نتنياهو وتقديم انتخابات رئاسة الليكود
بقلم: علي بدوان
2012/1/12

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13367

في خطوة سياسية محسوبة لها علاقة بطريقة عمل وإدارة بنيامين نتنياهو للسياستين الداخلية والخارجية "الإسرائيلية" خلال السنوات الثلاث التي انقضت من عهده برئاسة الوزارة، كما لها علاقة بحالة الائتلاف الحزبي داخل الحكومة "الإسرائيلية" وحالة المعارضة التي تقودها وزيرة الخارجية السابقة وزعيمة حزب (كاديما) تسيبي ليفني، أعلن بنيامين نتنياهو عن تقديم موعد الانتخابات الداخلية لرئاسة حزب الليكود الذي يقوده منذ عدة سنوات، والذي يحظى بالكتلة الأكبر داخل الكنيست (البرلمان) "الإسرائيلي"، وقد حدد موعد الانتخابات لرئاسة الحزب في الحادي والثلاثين من شهر يناير 2012 أي بعد حوالي شهرين من تاريخ إعلانه عن تقديم الموعد الانتخابي لرئاسة الحزب.

وبناء على ذلك، سيتعيّن على أعضاء حزب الليكود المسجلين في صفوفه والبالغ عددهم قرابة الـ (120) ألف عضو، أن ينتخبوا يوم الحادي والثلاثين من يناير رئيساً للحزب، بالإضافة إلى ممثليهم في مختلف الهيئات الحزبية، علماً بأن قيادة حزب الليكود الحالية كانت قد أقرت مؤخراً توصية نتنياهو بإجراء تغيير كبير في تركيبة المجلس العام للحزب (اللجنة المركزية الموسعة) بشكل قلّص وزن المستوطنين (مستوطني مستعمرات القدس والضفة الغربية) في المجلس العام للحزب تلقائياً من (18%) حالياً إلى (10%). فالمستوطنون في مستعمرات القدس الشرقية ومحيطها والضفة الغربية من أعضاء حزب الليكود، يشكلون تكتلاً سياسياً مؤثراً داخل حزب الليكود، رغم قلتهم، إلا أن تحالفهم داخل الحزب حولهم عملياً إلى حالة استقطابية قادرة على التأثير على مسار القرار السياسي والتنظيمي للحزب، بما في ذلك في الانتخابات التمهيدية القادمة (البرايمرز) لاختيار أعضاء الحزب من المرشحين لانتخابات الكنيست (البرلمان) القادمة في العام 2013. من هنا فان نتنياهو يسعى عملياً لإرضاء باقي مراكز القوة داخل الليكود بل ويسعى لإنشاء مراكز قوة موازية ومنافسه لقوة كتلة المستوطنين من أعضاء الحزب في سعيه للتحرر من تهديدات مجموعات ولوبي المستوطنين، وهو أمر يساعده أيضاً على تقديم موعد الانتخابات التشريعية المقبلة والمقررة في ربيع العام 2013.

ومع ذلك، لقد جاء إعلان نتنياهو بتقديم موعد انتخابات رئاسة حزب الليكود، مفاجئاً بالنسبة للأوساط العامة ومنها الشبابية داخل حزب الليكود، لكنه لم يكن مفاجئاً للعديد من المتابعين للوضع "الإسرائيلي" الداخلي خصوصاً في ظل الأزمات السياسية الخارجية التي وضع فيها نتنياهو اسرائيل، وانسداد أفق التسوية ومسارها المعطل مع الطرف الفلسطيني فضلاً عن تداعيات الملف المصري واحتمالاته المفتوحة على "إسرائيل".

في هذا السياق، إن الانتخابات لرئاسة الأحزاب "الإسرائيلية" تجري في العادة وبشكل عام قبل الانتخابات العامة البرلمانية بوقت قصير، لكن نتنياهو أراد من تقديم موعد انتخابات رئاسة الليكود حصد المكاسب التي حققها للجمهور اليهودي على أرض فلسطين المحتلة عام 1984 ولجمهور المستوطنين نتيجة لاتمام صفقة التبادل بجلعاد شاليط.

