ومضة: هل يفكر الشباب الفلسطيني بما يختلف عن قياداته؟
بقلم: د.صبري صيدم
2011/12/20

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13291

نظمت وزارة الشباب والرياضة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الأسبوع الماضي مؤتمرا للشباب ليس الأول من نوعه، لكنه وكما رأيت الأكثر تغطية للعديد من الموضوعات التي ارتفعت في البعض منها حرارة النقاش إلى حد كبير طرحت خلاله أسئلة عريضة ومهمة وحساسة.

وحتى أتجنب فتوى التعميم والإدعاء بما لم أشهده، فإنني سأختصر حديثي على ما أثير من نقاش في إحدى جلسات المؤتمر والتي ضمت ما لا يقل عن مائتين من الشباب وكنت أحد المتحدثين فيها عن الوسائل المختلفة للمقاومة الشعبية.

ورغم أنني قد وجدت شخصيا فرصة سانحة لأتحدث بإسهاب عن الاستخدامات العريضة للفضاء الإلكتروني الرحب وكيفية توظيفه للوصول إلى أكبر عدد من الناس حول العالم تجسيدا للعمل الوطني الشعبي المقاوم، إلا أنني أرى أهمية إبراز ما ورد من نقاش وأسئلة تضع الإجابة عليها ملامح لرؤية الشباب لمستقبلهم الوطني باعتبارهم عنوانا لاستنهاض العمل الوطني وتطويره. ولكي لا أصادر حق الإجابة لمن يريد وكيفما يريد، فإنني سألخص مجمل الأسئلة التي طرحها الشباب أو الشريحة التي شاركت بالنقاش، مع تقديري لكون هذه العينة صغيرة الحجم لكن تنوعها العمري وتعدد انتمائها الفصائلي وتوزيعها الجغرافي يجعل منها عينة مهمة ودالة على نقاش مهم، يدور بصورة لا يسمع عنها البعض وربما الكثير من صناع القرار، إضافة إلى أن الأسئلة ذاتها قد تكررت في عشرات اللقاءات التي شاركت فيها مع فارق السخونة المتزايدة مع تقدم الزمن.

ومع قناعتي بأن الأسئلة ربما تعكس المزاج العام وسط الشباب وطبيعة الوجهة التي يريدونها أو يفكرون فيها، وربما أولوية ما يستحوذ على اهتماماتهم السياسية، إلا أنني سأترك للقارئ حرية تحليل الأسئلة وما يختلج في صدور سائليها.

أول الأسئلة ( وأنقلها كما أوردها الشباب) كانت عن المقاومة بكامل أشكالها وإذا ما كانت المسيرة الوطنية الفلسطينية قد اقتنعت بعد سنوات من التفاوض غير المثمر بمقولة أن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغيرها؟ أما بقية الأسئلة فقد جاءت على النحو التالي: ما هو حقيقة موقف السلطة الفلسطينية وفصائل المنظمة من المقاومة الشعبية؟ هل هي مجرد شعار أم نهج يمارس ويعتد به؟ وكيف لمنظمة التحرير أن تعزز مفهوم المقاومة بإلغائها لاتفاق باريس وغيرها من بروتوكولات الإجحاف؟ ولماذا تنحصر المقاومة الاقتصادية بمقاطعة بضائع المستوطنات وهل تمتد لتشمل كامل المنتجات الإسرائيلية؟ ومتى ستنطلق حملة الترويج الكامل والواثق للمنتج الفلسطيني باعتباره ركنا من أركان المقاومة؟ وكيف للمقاومة الشعبية أن تعيد القضية الفلسطينية إلى المربع العربي الثائر؟ وهل ستقود المقاومة الأهلية إلى عصيان مدني شامل؟ وما فائدة الحديث عن المفاوضات؟ وأية مفاوضات يجري الحديث عنها في خضم الالتهام اليومي للأرض الفلسطينية؟ وأين القدس من العمل المقاوم؟ وإلى متى ستبقى أسيرة الشعارات؟ وما هو مصير المطبعين؟ ولماذا لا تجري إقالتهم أو معاقبتهم؟ وما حقيقة سيطرة إسرائيل على مدخولات بعض الشركات الفلسطينية الخدمية؟ وهل هناك استثمارات فلسطينية في إسرائيل ومستوطناتها؟ وإلى متى ستبقى لغة الشعارات هي سيدة الموقف؟ وهل هناك مصالحة حقيقة أم مضيعة للوقت؟ وكيف للشتات الفلسطيني أن يكون أكثر فاعلية؟

حقيقة الأمر، أن الجلسة التي بدأت متأخرة واستمرت ساعتين كان من الممكن أن تستمر لساعات أخرى خاصة، وأن انقضاءها لا يعني انقضاء الأسئلة التي بقيت متدفقة حتى مع خروجنا مجتمعين إلى الشارع، ما دفعني إلى إدماج البعض منها مع ما ورد في مجمل أسئلة النقاش.

إن حالة الاستعصاء على المشهد السياسي واستمرار الإجراءات العنصرية الإسرائيلية، وتوسيع رقعة الاستيطان، وعربدة المستوطنين، وهيجان الشارع العربي، وبطئ المصالحة الفلسطينية، إنما تشكل قاعدة للمزيد من الأسئلة وربما الحيرة أو التخبط.

http://www.miftah.org