إعلان الدوحة...جدية مطلوبة في تنفيذ مرحلة جديدة
بقلم: عبير زغاري لمفتاح
2012/2/8

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13459

أفضى اجتماع قائدي أكبر الأحزاب الفلسطينية في العاصمة القطرية الدوحة إلى الإعلان عن اتفاق الدوحة بين "فتح" و"حماس". فبعد عدة لقاءات أجريت في قطر الأسبوع الماضي بين الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، خالد مشعل، برعاية أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، اتفق الطرفان الفلسطينيان يوم الاثنين الماضي على "تشكيل حكومة التوافق الوطني الفلسطيني من كفاءات مهنية مستقلة برئاسة الرئيس محمود عباس تكون مهمتها تسهيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبدء بإعمار غزة... استناداً إلى اتفاق المصالحة الذي تم في القاهرة برعاية جمهورية مصر العربية، ومن المقرر الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة في القاهرة في نهاية الشهر الحالي، كما أفادت بذلك المصادر الإخبارية.

لكن ما لبث المتابعون والحالمون بالوحدة مباشرة فرحتهم، حتى عكر صفوهم ما ذكرته الصحف الفلسطينية اليوم حول وجود خلافات بين قيادة حماس في الداخل والخارج قد تؤدي إلى تعطيل تطبيق إعلان الدوحة لتشكيل حكومة توافق فلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس، بالرغم من محاولات الحركة التقليل من شأنها.

تأتي هذه الخطوة لتفاجئ الشعب الفلسطيني والأحزاب الفلسطينية. فالترحيب الشعبي والرسمي بها جاء ممزوجاً بقلق على مستقبل هذا الاتفاق الجديد، وسط تساؤلات وتشكيك وأمل في جدية الاتفاق وجدية النوايا للمباشرة بتطبيقه. وبذلك يتوقف على إعلان الدوحة بين حركتي "فتح" و"حماس" الكثير من التداعيات في حال عدم الاتفاق الفعلي وعدم تجاوز القضايا المختلف عليها، وأهمها فقدان ثقة الشعب بالحركتين وأي رئيس مستقبلي منهما قد يتولى مهام حقيبة الدولة الفلسطينية.

وكما تقرر، يضع هذا الاتفاق في جوهره تنفيذ المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام الداخلي بين حركتي "فتح" و"حماس"، استناداً إلى اتفاق المصالحة الموقع بين الطرفين في أيار الماضي في القاهرة، لجمع شمل الشعب الفلسطيني من جديد والتفافه على قيادة واحدة موحدة في مواجهة مخططات الاحتلال. وبهذا يمثل اتفاق الدوحة مرحلة جديدة من حياة الشعب الفلسطيني قد تتيح فرصة حقيقة لإنهاء الانقسام فعلياً والخروج من مرحلة إدارته وتجاوز حله ووضع العقبات أمام توحيد صفوف الشعب.

وبالطبع وردا ًعلى هذا الاتفاق سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإعادة تصريحيه القديم بأن على الرئيس عباس "أن يختار بين السلام مع إسرائيل أو السلام مع حركة حماس"- حسبما صرح، وكأن السلام الذي يدعيه نتنياهو عمت أرجاءه كل المناطق الفلسطينية على اختلافها، فيما هو الذي يقف عائقاً أمام العملية السلمية بجرا فاته التي لا توقف العمل في البناء في المستوطنات، وهو ذاته الذي كان يتذرع بعدم وجود مرجعية فلسطينية موحدة للتخاطب معها، خاصة أن غزة خارج سيطرة السلطة، فيما يعود ليناقض نفسه ويقول أن حماس كيان إرهابي، ولا يمكن التحاور مع حكومة تكون حماس جزءً منها.

ولكن تتطلب هذه المرحلة الآن من القيادة الفلسطينية بمختلف توجهاتها أن تأخذ هذا الاتفاق بجدية، وتلتزم ببنوده، وألا تماطل في مشروع المصالحة. فها هو الشعب الفلسطيني يعلّق آماله من جديد على اتفاق قد يذهب مهب الريح إن لم يتم الإسراع في تنفيذه، وإن تقاعست حكومته عن الالتزام بالقضايا المحورية التي لطالما كانت محل خلاف فرّق القيادتين.

ولهذا على القيادة الفلسطينية من "فتح" و"حماس" الإسراع بتنفيذ بنود هذا الصلح الأولي وتشكيل حكومة توافق. فمن بعض أولوياتها الآن الاتفاق على بعض القضايا التي لا يجب إغفالها، كقضية المعتقلين السياسيين وإيجاد آلية واضحة للإفراج عنهم، والاتفاق على شكل الحكومة الجديدة بدون مماطلة ووضع عراقيل، والمضي قدماً لبدء عمل لجنة انتخابات مركزية في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، وإيجاد حل لمشكلة الكهرباء في قطاع غزة والحركة عبر معابر القطاع، وغيرها من القضايا الأساسية التي سيكون الاتفاق عليها أساساً للصلح، وكل ذلك يتم طبعاً بالالتزام باتفاق القاهرة وجدية العمل على تنفيذه.

فقد يتجاوز الشعب الفلسطيني الآلية التي تم بها الجمع بين منصبي رئيس السلطة ورئيس الحكومة في شخص واحد، الذي يخالف بالأصل القانون الأساسي الفلسطيني، في حال أفضت هذه الخطوة لإنهاء أعمق انقسام فلسطيني في التاريخ. وتبقى التخوفات من عدم استغلال الفرص المتاحة لتوحيد الصفوف الوطنية من جديد، فبتوحيد قطري الشعب الفلسطيني تقوى الجبهة الداخلية لمواجهة دولة الاحتلال وتهديداتها والتصدي لعنصريتها. وبتوحيد الصف أيضاً تتوحد الكلمة الفلسطينية أمام العالم أجمع، الأمر الذي سيساعده لا محالة في إعلان دولته المستقلة على أرض فلسطينية خالية من المستوطنات، وبشعب فلسطيني حر خارج سجون الاحتلال، وبقدس كعاصمة أبدية للدولة. هذا هو التصور المثالي للدولة الفلسطينية المستقبلية التي لن ترى النور إن لم تتحد. وبذلك يترتب على القيادة الفلسطينية التمسك بهذا الاتفاق الجديد كأساس للمصالحة وتشكيل حكومة موحدة، وإلا فسيكون مصيره كباقي الاتفاقات الماضية الذي ذهبت مهب الريح، فإهدار فرصة كهذه يدخل في صندوق إهدار الفرص لإنهاء الاحتلال.

http://www.miftah.org