كما أراد من خلال تقديم موعد انتخابات رئاسة حزب الليكود تحقيق جملة من الأغراض، منها الإسراع نحو تجنيب نفسه مآلات احتمال نشوء أزمة ائتلافية داخل الائتلاف الحاكم، الذي يتمتع إلى الآن بحالة نسبية من الاستقرار، حيث يتوقع البعض أن تنشب حراكات داخلية في الائتلاف الحاكم في المرحلة التالية مع تفاعلات الموضوع السياسي الإقليمي المحيط باسرائيل، وخاصة منها ما يجري في مصر.

إضافة لذلك، إن نتنياهو في قراره الأخير لا يمهد لتحولات سياسية أقل تشدداً، وإنما يسعى من هذا الإجراء إلى تعزيز قوته الشخصية في داخل الحزب، وهو يدرك أن تغير الموازين داخل الحزب، سيكون له بعض التغيير على لوائح الحزب في الانتخابات المقبلة، لذلك فهو يسعى وفي إطار سلسلة من الإجراءات التي قام ويقوم بها في الأيام الأخيرة إلى إحكام قبضته على حزب الليكود الحاكم، في الوقت الذي لا يجد أمامه منافساً جدياً أو مهماً على رئاسة الحزب (كما هو حال تسيبي ليفني زعيمة حزب كاديما المعارض التي تواجه عدة منافسين).

وبالطبع، كما عودتنا الخريطة السياسية الحزبية "الإسرائيلية" فان قرار نتنياهو لاقى إلى الآن اعتراضات داخل حزبه من مجموعات من قدامى الحزب الذين اعتبروا بأن خطوة تقديم انتخابات الرئاسة لحزب الليكود ستلحق الضرر الكبير في الحزب، خاصة أن المنافس الأبرز لنتنياهو نائبه الأول في الحكومة سيلفان شالوم أعلن أن هذا القرار غير قانوني وأنه سيتوجه للقضاء لوقف هذا القرار، رغم أن شالوم فقد الكثير من وزنه في الحزب، وهو يتولى حاليا حقيبة هامشية اسمها (حقيبة التعاون الإقليم).

لكن، ومن جانب أخر، إن قرار نتنياهو أثار خلافاً حزبياً في الحزب المنافس لليكود، حزب (كديما/الى الأمام) بزعامة تسيبي ليفني، إذ طالبت شخصيات في الحزب بإجراء انتخابات لرئاسة الحزب في موعد قريب بدلاً من الصيف المقبل، كما تريد ليفني، واعتبرت مصادر مقربة من النائب الجنرال شاؤول موفاز، المنافس الأبرز لليفني، أن الأخيرة تتصرف بشكل متسلط على الحزب، وترفض إجراء انتخابات داخلية في موعد مبكر.

أخيراً، إن المعطيات الواردة من "إسرائيل" والمنشورة على صفحات الصحف العبرية تشي بأن الأكثرية في الشارع "الإسرائيلي" تميل إلى ضرورة إجراء انتخابات تشريعية (انتخابات كنيست) مبكرة نظراً للاستحقاقات الكبرى التي تنتظر "إسرائيل" في ظل التحولات الجارية في المنطقة وفي الإطار المحيط باسرائيل.

كما تشير تلك المعطيات، بأن نتنياهو قد يفضل، أيضاً، تقديم موعد الانتخابات العامة الإسرائيلية القادمة المقرر إجراؤها في نوفمبر 2013 إذا بدا فوز أوباما على منافسيه الجمهوريين في انتخابات الرئاسة الأميركية مرجحاً.

ويتوقع في هذا المجال، أن يفوز نتنياهو في انتخابات رئاسة حزب الليكود مرة ثانية، وهو ما يمهد الطريق لإجراء انتخابات عامة مبكرة في "إسرائيل"، وهو ماترجحه ايضاً وسائل الإعلام "الإسرائيلية" التي ترى بأن لنتنياهو شعبيته الكبيرة والتي تتناقض مع عزلته على الساحة الدولية.

http://www.miftah.org