أوراق محترقة فوق طاولة المفاوضات
بقلم: د.مازن صافي
2012/4/14

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13656

طاولة المفاوضات ، ليست طاولة كأي طاولة ، إنها حصار ملون تستخدمه إسرائيل لحصار القرار الفلسطيني وأي إمكانية للحل النهائي ، إنها طاولة تعتقد إسرائيل أن ألوانها يجب أن تكون بلون العلم الإسرائيلي .. آخر ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه على الرئيس الفلسطيني محمود عباس العودة لطاولة المفاوضات للتباحث حول الإشكاليات الجوهرية في إطار التسوية الدائمة ولكن بدون شروط مسبقة .. ويبدو أن المقبلات الإسرائيلية يقدمها نتنياهو مسبقا فهو يستعد متبرعا بأن هذه المباحثات التي يريد استئنافها أن تتباحث حول العديد من الإشكاليات الجوهرية مثل ( الحدود – الأمن – اللاجئين – المياه – المستوطنات والقدس ) .. ، ويبدو أن بطاقة الدعوة شرطا " بريئا ..؟! " وهو انه يجب علي الجانب الفلسطيني في إطار اي تسوية يتم التوقيع عليها ان يقوموا بالاعتراف بإسرائيل كالدولة القومية للشعب اليهودي .

طاولة المفاوضات هذه لا تلزم الفلسطينيين في شيء ، والمباحثات تمت منذ وقت طويل حول كل ما يتحدث عنه نتنياهو ، والرئيس الفلسطيني قال أن ما يطالب به ليس شروطا بل التزامات دولية على إسرائيل القيام بها لكي يصبح هناك مجالا حقيقيا للجلوس والتباحث ، الاستيطان السرطاني في عمق الأرض الفلسطينية يمتد ويتغول ، القتل اليومي والتدمير الممنهج لا تنفك إسرائيل عن ممارسه ، وتدمير الاقتصاد الفلسطيني والحياة اليومية لا يتوقف .. وأعلنها الرئيس الفلسطيني أيضا في الأمم المتحدة أن العودة للمفاوضات يجب أن يكون بناء على المرجعيات الدولية ووفق كل الاتفاقيات ، وأيضا أعلنها صريحة أنه لا اعتراف أو حتى نقاش في طلب إسرائيل الخاص بالدولة اليهودية ، الفلسطينيون تم تشريدهم وطردهم قتلهم والاستيلاء على أراضيهم ، وبالتالي لهم الحق في العودة وحق تقرير المصير وأيضا لأهلنا في الـ48 الحق في الحياة الكريمة ولن يتركوا في مهب الريح .

طاولة المفاوضات في الدبلوماسية الفلسطينية تعني أن المفاوضات الحقيقية تقوم على أسس مرجعية واضحة ومحددة بشكل متفق عليه، وبضمانات تؤمن الحق الفلسطيني وتنفيذ ما يتفق عليه ، كذلك وقف الاستيطان وهو خيار استراتيجي لا يمكن التنازل عنه أو تحييده أو غير ذلك ..

ان عدم الاعتراف بالدولة اليهودية هو أمر طبيعي لكل فلسطيني فمنشأ النكبة الفلسطينية منذ 63 عاماً وليس إلى عام 1967، و معاناة اللاجئين الفلسطينيين ضحايا النكبة لا تزال مستمرة منذ عام 1948 وبالتالي فكل الأمور مرتبطة يبعضها البعض ولا يزال الاحتلال الإسرائيلي مستمرا واللاجئين في كل بلاد العالم ، وحتى السلطة الفلسطينية تقوم إسرائيل بتفريغها من مضمونها وتدمير منشآتها وعمل كل شيء من اجل ألا تستطيع ممارس مهامها ، فكيف يمكن أن يتنازل الفلسطيني عن حقه .. إن كل ما تعرضه إسرائيل فوق طاولة المفاوضات برؤيتها اليوم هو عرض مسموم ومرفوض ولا يمكن القبول به .

في المقابل لازالت الاتهامات والتهديدات الإسرائيلية متواصلة ضد الرئيس الفلسطيني وآخرها ما قاله نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني ايلون حيث وصف الرئيس ابو مازن بالإرهابي السياسي الرافض للسلام والساعي لعزل إسرائيل دوليا.

الآن يتضح لنا أن سياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة هي السبب الرئيسي في تحويل السلطة الفلسطينية إلي سلطة لا تمتلك أي صلاحيات فعلية سواء علي الصعيد السياسي ،او الاقتصادي ،او الجغرافي ،أو علي الصعيد الأمني .. هذه الأوراق الهامة والتي تنفذ اتفاقيات أوسلو والاتفاقيات الدولية تقوم إسرائيل بحرقها مرة تلو المرة بحيث لا يظهر منها أي أثر لأي شيء ، وفي النهاية تطالب السلطة الفلسطينية بقراءة الأفكار الإسرائيلية والتعامل معها على أنها مسلمات لا يمكن الخوض فيها إلا لمجرد العلم والعمل بما ورد فوق الطاولة .. أيام وتصل رسالة الرئيس ابومازن والقيادة الفلسطينية لإسرائيل وهي رسالة واضحة المعالم لا تقبل العودة ثانية إلى طاولة مفاوضات لا تحمل إلا الأوراق المحترقة .. وهي نفس الرسالة التي تحمل معالم الدبلوماسية الفلسطينية القادمة على الصعيد الدولي ، الاحتلال يجب أن يزول واستقلال فلسطين يجب ان يتم والاعتراف بالدولة وعاصمتها القدس الشريف وإطلاق سراح الأسرى وحق العودة حتمية لا تقبل المماطلة أو التسويف أو شراء أصوات الدول الصغيرة في سبيل منعها من الاعتراف بفلسطين دولة مستقلة ذات سيادة ..

وحين تمتنع المحكمة الجنائية الدولية عن قبول الطلب الفلسطيني بخصوص جرائم الحرب الإسرائيلية بحجة ان فلسطين ليست دولة عضوا في الأمم المتحدة نقول أن هذا يعتبر مكافأة لإسرائيل وصك غفران وبالتالي فدماء الشهداء والجرحى والمعذبين وأنات الأسرى وحتى الشجر والحجر لن يغفر للعالم وقفته مع الظالم ضد الضحية .

http://www.miftah.org