الاتحاد الأوروبي والثرثرة السياسية..!!
بقلم: محمد أبو علان
2012/1/18

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13387

'الثرثرة السياسية" الوصف الأدق الذي يمكن إطلاقه على سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فالاتحاد الأوروبي يعرب باستمرار عن رفضه وإدانته للسياسية الإسرائيلية على حدود فلسطين المحتلة عام 1967 دون القيام بأي خطوات سياسية فعليه لمحاولة وقف هذه السياسية أو حتى للحد منها.

هذه الثرثرة السياسية تجلت في مسألتين أساسيتين في الأيام الأخيرة، الثرثرة الأولى كانت في تقرير لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الفرنسي والذي تحدث عن سياسية الاحتلال الإسرائيلي العنصرية في موضوع المياه في الضفة الغربية، وكيف يتم هذا توزيع المياه على أساس عنصري، حيث تعطى الأولوية والأفضلية للمستوطنين في الضفة الغربية، وحرمان سكان الأرض الأصليين من هذه المياه.

والثرثرة الثانية كانت في الوثيقة التي أعدها ممثلي الاتحاد الأوروبي لدى السلطة الوطنية الفلسطينية والتي تتعلق بممارسات المستوطنين في الضفة الغربية، الوثيقة اشتملت على مجموعة من التوصيات والإجراءات العقابية ضد المستوطنين، بالإضافة لسلسلة من الخطوات السياسية لتعزيز مكانة السلطة الوطنية الفلسطينية خاصة في القدس الشرقية.

من الإجراءات المقترحة وضع قائمة سوداء تشمل أسماء المستوطنين الذين يمارسون العنف ضد الفلسطينيين، والتفكير بمنعهم من دخول دول الاتحاد الأوروبي، كما تدعو الوثيقة لمنع أية تحويلات مالية من منظمات في الاتحاد الأوروبي من شأنها المساهمة في عمليات البناء في القدس الشرقية والمستوطنات في الضفة الغربية.

ومن ضمن ما نصت عليه الوثيقة الأوروبية المقترحة أيضاً عدم مرافقة الشخصيات الأوروبية لأية شخصيات رسمية إسرائيلية عند زيارتها لمدينة القدس الشرقية، والعمل باتجاه الضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلي لفتح المؤسسات الفلسطينية المغلقة في مدينة القدس.

مصدر دبلوماسي أوروبي صرح لموقع "واي نت" العبري حول هذه الوثيقة بالقول "نأمل أن تكون توصيات ممثلي الاتحاد حافز لحكوماتهم بأن تقوم بخطوات عملية من شأنها وقف التوسع الاستيطاني، وهذا الواقع يتطلب من حكومات الاتحاد الأوروبي وضع آلية لمنع أية علاقات اقتصادية تساهم في البناء في المستوطنات".

كما عبرت الوثيقة الأوروبية عن قلقها من تسارع عمليات البناء الاستيطاني في القدس الشرقية، وكتبوا في وثيقتهم "التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في القدس الشرقية من شأنه أن يشكل عقبة أمام التوصل لحل الدولتين على أساس حدود العام 1967، وبدون تقسيم مدينة القدس لتكون عاصمة الدولتين لن يكون هناك سلام مستقر بين الإسرائيليين والفلسطينيين".

وقسمت وثيقة ممثلي الاتحاد الأوروبي البناء الاستيطاني في القدس لقسمين، الأول البناء الاستيطاني وراء ما يسمى بالخط الأخضر مثل مستوطنة مستوطنة "جيلو"، والقسم الثاني من البناء الاستيطاني الإسرائيلي يتم خارج حدود ما يسمى بالخط الأخضر، والمتمثل بقيام مستوطنون بالبناء في أحياء عربية من أجل تثبيت وقائع على الأرض لمنع تقسيم مستقبلي لمدينة القدس.

مواقف ووثائق سياسية أوروبية تتناسب على الأقل مع الموقف الرسمي الفلسطيني فيما يتعلق برؤية السلطة الوطنية الفلسطينية في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولكنها مواقف لا قيمة على لها الأرض في ظل عدم وضع إجراءات فعلية من شأنها أن تضع حد للممارسات الإسرائيلية والمساعدة الفعلية في إنهاء الصراع الفلسطيني وفق الرؤية الفلسطينية القائمة على أساس حل الدولتين.

والسياسية الأوروبية لا تفتقد لإجراءات فعليه ضد ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني وأرضه، بل هي سياسية داعمة لسياسية الاحتلال عبر تسليح دولة الاحتلال الإسرائيلي كما هو الحال بالغواصات الألمانية، وتصنيف العدوان العسكري الإسرائيلي على أنه حالة دفاع عن النفس كما هو الأمر في قطاع غزة.

هذا إلى جانب دعم الاتحاد الأوروبي لموقف الاحتلال الإسرائيلي الرافض لما عرف ب "استحقاق أيلول" الداعي للاعتراف بدولة فلسطينية كاملة العضوية في الأمم المتحدة على حدود الرابع من حزيران 1967.

بقاء حال السياسية الأوروبية في إطار ما سميناه "الثرثرة السياسية" فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي سيبقي الاتحاد قوة غير فاعلة في الصراع العربي الإسرائيلي، وسيكرس دوره الحالي الذي لا يشكل أكثر من شاهد زور، وأداة في يد السياسية الأمريكية في المنطقة العربية بشكل خاص، والعالم بشكل عام.

وعلى السياسية الأوروبية أن تخرج من إطار سياسية القول لسياسية الفعل إن أراد الاتحاد الأوروبي أن يكون له دور فعلي في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس الموقف الرسمي للسلطة الوطنية الفلسطينية.

* كاتب فلسطيني من بلدة طوباس في الضفة الغربية. - draghma1964@yahoo.com

http://www.miftah.org