أزمة 'حماس' والمستقبل الفلسطيني
بقلم: سميح شبيب
2012/4/3

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13624

قامت حركة حماس، وعلى هامش ما سُمي 'أزمة الكهرباء'، بافتعال معركة سياسية، كالت خلالها شتى الاتهامات للسلطة الوطنية الفلسطينية، ولرموزها ولسياساتها، ولتاريخها؛ فما فُهم منه بأن حركة حماس، أتمَت تنصّلها تماماً من اتفاق الدوحة، ومن أي التزامات مترتبة عليه.

لم يكن خفياً على أحد، أن قادة 'حماس'، وأجهزتها في قطاع غزة، لا مصلحة لهم في هذا الاتفاق، ولا مصلحة لهم بإقامة حكومة وطنية تمثل جميع الأطياف.. وبأنهم باتوا ينظرون للقطاع، وكأنه قطعة جغرافية لها سياستها، ولها حكومتها ولها كيانها الخاص. تصرفت 'حماس' في قطاع غزة على أساس ذلك، وعلى هديه، وباتت تشكل ميدانياً كياناً شبه مستقل.

ما قامت به 'حماس'، على هامش 'أزمة الكهرباء'، استجر معركة مقابلة، تبادلت فيها حركة فتح، وكرد فعل مباشر، لغة الصراع والخصام مع حركة حماس في القطاع، ثم عادت الأمور إلى الصفاء والهدوء رويداً رويداً..

ليس مطلوباً إدامة الصراع، وتبادل شتى الاتهامات، بقدر ما هو مطلوب، تقييم ما حدث ودراسة مدلولاته وآفاقه وسبل معالجته. فيما إذا كان هنالك خلاف جدي بين قيادات حركة حماس في القطاع، وقادتها في الخارج، فلهذا الأمر تشخيصاته وطرائق علاجه.. وفيما إذا كان هنالك تبادل أدوار داخل 'حماس'، ليس إلاّ، فله طرائق أخرى للعلاج..

عند هذه النقطة تحديداً، علينا بوعي تام، التوصل إلى التشخيص الصحيح، لأن في ذلك مصلحة لوطننا ولقضيتنا ولمستقبل عملنا السياسي المستقبلي برمته.

ما حدث على هامش 'أزمة الكهرباء' يحتاج إلى وضعه في مواضعه الصحيحة، البعيدة عن الانفعال وردات الفعل المباشرة والسريعة.

الوضع القائم، من انشقاق جيو-سياسي، هو وضع شاذ، لا يخدم قضيتنا الوطنية ولا توجهنا السياسي، وهو وضع قائم بحكم القوة واستخدام القوة، وباءت محاولات استيعابه وتجاوزه السياسية، بفشل إثر فشل لدرجة يمكن فيها التساؤل الجدي: ما هي جدوى بذل تلك الجهود.. هل هنالك بارقة أمل حقيقي ستسمح بها برامج 'حماس' ونظرتها للأمور لإنجاز مصالحة ما؟!!

إذا تبيّن، بدقة ووضوح وعمق رؤية، استحالة المصالحة، فعلينا أن ندرس الإمكانات المتاحة في حال غيابها.. وعلينا أن نتساءل: أين تكمن المصالحة الوطنية أولاً وأخيراً!!.. وإلا وقعنا في دائرة الأوهام، والأمنيات وبالتالي وقوعنا في دائرة المراوحة في المكان، وهو ما يؤدي حكماً إلى التآكل والجمود والتفسخ.

وصلت الأمور، حقيقة، منذ انفلات 'حماس' في قطاع غزة، إلى طريق شبه مسدود، وأصبح المواطن العادي، عنصراً لا يراهن على نجاح خطى المصالحة عند بدئها. صحيح بأن ذلك مأساوي وخطير في آن معاً، لكنه بات يمثل حقيقة ماثلة لا يمكن تجاهلها.

يبدو أن حركة حماس، مما هي فيه، وما تعانيه داخلياً، باتت غير معنية بالتوحد وتجاوز الانشقاق، ذاتياً وتنظيمياً.

بات الأمل الوحيد، في تجاوز الواقع الفلسطيني الراهن، يكمن بقدرة حركة الإخوان المسلمين، العالمية، وما تتمتع به حركة الإخوان المسلمين في مصر، حالياً، بممارسة الضغط الحقيقي على قادة 'حماس' في غزة، وإفهامهم، بالتي هي أحسن، بأن كياناً سياسياً في غزة، غير قابل للاستمرار من الناحية العملية، وبأن إنهاء الانشقاق، سيكون الطريق الأنجع، للحفاظ على القضية الفلسطينية، وكيانها السياسي الموحد، والمؤتلف من القوى الفلسطينية كافة!!!

http://www.miftah.org