نحو تقاسم الأعباء في سد عجز الموازنة
الموقع الأصلي:
مقدمة أثارت السياسة المالية الجديدة للحكومة وبشكل خاص إصدار قرار بقانون ضريبة الدخل المعدل لعام 2011 ردود فعل سلبية لدى أوساط واسعة من الجمهور الفلسطيني، أدت إلى تعليق العمل به لأسبوعين إلى حين الخروج بتوصيات عن الحوار المالي، المزمع عقده بين الحكومة وممثلي القطاع الخاص والاتحادات العمالية والنقابات المهنية والأكاديميين، والذي دعى إليه رئيس الوزراء في الأسبوع القادم لإيجاد مخرج لازمة المالية العامة التي تعاني منها السلطة الوطنية والناجمة عن تفاقم عجز الموازنة نتيجة تضاؤل المساعدات الخارجية، سبقه احتجاجات للموظفين العموميين على مشروع قانون التقاعد المبكر أدت إلى وقف البت به حاليا. وتهدف هذه الدراسة إلى استجلاء الأسباب والدوافع الكامنة وراء تلك السياسة، وردود الفعل عليها، وتقديم مقترحات محددة للخروج من الأزمة. وفي ظل أزمة المالية العامة، تستمر معدلات غلاء المعيشة والبطالة والفقر في الأراضي الفلسطينية بمستويات عالية نسبيا، بل أن هناك مخاوف من ان السياسة المالية الجديدة للحكومة ستؤدي إلى تفاقم الأزمة بدلا من حلها، والى زيادة في تلك المعدلات. فبالتوازي مع سعيها لحل أزمة العجز في الموازنة وزيادة إيراداتها من المصادر المحلية وتقليص نفقاتها، لابد أن تأخذ الحكومة بعين الاعتبار معدلات غلاء المعيشة والبطالة والفقر، واتخاذ رزمة من الإجراءات والسياسات الاقتصادية والاجتماعية للحد من زيادة تلك المعدلات وللتأكد من عدم انعكاس سياستها المالية سلبا عليها وعلى النشاط الاقتصادي والمناخ الاستثماري عموما. وبداية ينبغي أن نعترف جميعا بان هناك أزمة "مالية عامة" حقيقية تتلخص بوجود عجز مالي في موازنة السلطة لعام 2012 بحوالي ثلاثمئة وخمسون مليون دولار، ناجمة عن تقلص الموارد الخارجية المدفوعة للسلطة وصعوبة بالغة في التخلص من الالتزامات، وان الجميع كل حسب إمكاناته يجب أن يتقاسم أعباء هذه الأزمة وان الجميع مسئول عن إيجاد حلول لها وتحمل تبعات المرحلة كل حسب طاقته. جذور الأزمة: في الظروف الناشئة عن الانتفاضة الثانية، سعت السلطة إلى المساعدة في التخفيف من أثار الأزمة الاقتصادية والظروف المعيشية الصعبة للمواطنين من خلال تشغيل قسم كبير من العمالة العاطلة عن العمل بما فيها تلك التي منعتها إسرائيل من العمل فيها، وقد قاد هذا إلى تضخم في نفقات السلطة اعتمدت في تمويله على المساعدات الخارجية، وفد ساهم ذلك في سد العجز المتزايد في الميزان التجاري الفلسطيني. وحيث ان ذلك لم يتأتى من الإيرادات المحلية المعتمدة على التطور الذاتي والطبيعي للاقتصاد الوطني، بل بالعكس فإنه نتيجة لاستمرار حالة الحصار والعوائق التي يفرضها الاحتلال أمام الاستثمار والتنمية. وقد قاد ذلك الى تطور الفروع الاقتصادية غير القابلة للتداول على حساب الفروع الاقتصادية الإنتاجية القابلة للتداول مما زاد في الخلل الهيكلي للاقتصاد ترسخا. كما القى ذلك باعباء ثقيلة على كاهل السلطة ليس من السهولة التخلص منها بجرة قلم. وادراكا منها لصعوبة الوضع فقد اعتمدت السلطة في الفترة من 2001 الى 2007 سياسة مالية متساهلة إلى حد كبير مع القطاع الخاص وباقي المكلفين مرتكزة في ذلك على توفر مصادر دعم خارجية. لكنها ورغبة منها لتقليص الاعتماد على الموارد الخارجية واعتقادا منها ببدء توفر نوع من "الاستقرار الاقتصادي" الناجم عن "الاستقرار الأمني" وتضاؤل بل ونضوب موارد الدعم الخارجية، أخذت السلطة بدءا من العام 2008 باتخاذ سياسة مالية اقل تسامحا في مجال الإيرادات وأكثر تشددا في مجال النفقات، إلى أن بلغت ذروة هذه الإجراءات بقانون ضريبة الدخل المعدل ومشروع قانون التقاعد المبكر. حيث قام الرئيس الفلسطيني بتاريخ 26/9/2011 بالتوقيع على قرار بقانون جديد لضريبة الدخل رقم 8 لسنة 2011، وقد تم نشره في الجريد الرسمية بتاريخ 24/10/2011 وسيعمل بهذا القرار بالقانون من تاريخ نشره وسيطبق على الدخول المتحققة في السنة 2011. وقد أثار ذلك ردود فعل غاضبة لدى معظم الفئات والشرائح الاجتماعية، حيث