2011.. عام الاستيطان والإرهاب
بقلم: عبد الناصر النجار
2011/12/31

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13329

العام 2011 يلفظ أنفاسه الأخيرة، له الكثير... وعليه الكثير أيضاً... له الربيع العربي الذي لم تُقطَف أزهاره بعد، وما زالت كثير من الشعوب العربية تعيش شتاءً قاسياً من جراء أنظمتها الملتصقة بالكراسي، وبأيّ ثمن، حتى لو قُتِل الآلاف... فهذا لا يهم؛ إذا كان ذلك في سبيل بقاء سعادة الحاكم.

... وله رياح الديمقراطية التي هبّت على صناديق الاقتراع، وإنْ كانت النتائج ليست كما يتمنى الكثيرون، ولكن لن تكون هناك ردّة ديكتاتورية تحت أيّ شكل من الأشكال؛ لأن حاجز الخوف تحطّم، وساحات الحرية أصبحت مفتوحةً للجميع.

فلسطينياً، العام 2011 يُسجّل له الحراك الشبابي، الذي بدأ غرسَ البذار.. ولكن كما هو الحال في فلسطين: زراعة بعلية بانتظار أمطار الحراك الشعبي التي لم تهطل... فلم يثمر الزرع، وأصبح الحراك الشبابي في خبر كان أو أضعف كثيراً من الربيع العربي!!.

الحراك الشبابي الفلسطيني لم يسهم كثيراً في ما طرحه من شعارات؛ وهي إنهاء الانقسام والاحتلال... الانقسام ما زال قائماً، ولعلّ لقاءات المصالحة ستتمكّن من تحقيق الحد الأدنى من تطلعات الشعب... ولكن، حتى الآن، ما هو على الأرض مخالف لتصريحات السياسيين.

بالنسبة إلى الاحتلال، فإن العام 2011 عليه الكثير.. فهو عام الاستيطان بلا منازع... وعلى مدى العام الماضي لم تتوقف سلطات الاحتلال عن الإعلان يومياً عن عشرات ومئات وآلاف الوحدات السكنية الاستيطانية المقامة على الأرض الفلسطينية، بحيث لم تعد الضفة الغربية كقطعة 'الجبنة السويسرية' فقط، بل تجمعات سكانية فلسطينية متناثرة، لا توجد أية إمكانية لتواصلها الجغرافي!!.

في هذا العام، برز مصطلح 'يهودية الدولة' بقوّة.. والهدف منه ليس إلاّ دقّ المسمار الأخير في نعش ما كان يُسمّى مسيرة السلام والمفاوضات، التي لم تحقق، خلال العقدين الأخيرين، إلاّ مزيداً من الإشكاليات، وخلْق الأمر الواقع؛ لأن القبول بهذا المصطلح يعني التأكيد على عدم وجود شعب آخر على هذه الأرض، وهذا تكريس لمفاهيم صهيونية مازالت تعتقد بعدم وجود الشعب الفلسطيني!!.

العام 2011 يُسجَّل عليه الانفلات الاستيطاني، الذي لم يشهد مثيلاً في السابق... فاعتداءات المستوطنين وإرهابهم أصبحت يوميةً، وعلى رؤوس الأشهاد، دون رادع.. وهذه الاعتداءات تعدّت كل الخطوط الحمر، فطالت حتى المواطنين داخل منازلهم، وممتلكاتهم، ولم تَسْلَم منها المساجد، التي أُحرِق العديد منها، خاصة في منطقة نابلس.. وحتى عبارات الاستنكار التي كانت تصدر عن الإطار الرسمي للاحتلال حول هذه الاعتداءات، لم تعد موجودة.. وأصبحت عودة إرهاب الاستيطان، المدعوم بشكل مباشر من الحكومة الإسرائيلية مكشوفة، وبشكل سافر!!.

كما يُسجَّل على العام الذي يلفظ ساعاته الأخيرة، هذا التطرّف الإسرائيلي غير المسبوق، حيث انهار اليسار بشكل شبه كامل.. وأصبحت قوى اليمين المتطرف مسيطرةً على كل مفاصل الحياة في الكيان الإسرائيلي.. ولعلّ مجموعة مشاريع القوانين العنصرية التي قُدِّمَت للكنيست إحدى الأدلّة على هذا التطرف العنصري في إسرائيل.

العام 2011، هو عام الانغلاق الفلسطيني بشكل كامل.. فلا سلام حصدنا.. ولا استيطان أوقفنا.. ولا استحقاق الدولة حققنا.. ونقاتل، ليس على جبهة واحدة، ولكن على مجموعة من الجبهات؛ أولاها، جبهة الاحتلال.. ثم الجبهة الأميركية، حيث أسقط البيت الأبيض القناع عن وجهه، فاتضح أن أوباما أخطر بكثير ممّن سبقوه، وتحت وطأة الضعف الذي يشعر به دفعنا نحن الثمن.. إضافة إلى الجبهات العربية، بطريقة أو بأخرى!!.

إذاً، فحصاد العام 2011، يباس لا غوث فيه.. ولكن؛ يبقى بصيص من الأمل في العام الجديد.. ولعلّ المتغيرات العربية والدولية المتصاعدة، تصبّ في صالحنا هذه المرّة.. كل عام وأنتم بخير.

فلسطين برس

http://www.miftah.org