لماذا لا تأتون الى القدس؟!
بقلم: عبدالله القاق
2012/2/29

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13520

خاطب الرئيس الفلسطيني محمود عباس قادة وشعوب العالم بدعوتهم لزيارة مدينة القدس للتأكيد على كونها قلب الامتين العربية والاسلامية، ومهد الحضارات، كما وان زيارة هذه المدينة المقدسة لا تعني التطبيع لكنها تُمثل الدعم للشعب الفلسطيني لرفع معنوياته ودعم ابنائنا المرابطين في هذه المدينة.

تأتي هذه الدعوة الصادقة والمخلصة رغبة في ان تزيد هذه الزيارات للشعوب العربية والاسلامية من اواصر المحبة والاخوة والصداقة بين ابناء بيت المقدس وشعوب العالم، لانها تجسد الروابط الوطنية والقومية والحميمية بين ابناء فلسطين ودول العالم، وتضع حداً للتفرد الاسرائيلي في شؤون هذه المدينة باستمرار استيطانها واقتلاع اشجارها ومصادرة اراضيها وتدنيس مساجدها، وخاصة المسجد الاقصى وقبة الصخرة المشرفة والتي كثيراً ما انتفض الشعب الفلسطيني على استمرار التدخل الاسرائيلي من قطعان المستوطنين بدعم قوات الاحتلال ضد تدنيس المستوطنين لمدينة القدس وكذلك المقدسات الاسلامية والمسيحية، فهذه الزيارات للمدينة المقدسة لا تعني "زيارة السجان" بل تواسون السجين.. والمطلوب تكثيف هذه الزيارات واصدار فتاوى لدعمها بدلاً من شجبها واستنكارها!!

وهذه الدعوة للرئيس الفلسطيني تجيء في وقت يشهد فيه باب المغاربة- كما اعلن مدير مركز معلومات وادي حلوة الناشط السياسي جواد صيام- تجمعات كبيرة من المستوطنين الذين ينادون عبر مكبرات الصوت لجمع التبرعات "من اجل بناء هيكلهم المزعوم والزحف على المسجد الاقصى".. وهذا يعني ضرورة العمل على ديمومة الرباط في هذا المسجد، وشد الرحال الدائم والباكر باعتبار ان مثل هذه الخطوات تعتبر صمام أمان لحماية المسجد الاقصى، لا سيما ان بعض المواقع العبرية نشرت اعلانات دعت فيه الى اقتحام المسجد الاقصى بمناسبة بداية الشهر العبري.

والواقع ان هذه الخطوات المطلوبة من العالمين العربي والاسلامي لدعم المقدسات تأتي كما قال الزميل الاستاذ محمد حسن التل رئيس التحرير المسؤول امس من تراجع القضية الفلسطينية على مختلف الصعد العربية والدولية بعد ثورات الربيع العربي، وهذا ما أكده لي الدكتور معروف البخيت رئيس الوزراء الاردني السابق يوم امس في حديث له لدى زيارته لأحد بيوت العزاء لمواساة احد الاصدقاء "آل جبريل" بفقدانهم احد ابنائهم، مشيراً الى ان هذا التراجع يعود الى المواقف العربية الراهنة وعدم تحقيق التضامن المنشود.

لقد ضربت اسرائيل بعرض الحائط كل القرارات العربية والدولية بشأن مدينة القدس، وتناست الشرعية الدولية لحقوق الانسان، وكذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لهذه الشعوب للدفاع عن حقوقها الوطنية التي تتعرض للكثير من الاضطهاد من الجانب الاسرائيلي عبر الهجمات لقوات الاحتلال في المدينة المقدسة وغيرها بغية طمس الوجود الفلسطيني فوق الارض، غير أن هذا الشعب الأعزل واجه هذه الهجمات الشرسة بالمقاومة والنضال بكافة الأشكال، وكان انطلاق حركات المقاومة للنضال، عبر الانتفاضات السابقة ايذاناً بالرغبة في وضع حد للغطرسة والتعنت الاسرائيلي في رفض الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني بغية تعزيز صموده وتحديه للظلم من قبل السجان وظلام السجن!

ولم تكتف اسرائيل بأعمالها الاستيطانية المدانة عربياً ودولياً، بل انها تواصل جرائمها العدائية ضد الشعب الفلسطيني عندما تعرضت سيارة كبيرة لحافلة تقل اطفالاً ما أدى الى قتل حوالي عشرة اطفال، هذا الحادث اعتبر كارثة وطنية فلسطينية ومأساة انسانية على كل الفلسطينيين، فضلاً عن قيام هؤلاء المستوطنين بسرقة الاشجار المثمرة في بلدة ترمسعيا شمال رام الله والقيام بهدم المساجد والمئات من المنازل في الاسبوع الماضي وتهجير المواطنين، الأمر الذي يتطلب من المجتمع الدولي وقف هذه الجرائم التي تنتهك الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني في السكن على أرضه، فضلاً عن كونها تُظهر عنصرية الاحتلال الذي يقيم المستوطنات ويوسعها على حساب الارض الفلسطينية المحتلة، بينما يَمنع اصحاب الارض الاصليين من بناء السكن.

فدعوة الرئيس الفلسطيني لزيارة مدينة القدس فوراً ودون تأخير تجيء في ظروف صعبة وحساسة تواجهها مدينة القدس بسبب الاجراءات القمعية التي تتبعها السلطات الاسرائيلية هذه الايام وبشكل عشوائي من اجل مصادرة الاراضي الاميرية للفلسطينيين، وبناء المستوطنات و اخراج السكان من اراضيهم وتدمير المزروعات وخاصة الزيتون، وبناء جدار الفصل العنصري لتشكيل سجن كبير للشعب الفلسطيني، وضم اراض جديدة للاحتلال واستيعاب المهاجرين والسيطرة على منابع المياه، وهدفها من ذلك جعل هذه المدينة "عاصمة موحدة لاسرائيل" وهذا ما يرفضه العرب، والدول المحبة للسلام.

ولا شك ان زيارة مدينة القدس تعتبر رداً عملياً على دعوة اسرائيل للعديد من يهود العالم لزيارتها كما وانها تأتي انطلاقاً من أهمية هذه المدينة التي تتضمن المسجد الاقصى والتي تعتبر الصلاة فيه بمثابة مائتين وخمسين صلاة، حيث روي عن أبي ذر رضي الله عنه قال: "تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهما افضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بيت المقدس؟! فقال الرسول الكريم: صلاة في مسجدي افضل من اربع صلوات ولنعم المصلى هو، وليوشكن أن يكون للرجل فيه شطن فرسه من الارض حيث يرى منه بيت المقدس: خير له من الدنيا جميعاً..!!".

الأمل كبير في ان يتنادى العرب والمسلمون لزيارة بيت المقدس، كرد عملي وواقعي على التعنت الاسرائيلي تجاه الفلسطينيين، وبمثابة التأكيد على ان القدس هي رمز العرب وقبلتهم في التحرر والانعتاق من العبودية والاحتلال..!!

* رئيس تحرير جريدة "الكاتب العربي" الأُردنية. - abdqaq@orange.jo

http://www.miftah.org