ماذا تريد إسرائيل من غزة ؟ ألا تخرجي من هوائنا !!!
بقلم: علاء المشهراوي
2012/3/10

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13554

تكررت التصريحات الصادرة عن قيادتي حركتي "فتح" و"حماس" بالآونة الأخيرة بصدد اشتراط إجراء الانتخابات وبالتالي تشكيل حكومة الوفاق الوطني تنفيذاً لإعلان الدوحة بموافقة إسرائيل على إجرائها بالقدس.

وإذا كانت هذه التصريحات تؤكد على الحرص على اعتبار مدينة القدس من الأراضي الفلسطينية والعاصمة المستقبلية للدولة العتيدة، فإنها تنطوي على مخاطر تتجسد في رهن خطوات المصالحة الوطنية وآخرها تشكيل الحكومة تنفيذاً لإعلان القاهرة بالموافقة الإسرائيلية.

أتفهم هذا الطرح إذا كان يعنى الضغط على إسرائيل باتجاه إيقاف خطوات التهويد المتسارع تجاه مدينة القدس ومنع عزلها عن أجزاء الوطن وباعتبارها جزءً لا يتجزأ عن الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، وكذلك باتجاه إقناع المجتمع الدولي بأهمية إيقاف الإجراءات الإسرائيلية الرامية لعزل مدينة القدس عن محيطها العربي ومنع عمليات الأسرلة والتهويد سواءً عبر هدم المنازل وسحب هويات المقدسيين أو إقامة القدس الكبرى عبر المستوطنات الموسعة المحيطة بها.

ولكن ربط خطوات المصالحة بالموافقة الإسرائيلية يعكس موقفاً انتظارياً سلبياً يترتب عليه تحديد مصير ومستقبل المصالحة بالإرادة الإسرائيلية، كما يترتب عليه مخاطر التهرب من استحقاقات المصالحة ذاتها، علماً بأن إسرائيل كقوة احتلال وبوصفها المتضرر الرئيسي من وراء المصالحة وإمكانيات تحقيق الوحدة الوطنية ستعمل المستحيل لإفشال خطواتها ووضع العصا في دواليبها، الأمر الذي يتوقع منها رفضها لاجراء الانتخابات في مدنية القدس كأحد الوسائل لإعاقة مسار المصالحة وخطواتها تضاف إلى جانب اعتقال النواب والاصرار على سياسة التنسيق الأمني وربط تحويل المساعدات المالية للسلطة بتراجع الاخيرة عن خطوات التوجه للأمم المتحدة من اجل نيل العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية وتفعيل القانون الدولي لصالح القضية الفلسطينية كما جرى مؤخراً في قرار مجلس حقوق الانسان عندما قرر تشكيل لجنة تحقيق في آثار الاستيطان على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لدي شعبنا الفلسطيني.

إن اسرائيل هي الخاسر الأكبر من وراء المصالحة لأنها الخطوة الأولى باتجاه توحيد الإرادة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال والاستيطان والمعازل والكنتونات والجدار والتهويد والحصار، وهي ستعمل كل جهودها باتجاه افشالها وستحاول تحريض اللجنة الرباعية الدولية باتجاه الابقاء على شروطها للاعتراف بالحكومة القادمة وتعزيز الحصار الظالم على قطاع غزة ومعاقبة السلطة عن أية خيارات قد تتخذها عدا الالتزام بطريق المفاوضات العبثي والضار، الأمر الذي يستلزم عدم التعامل الانتظاري تجاه خطواتها بل العمل على مواجهتها بموقف وإرادة فلسطينية موحدة.

يجب ان نضع الانتخابات في إطارها الديمقراطي بوصفها عملية تساهم في إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على أسس من المشاركة والديمقراطية وكوسيلة لحل الخلافات الداخلية بالطرق السلمية أي عبر صندوق الاقتراع وذلك بديلاً لسياستي الإقصاء أو العنف، كما يجب ان نضعها في إطارها الكفاحي والمقاوم وبوصفها جزءً من حق شعبنا في تقرير المصير والسيادة في مواجهة الاحتلال الذي يسلب شعبنا هذا الحق.

إن وضع الانتخابات في إطارها الديمقراطي البنائي والمقاوم يكتسب أهمية خاصة في ظل الحراك الشعبي العربي الذي يظهر عنوانه الأبرز بالحرية والديمقراطية والكرامة.

وعليه فإن اجراء الانتخابات في اطار موقف وإرادة فلسطينية موحدة ستواجه إسرائيل بإفشالها بما في ذلك منع اجرائها بالقدس، الأمر الذي سيبرزها من جديد بطابعها الاحتلالي والاستيطاني والعنصري، وسيفتح ملف القدس من جديد أمام أنظار العالم عبر كشف طبيعة المخططات والممارسات الاحتلالية بحقها، وسيبرز اسرائيل التي تدعي أنها واحة الديمقراطية بالمنطقة كعنوان للاحتلال والتمييز العنصري ومعادية للديمقراطية.

إن معركة الانتخابات وخوضها بصورة موحدة تعتبر احد اشكال المقاومة الشعبية التي اتفقت كافة الفصائل بالقاهرة في 4/5/2011 على ضرورة اعتمادها كأحد وسائل النضال في مواجهة الاحتلال، علماً بأن الانتخابات وحدها وفي ظل الاحتلال وكما دلت التجربة ليست العصا السحرية لحل مشكلات الفلسطينيين، فهي اداة للبناء الديمقراطي والمقاومة الشعبية، ولكن علينا أن ندرك طبيعة المخططات الاسرائيلية الرامية إلى افشالها كما جرى في نتائج انتخابات 2006 سواءً عبر الحصار أو المقاطعة أو فرض شروط الرباعية الأمر الذي يستلزم استمرار الاتفاق على التمسك بحكومة الوحدة الوطنية بغض النظر عن نتائج الانتخابات واعتماد قانون فلسطيني يساهم في مقاومة اجراءات الاحتلال إذا ما اقدم على افشال نتائج الانتخابات عبر اعتقال النواب كما حدث بعد انتخابات 2006 وما زال يحدث إلى الآن مع كل امل في قرب تحقيق المصالحة الوطنية مثل اعتماد التوكيلات أو استبدال النائب المعتقل في آخر يليه من ذات القائمة ... إلخ من الوسائل الهادفة للابقاء على المؤسسة التشريعية بوصفها قاعدة النظام السياسي الديمقراطي.

تعتمد مواجهة الاجراءات الاسرائئيلية بصورة كبيرة على وحدة الموقف الفلسطيني واتباع آليات من شأنها أن تساهم في وحدة المؤسسة الوطنية الفلسطينية سواءً "م. ت. ف" أو السلطة الفلسطينية وبما في ذلك الانتخابات كوسيلة للبناء الديمقراطي والمقاومة الشعبية.

* كاتب وباحث فلسطيني يقيم في قطاع غزة. - acadgaza@p-i-s.com

http://www.miftah.org