بدت الحكومة كمن يفتح النار وبصورة مفاجئة في كل الاتجاهات وعلى الجميع في آن واحد. و يبدو أن الحكومة لم تأخذ بالحسبان ان الاستقرار الاقتصادي ما زال هشا وان شرائح اجتماعية واسعة ما زالت تعاني من البطالة والفقر وغلاء المعيشة، وأن السوق الفلسطيني ما زال ضعيفا وضيقا ولا يستطيع توفير سوى عدد محدود من فرص العمل سنويا، وان قدرته على توليد المزيد من الدخل الخاضع للضريبة بمعدلات عالية اصلا ما زال موضع شك. و على العكس من ذلك فهناك من كان يتوقع مساهمة الحكومة في حل قضية الغلاء والحفاظ على القيمة الحقيقية للرواتب، وتخفيض الرسوم، ودعم بعض السلع الأساسية مثل الخبز والمحروقات، وإقامة مزيد من المشاريع الاستثمارية والاستيعابية لتشغيل الأيدي العاملة، وتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي ...الخ. كما توقع القطاع الخاص مزيدا من التسهيلات لتشجيع الاستثمارات خصوصا في المشاريع الصغيرة والمتوسطة ولدعم المنتج المحلي وتشجيع الصادرات ولتوفير مزيد من فرص الائتمان وبشروط تحفيزية..........الخ لكن الحكومة جاءت بعكس ذلك تماما، وبدت كمن يصب الزيت على النار. ابرز التعديلات التي أحدثها قانون ضريبة الدخل الجديد: تجدر الاشارة الى ان ضريبة الدخل قدرت ب130 مليون دولار ولم تمثل سوى حوالي 9%من إجمالي الإيرادات المحلية (بمافيها مبالغ المقاصة) في موازنة السلطة الوطنية في عام 2011. ويبدو القرار بقانون الجديد يسعى الى زيادة الايرادات الضريبية بما يكفل تغطية العجز المالي بما قيمته 350 مليون دولار، عبرتوسيع القاعدة الضريبية افقيا و ليس عموديا كما يشير مسؤلو الضريبة . مع أن الشرائح والنسب الضريبية الاساسية بقيت على حالها (وان تحول حسابها الى عملة الشيكل ) من1-40 الف شيكل بنسبة 5 % و40001 الى 80000 شاقل بنسبة 10% كذلك ظل معدل ضريبة الدخل الاشخاص المعنونين (الشركات وما شلبهها )على حاله اي بنسبة 15% الى ان دخل الشركات من 125001 الى 200000 شاقل اصبحت 22.5% والشركات الكبيرة التي دخلها فوق 200000 الف شاقل فيفرض عليها القانون الجديد نسبة ضريبة 30%. علما بأن القانون سيطبق على الشريحتين الجديدتين في عام 2013عن الدخل المتحقق بدءا من عام 2012 فقط. وفيما يلي تصنيف بأبرز التعديلات التي وردت في القرار بقانون الجديد: 1- بالعلاقة مع الشخص الطبيعي او المعنوي:
2- بالعلاقة مع الأفراد:
3- بالعلاقة مع الشركات :
ابرز المآخذ على القانون الجديد والسياسة المالية للحكومة لمواجهة عجز الموازنة: تمثلت وجهة نظر المحتجين في ان القانون يفرض اعباء مالية اضافية على المواطنين في هذه الاوقات الصعبة. و من جهة اخرى، احتج عدد من الشركات الكبيرة بشكل خاص على اربع مسائل، أولاها فرض الشريحتان الجديدتان الاخيرتان على دخل الشركات المتوسطة والكبيرة مما يقلص هامش ارباحها وفرص مراكمة رأس المال بهدف الاستثمار؛ وثانيها أن عبء اثبات ان الاموال المستثمرة في الخارج ليست فلسطينية سوف تقع على عاتق المكلف في القانون الجديد وليس كما كان في السابق ان اثبات الاموال هي من مصادر فلسطينية تقع على عاتق الضريبة؛ و ثالثها: ان الاعفاء على ارباح بيع الاسهم قد انخفض من100%الى 25% في القانون الجديد؛ ورابعها احتجاج شركات التأمين على نسبة ال5% من ارباح تلك التي تقدم خدمات التأمين على الحياة، مما سيضعفها في الصمود امام الالتزامات الكبيرة عليها بما فيها حقوق التعويضات. بينما يشير عدد من الخبراء والاكاديميين الى عدد من الملاحظات الاخرى نلخصها فيما يلي:
بعض ردود الفعل العملية المتوقعة على خطة الحكومة لمواجهة العجز المالي والتي تم التحذير منها:
اهم الملاحظات على ردود الفعل:
مقترحات الحل:
بعد تعليق العمل بها وبدء الحوار لمراجعة القوانين المقرة حديثا وتحديدا الشرائح الضريبية في قانون ضريبة الدخل المعدل أو تلك التي قيد الإقرار مثل قانون التقاعد المبكر ودراسة الاعتراضات عليها بصورة جدية ووضع البدائل والمخارج العملية والحلول الوسط ما امكن، وإذا تبين من أن هناك إجراءات لا بد من السير قدما في تحقيقها:
http://www.miftah.org |