'خطر يهودي'.. على إسرائيل؟!
بقلم: حسن البطل - فلسطين برس
2011/12/17

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13277

'الجيش الإسرائيلي، الذي يحمي شعبه، وجد نفسه يحمي نفسه منه. هذه سخافة لا يمكن إدراكها. هذا واقع غير معقول وخطير' ماذا في الأمر، ليقول هذا رئيس الأركان الإسرائيلي؟ حجر يهودي شجّ رأس نائب قائد لواء إسرائيلي (بعد أقل من أسبوع على نسف قنبلة غاز رأس الفلسطيني مصطفى التميمي).

قال رئيس أركانهم ما قاله، وقال قائد المنطقة الوسطى 'كراهية اليهود (لليهود)، كما رأيت تجاه جنودنا، لم يسبق أن رأيت (مثلها) في 30 سنة من خدمتي'.. وقال معلقو الصحف الإسرائيلية ما قالوا (مثلاً: إيتان هابر، مدير مكتب رابين – سابقاً، قال: 'قدمنا للمستوطنين إصبعاً فأخذوا اليد كلها، وفقدت السلطة في المناطق (الفلسطينية المحتلة).. وانقلب السحر على الساحر'.. وحتى 'لو أنهم سمَّوَني بنيامين نتنياهو لكنت، اليوم، أكثر خوفاً على حياتي'؟

ما الذي حصل؟ مائتان من زعران التلال (بين 14 - 18 سنة) هاجموا واقتحموا قاعدة قيادة لواء أفرايم (في محافظة رام الله) وشجّوا رأس المقدم تسورهرياز بطوبة (بعد أن فتحوا باب سيارته) وثقبوا عجلات سيارات عسكرية.. ومن ثم قال ضابط لواء 'المرحلة التالية لديهم (فتيان التلال) ستكون استخدام السلاح الناري. في البداية في الهواء.. ولكن هذه مسألة وقت'.

قبل أسابيع قليلة، حذر قائد لواء بنيامين (رام الله) في خطبة إنهاء خدمته، من أن 'زعرنة' فتيان التلال هي 'إرهاب يهودي' منفلت العقال.. لأنهم دهموا قاعدة فرعية للجيش، وثقبوا إطارات سيارات عسكرية.. وبصقوا في وجوه الجنود، ونعتوهم بالـ'نازيين'.. هذا علماً أن الضابط الذي شجوا رأسه بطوبة قال: ولكنني ابن ناج من المحرقة.

يعني إسرائيل من 'الربيع العربي' ما لا يعنينا.. أو يعنينا قليلاً.. ويعني الفلسطينيين من 'خريف' دولة القانون في إسرائيل ما يعنينا كثيراً.. وما قد يعني العرب قليلاً.

قبل الانقلاب الحمساوي 2007 انهال الإسرائيليون على رأس عرفات ورأس السلطة الفلسطينية بهذا السؤال: أين هي 'ألتالينا' فلسطينية؟ بن - غوريون، بعد قليل من إقامة الدولة، أمر إسحاق رابين بإطلاق عدة طلقات مدفع ضد سفينة سلاح لحزب 'حيروت'.. لكن الفلسطينيين خاضوا حرباً أهلية مصغرة في غزة أوقعت مئات الضحايا.. وفي بلدان 'الربيع العربي' تطورت الانتفاضات إلى حروب أهلية أوقعت آلافاً مؤلفةً من الضحايا.

.. والآن، يتحدثون عن 'حرب اليهود' التي قتلت رابين، ومن قبله إميل غرينتسفايغ، وشجت رأس نائب قائد لواء. في كل ما يتعلق بالأمن المقدس الإسرائيلي يرون 'الحبة قبة' ويرون في الحجارة الفلسطينية إرهاباً يهدد حياة الجنود بالخطر، وفي حجارة فتيان التلال على الفلسطينيين والجنود نوعاً من الشغب والفوضى كما قال نتنياهو!.

مات موشي دايان قبل أن يتمادى الاستيطان بعد حرب تشرين 1973، لكنه حذّر بعد حرب 1967 من أن تصبح الأراضي المحتلة 'جمرة في أيدينا'.. إلى أن صارت المستوطنات والبؤر الاستيطانية مفرخة 'زعران التلال' الذين يسلبون الأراضي والينابيع، ويحرقون أشجار الزيتون والمساجد (في الضفة أولاً ثم في القدس وإسرائيل).

هذا صراع على مصير الضفة وفلسطين، وهذا نزاع بين إسرائيل وغلاة المستوطنين حول موقع 'الضم الزاحف' المنهجي الرسمي، من موقع الاستيطان العشوائي والبؤر الاستيطانية غير القانونية.

.. أو هي حرب ثقافية - أيديولوجية بين الصهيونية الكلاسيكية وبين اليهودية التوراتية.. ويقول العالم إن 'الحل بدولتين' هو مصلحة دولة إسرائيل على المدى البعيد، ويقول فتيان التلال 'زو ارتسينو' هذه أرضنا' والحل بدولتين هو هرطقة وكفر!.

من زمان، قلنا إن مصير فلسطين ومسار دولة إسرائيل أمران متلازمان.. والآن، يبدو أن الدولة الصهيونية والدولة اليهودية أمران متنافران.

الحبة حبة، ولكن يراها بعض الإسرائيليين قبة. صراع على مصير فلسطين، وحرب على صورة إسرائيل.

أوائل ستينيات القرن المنصرم، وضع الضابط أود بول، كبير مراقبي الهدنة، كتاباً عنوانه 'إسرائيل في خطر السلام' ينصح فيه العرب أن ينصرفوا لبناء دولهم، وينسوا إسرائيل لتتكفل بها تناقضاتها الداخلية.. ربما كان أود بول على حق! أو أن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي يؤدي إلى نزاع إسرائيلي - يهودي؟.

http://www.miftah.org