعتان أخريين انضم إليهما الوفدين المشاركين، من قيادي حركتي فتح وحماس، ليخرج الطرفين بعدهما في تصريح مقتضب، مبشرين بان الشراكة هي عنوان المرحلة القادمة، وبأن الخلاف طويت صفحته بلا رجعة، وأصبح من الماضي، وخلال الأيام والأسابيع القادمة، سنلمس كشعب تنفيذ الاتفاق علي الأرض، وعلي الرغم من الأجواء الايجابية، وتأكيد الطرفان في حركتي فتح وحماس ذلك، إلا أن المواطن الفلسطيني لم يعد يتفاعل مع هذه اللقاءات، وتسيطر عليه حالة من الشك وعدم اليقين، نتاج التعثر بعد اللقاء السابق في ملف الحكومة، بالإضافة للسلوك في الميدان أثناء وبعد اللقاء الأخير، بما يتعارض مع التصريحات المطمئنة، فالاعتقال والاستدعاء تواصلت وتصاعدت، مما عزز الشعور بالإحباط في قلوب المواطنين، وافقدهم الثقة بإمكانية إنهاء الانقسام.

السؤال الموجه لقادة حركة فتح، لو صدقت النوايا هذه المرة، كما ندعو ونبتهل ونأمل، وخرج الاتفاق الأخير ليري النور، ماذا أعدوا لمواجهة استحقاقات المرحلة القادمة، وأصبح الموعد المحدد وفق ما اتفق عليه، لإجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية، في الرابع من مايو العام القادم، وفق ما أعلن السيد الرئيس، وأكده ناطقي حركة حماس، هل باستطاعة فتح في هذه المدة الزمنية القصيرة، بالقياس مع المهام الجسام المطلوب انجازها، من ترتيب للبيت الداخلي للحركة، وبناء الهياكل التنظيمية التي تعاني الاعتلال والتكلس، والتجهز لخوض هذه الانتخابات، بفرز مرشحيها وفق أسس موضوعية سليمة، تضمن التفاف قواعدها والجماهير من خلفهم لضمان النصر، وكيف ستواجه رفض السيد الرئيس الترشح لانتخابات الرئاسة، وهل لديها رؤية للبديل حال إصراره علي ذلك، وعدم استطاعتها ثنيه عن قراره.

تساؤلات كبيرة ووضع حرج، فحركة فتح تعاني أزمات مركبة، فالخلافات الداخلية ستلقي بظلالها علي التجهيز والإعداد، والتنافس بين كادرها وما اكتسبه جزء منهم، من ثقافة غريبة عن أبجدياتها بتقدم الأنا علي نحن، والضربات التي تلقتها هياكلها وأطرها التنظيمية ومؤسساتها في غزة، علي يد حركة حماس وأجهزتها الأمنية، وعزوف الكادر المجرب صاحب الخبرة والتاريخ المشرف، عن المشاركة والتواصل مع الجماهير، وضعف الأطر النقابية، وقلة الموارد المالية وشحها، وفقدان التواصل بين القيادة والقاعدة في كافة المستويات، وغير ذلك من الأسباب، كلها نقاط ضعف قد تنعكس علي أداء الحركة، ما لم تجد المعالجات السليمة سريعا دون إبطاء.

السؤال الأخير هل الصورة قاتمة إلي هذا الحد، وهل فقدت حركة فتح الأمل في الفوز مجددا، الإجابة الأكيدة لا، فالمواطن الفلسطيني كما كل أبناءها وكادرها، ما زال يؤمن بان فتح تمثل الوجه الوطني المشرف، المؤتمن علي ثوابت الشعب الفلسطيني، والمتمسك بحقوقه المشروعة، والمعبر عن همومه والمتلمس لاحتياجه، الكل الوطني تواق لرؤية فتح قادتها مع كوادرها موحدين، بشيبها وشبيبتها، فأزمة الحركة لم تكن يوما في قواعدها، فلماذا لا يراجع قادتها مع كادرها الذات، ويجرون مصالحات لرص الصفوف، واحتواء الشباب والكادر المتميز، وتنظيمهم وتوظيفهم وفق إمكاناتهم وطاقاتهم، بما يتناسب مع المهام الموكلة إليهم، ولماذا لا يتم إعادة صياغة الهياكل المترهلة القائمة، وتعزيزها ورفدها بالخبرات والكفاءات، وهي موجودة بوفرة في كافة القطاعات والشرائح ،فقط المطلوب استنهاضها فهي تمتلك الانتماء الصادق، ترغب أن تكون شريكة في صناعة القرار لا منفذة له فقط، ولماذا لا يتم تفعيل رسوم العضوية والاشتراك، كأحد الوسائل لسد العجز المالي، ولماذا لا يتم وضع آليات لاختيار المرشحين لخوض الانتخابات، من خلال المشاركة الجماعية من أبناء الحركة (برايمرز)، قبل الإعلان عنهم ضمن القوائم للالتفاف حولهم، ولماذا ولماذا ووو .

رغم أن الوقت محدود إلا أن الفرصة متاحة، وليس أمام قادة حركة فتح سوي خياران، إما الاستسلام والاستكانة لجني إخفاق أخر وفشل جديد، أو الإخلاص والتفاني، وربط الليل بالنهار بعمل دءوب متواصل، لإعادة الاعتبار للحركة التي تستحق إنكار الذات، والتعالي علي الصغائر، إكراما لشهدائها وجرحاها وأسراها، فليخلص القادة النية ويشمروا عن سواعدهم ولينزلوا للميدان، فالشعب يريد فتح فتية قوية ليمنحها ثقته.

http://www.miftah.org