يوم الأسير.. يوم حساب النفس
بقلم: د. سفيان أبو زايدة
2012/4/18

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13670

على العكس من الاعتقاد السائد، ليس من المعروف على الاقل بالنسبة لي او للعشرات من الاخوة الاسرى السابقين الذين امضوا عشرات السنين في سجون الاحتلال وعلى رأسهم الأخ الكبير ابو علي شاهين، لماذا تم تحديد هذا اليوم بالذات كيوم للاسير الفلسطيني. ما هو أكيد ان المجلس الوطني في دورته الثانية عشر المنعقدة في القاهرة عام 1974 قرر ان يكون السابع عشر من نيسان في كل عام هو يوما للأسير الفلسطيني.

تم اقرار هذا اليوم على الرغم انه لم يصادف أي حدث مميز في تاريخ الحركة الوطنية الاسيرة. لم يصادف الى حد علمي ذكرى اطلاق سراح او اعتقال احد، ولم يصادف تاريخ استشهاد احد من اسرى الحركة الاسيرة، او حدث ما في السجون الاسرائيلية مثل اضراب عن الطعام على سبيل المثال.

فحصت ان كان الامر له علاقة باستشهاد عبد القادر ابو الفحم او اي من شهداء الحركة الاسيرة من الرعيل الاول، وفحصت ان كان الامر له علاقة بأول عملية تبادل اسرى بين اسرائيل وفصائل منظمة التحرير، فحصت اذا كان الامر له علاقة بأعتقال او اطلاق سراح اول اسير فلسطيني، ولكن كل التواريخ لا تتناسب مع السابع عشر من نيسان. لم يبقى امامي، وهذا ما سأفعله، سوى العودة الى ارشيف منظمة التحرير لعلني اجد تفسيرا صحيحا لاختيار هذا التاريخ.

هذا الامر ليس له علاقة بطبيعة الحال بقدسية هذا اليوم بالنسبة لكافة ابناء الشعب الفلسطيني حيث يعتبر يوما لتكريم الاسرى واعترافا بمكانتهم الخاصة لدى ابناء الشعب الفلسطيني والشعوب المكافحة، ووفاءً لمعاناتهم وتضحياتهم وعذابات ذويهم. في هذا اليوم تسير المسيرات وتقام المهرجانات وترفع الشعارت التي تؤكد على قدسية قضية الاسرى ومكانتها الرفيعة لدى الشعب الفلسطيني.

الاسرى في سجون الاحتلال التي تزداد اوضاعهم سوء، يحيون هذه المناسبة التي تعتبر بالنسبة لهم فرصة لشحذ الهمم وتراص الصفوف لكي يستطيعوا الحفاظ على انسانيتهم ووطنيتهم للتغلب على ظلمة السجن وقهر السجان، خاصة ان احياء هذه المناسبة يأتي في ظل التراجع الكبير في شروط حياتهم، بعد ان سحبت ادارة السجون الكثير من الانجازات التي تم تحقيقها من خلال النضال المتواصل والدؤوب، والتي سقط خلالها العشرات من الشهداء وآلاف أيام الاضراب عن الطعام.

لكي نحافظ على قدسية هذه القضية، ليس في هذا اليوم فقط، بل في كل ايام السنة طالما بقي هناك اسير واحد في السجون الاسرائيلية، ولكي لا تصبح هذه القضية مجرد شعار يردد في المناسبات يجب:

اولا: الحرص على اخراج الاسرى وقضاياهم من الصراعات الداخلية واعفائهم من تحمل نتائجها. نحن نختلف وربما نتفق فيما بعد.. نستطيع ان نهرب من مواجهة بعضنا البعض. الاسرى لا يملكون هذا الخيار، فهم يعيشون في نفس الغرفة ونفس القسم وفي احسن الاحوال يعيشون في نفس السجن. مهمتنا ان لا نثقل عليهم بانقسامنا وصغائرنا لكي لا نكون شركاء في هدم معنوياتهم وتقويض مقومات صمودهم.

ثانيا: قوة الاسرى هي فقط في وحدة موقفهم. ليس فقط وحدة الفصيل الواحد بل وحدة كافة الفصائل، هكذا كان الأمر في السابق، وهكذا يجب ان يكون في الحاضر والمستقبل. كل المعارك التي خاضتها الحركة الاسيرة على مدار الاعوام الماضية وحققت نجاحا، فقط عندما شاركت فيها كل الفصائل وفي كل السجون. النضالات الفردية وان حققت انتصارات محددة لن تستطيع ان تحدث اختراقا وأن تحدث التغيير المطلوب.

ثالثا: لا نستطيع ان نتغنى بقدسية الاسرى ومكانتهم بالنسبة لنا في الوقت الذي يقبع فيه اسرى محررون في سجون فلسطينية وبأيدي فلسطينية. يجب ان نخجل من انفسنا قبل ان نستدعي او نعتقل اسيرا محررا، حتى وان كان هناك سببا وجيها يستدعي ذلك، فكيف عندما يكون الامر بعيدا عن القانون او حتى الاخلاق الوطنية؟!

رابعا: لا يمكن ان نتغنى بقدسية الاسرى ونحن نغلق المؤسسسات التي تعني بالنضال من اجل الاسرى.. في يوم الاسير يجب ان يخجل من انفسهم اؤلئك الذين بأيديهم مفاتيح هذه المؤسسات وما زالوا يغلقونها. يجب ان لا نبحث عن مبررات أمنية وقانونية واجرائية لاستمرار اغلاق هذه المؤسسات. هذا لا يشرّف أحد.

خامسا واخيرا: الى ان يتم اطلاق سراحهم، يجب تكريس كل الطاقات الوطنية من اجل المساعدة في تحسين شروط احتجازهم والتخفيف من معاناتهم ومعانات ذويهم. لا يعقل ان يحرم الاسرى على سبيل المثال من زيارة ذويهم، هناك المئات من اسرى غزة لم يروا ذويهم وأبنائهم منذ اكثر من ستة اعوام.. هناك المئات من العائلات في محافظات الضفة محرومة من زيارة ابنائها بحجة المنع الأمني.. هناك العشرات في العزل الانفرادي، وعلى رأسهم القادة مروان البرغوثي وأحمد سعدات وحسن سلامة وعبدالله البرغوثي واحمد المغربي وغيرهم العشرات، منهم من مضى على عزله الانفرادي سنوات طوال. هؤلاء يستحقون منا ان نخصص لهم مساحة من وقتنا وجهدنا وامكانياتنا وقوفا الى جانبهم الى ان يفرج الله كربهم.

* وزير سابق وأسير محرر من قطاع غزة. - szaida212@yahoo.com

http://www.miftah.org