ومضة: من المتضامنين إلى مهاجرينا.. وطنكم بانتظاركم!
بقلم: د.صبري صيدم
2012/4/17

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13666

بعيدا عن الدبلوماسية والشعارات الجوفاء وحديث العواطف لا بد لنا بأن نعترف بظاهرة ألمت بنا خلال سنوات المساعي السلمية والمراوحة التفاوضية وعالم الانقسام الفلسطيني المشؤوم، ألا وهي عزوف أبناء جالياتنا في الشتات عن العمل السياسي ودعمهم لمنظمة التحرير بصورة كبيرة وتراجع حضورهم السياسي رغم ازدياد وتصاعد دور اللوبيات اليهودية ودور جاليات الأقليات الأخرى في دول العالم على اختلافها.

فبدت الأمور وكأن ارتباط اليهود بأرض الميعاد لم يعر اهتماما لتغير الخارطة السياسية في إسرائيل وتبدلها وتراجعها من حيث الدعم للمشروع الصهيوني، باعتبار أن هذا المشروع هو أكبر من أقزام السياسة، بينما بدا الفلسطينيون في المهجر، وهم الذين لا ينازعهم أحد في ولائهم للوطن، أكثر عتبا على عالم السياسة والسياسيين، فغزاهم العزوف والنفور وحتى الابتعاد الكلي والهجرة المعنوية لعالم السياسة والنضال الشعبي.

واستمرار هذا الحال سيؤدي إلى انتقال العزوف إلى الأبناء والأحفاد بصورة تهدد الدور الواجب لعبه في ساحات الشتات لخدمة الوطن وفي فكرة التأثير السياسي المحلي، وحتى الزيارة الدورية لفلسطين والمشاركة في الفعاليات التضامنية وحملات المقاطعة الاقتصادية والسياسية ودعم المقاومة الشعبية السلمية التي أسندت وبشكل أوسع للمتضامنين الأجانب.

فيقال بأنك ما أن تسأل فلسطيني ما في الشتات عن الحال في الوطن إلا وبدأ بالتعبير عن انزعاجه من صراع الفصائل أو اختلافه مع أداء القيادة السياسية أو احتجاجه على مواقف سياسية هنا أو هناك أو حتى عن تراجع دور المنظمة ورفضه للتفاوض، وإصراره على المقاومة والاستشهاد بقصص الفساد للتدليل على أسباب الاحتجاج، ناهيكم عن التأثر بعالم التجاذبات والتنافرات السياسية ودورها في إحداث تشققات وانقسامات بين أبناء جالياتنا وشعور كبير بالعدائية والحساسية وحتى القطيعة.

ولو كان عالم السياسة مريرا بهذه الصورة، فإن جهود الشتات الأكثر تشددا وتصلبا في مواقفه وعواطفه تجاه الوطن يجب أن تكون أكثر قدرة على التأثير بعقلانية ومنطقية على الأمور فيصبح الشتات وبجدارة الجسم المنظم للعمل السياسي الفلسطيني بل والأكثر قدرة على التأثير في المشهد السياسي الفلسطيني داخليا والمشهد السياسي في دول اللجوء والشتات.

فتسييد الوطن على عالم السياسيين وخدمة المشروع التحرري بغض النظر عن تقلبات السياسة وتغليب سياسة العمل الشعبي لمواجهة حروب الجغرافيا والديمغرافيا التي تمارسها إسرائيل لهو أمر أكبر وقعا وأثمن دورا من الانفكاك أو الطلاق المعنوي القائم، فالوطن ليس أشخاصا وليس وجوها، الوطن هوية وعنوان وكرامة غريزية لا يهب حبها أحد ولا ينزعها أحد لا بقرار شخصي أو فصائلي.

لذا فإن التصالح مع جالياتنا يرى البعض بأنه ربما يحتاج لاستحداث وزارة لشؤون المهجر تهتم بهذا الشأن، ويرى آخرون بأن الحل الأكبر يأتي من خلال حملة فلسطينية فلسطينية تعزز تواصل الساسة مع الجاليات في كل مرة يحطون رحالهم في دولة ما، وتوسيع هذه الدائرة وضمان التواصل الفعلي بغض النظر عن تباينات المواقف، إضافة إلى دعوة أعداد منظمة من أخوتنا في الشتات وأبنائهم لزيارات دورية للوطن ضمن حملات تستهدف نقل الخبرة والمعرفة التي يمتلكها هؤلاء لنظرائهم وأقرانهم في حقول مختلفة.

أيا كانت الحلول والمقترحات، فإن القطيعة مع الشتات يجب أن تنتهي ليس فقط من خلال مؤتمرات الجاليات بل أيضا من خلال تجسيد ثقافة الولاء للوطن لا للأشخاص أو الفصائل، وأن الانتماء والهوية ليسا منة من أحد بل هما حقان غريزيان لهما استحقاقهما وواجبهما!.

فلا يعقل أن يقود المتضامنون الأجانب الحملات الشعبية المختلفة لنصرتنا، بينما يبقى أهلنا في الشتات أسرى انقساماتنا وإخفاقاتنا!، فهل وصلت الرسالة؟.

http://www.miftah.org