أندرياس..واللقطة التي أطاحت بالضابط الإسرائيلي
بقلم: آلآء كراجة لمفتاح
2012/4/18

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13673

لم يدرك "شالوم أزنير" نائب قائد منطقة الأغوار في جيش الاحتلال الإسرائيلي أن ما اعتاد عليه من تصرفات عنيفة تجاه الفلسطينيين والمتضامنين معهم من أجانب، وأن ضربته الوحشية غير المبررة التي وجهها بعقب رشاشه إلى وجه المتضامن الدنمركي، ستلتقطها عدسة كاميرا فتنتشر على مواقع الإنترنت والشاشات الفضائية ليراه العالم، وأن تصرفه هذا قد يكلفه وظيفته حيث اضطر الجيش لإقصائه عن عمله لفتح تحقيق بما حدث، بعد أن شكل تصرفه فضيحة أمام الرأي العام الدولي.

المتضامن العشريني أندرياس الذي قدم من الدنمرك منذ شهرين واستقر بين مدينتي الخليل ونابلس، قرر مع 250 آخرين عبور شارع 90 على الداجات الهوائية لقطع المسافة بين قريتي العوجا وفصايل، حيث نظموا مسيرة بين قرى الأغوار في إطار حملة أطلقتها مؤسسة محلية تحت شعار (زوروا الأغوار)، من أجل جلب الانتباه إلى البيئة الجميلة التي تتمتع بها محافظة أريحا والترويج السياحي لها، والمطالبة بالحقوق الفلسطينية بالأرض والماء والبيئة، لكن المتضامنين في نهاية الأمر لم يتمكنوا من الوصول إلى لشارع.

ومن شاهد الفيديو يستطيع أن يرى بوضوح كيف أن الجندي ترجل من المركبة، وهو يتأبط شراً ثم هجم على أندرياس، دون أن يقدم على فعل أي شيء حتى أنه لم يكن حاملاً لأي علم أو لافتة أو غيره، وبالفعل فقد قال اندرياس لمراسل 'وفا'، ' كنا نسير بسلام. استخدموا العنف ضدنا. لم أتحرك. أنت ترى ضربني ولم أنبس بكلمة'، ويضيف 'هذا ما حدث فعلا. شاهدت العنف عن قرب. لقد ضربوني'.

ورغم أن التصوير واضح ولا مجال للشك فيه، لكن سلطات الاحتلال كعادتها تحاول الالتفاف على أي حقيقة وإن كانت واضحة وضوح الشمس، فطفقت تكذب وتؤلف الروايات غير المنطقية، لكن في النهاية فإن "الشمس لا تغطى بغربال".

وتأتي هذه الحادثة بالتزامن مع التصرفات اللا أخلاقية والمعاملة السيئة والعنصرية التي وجهتها السلطات الإسرائيلية للمتضامنين القادمين في حملة "أهلاً بكم في فلسطين"، الذين وصلوا الأحد الماضي إلى مطار اللد، تعبيراَ عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، وبالتزامن مع الأعياد المسيحية، حيث واجهتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي التي استنفرت مسبقاً للتصدي للحملة، سواءً بالإيعاز إلى الشركات الأوربية بمنع المشاركين من الصعود إلى الطائرات المتوجهة إلى "إسرائيل"، أو بإلغاء حجوزاتهم أصلاً، كما احتجزت بعضهم في المطار وأوقفت بعضهم، وحولت آخرين للتحقيق.

لقد تكشف الوجه الحقيقي لإسرائيل وظهر للعالم، بعد أن عرته وسائل الإعلام المنتشرة في عصرنا الحالي، والتي باتت تنقل الحقائق من أرض الواقع، حيث أن هذا الكم من العنف الإسرائيلي الموجه ليس نحو الفلسطينيين فحسب بل نحو كل من يحاول تأييد قضيتهم أو الدفاع عن مطالبهم وحقوقهم، بات يضع دولة الاحتلال التي تدعي الديمقراطية زوراً وبهتاناً في مأزق دولي حقيقي، خاصة بعد أن ظهر تطرفها وتطرف مواطنيها تجاه من كل تعتبرهم يشكلون خطراً عليها، وإن كان بمجرد التظاهر السلمي.

إن أكثر ما يربك دولة الاحتلال الإسرائيلي هو اضطرارها للتعامل مع مثل هذه الحملات التضامنية السلمية الشعبية، فهي لم تعتد التصرف بأسلوب آخر غير العنف، بل لا تعرف غيره، وقد بدأت هذه الحملات تأتي أُكلها، وتجلب الاهتمام بالقضية الفلسطينية وعدالتها، لذا لابد من التركيز على دعمها وتأيدها، من حيث توثيق الانتهاكات الإسرائيلية تجاهها، وتجاه المشاركين فيها، حيث أن وسائل الإعلام الحديثة وخاصة الكاميرات التي لا يمكن التلفيق والكذب أمام ما تعكسه من واقع، باتت سلاحاً أقوى من أي سلاح تقليدي آخر، لأنه لولا توثيق هذا الاعتداء لمر هذا الفعل كما مر غيره من اعتداءات إسرائيلية دون محاسبة أو مساءلة، وهنا لابد من تجنيد هذه الأحداث في فضح السياسات الإسرائيلية وتعريتها.

http://www.miftah.org