تكامل وحل الدولة الواحدة (3_4)
بقلم: ياسر المصري
2012/4/23

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13689

إن كل يوم يمر دون التوصل لإتفاق مع الفلسطينين ستأسف إسرائيل عليه في المستقبل، إذا لم نتوصل لإتفاق سريع سنهدر الفرصة وقد يكون لهذا الإهدار ثمن لا يحتمل والسبب أن ثمة تخوف كبير من تكريس حل الدولة الواحدة ثنائية القومية التي لن تكون لنا أغلبية فيها، وأضاف أننا نرفض رؤية الحقيقة الزمن لا يعمل لمصلحة إسرائيل، هذا لا يعني أننا لسنا على حق وإنما لأن الزمن له عواقبه الخاصة أيضاً(( هذه الكلمات لإيهود أولمرت قبل تقديمه للإستقالة وخلال إجتماع لجنة الخارجية والأمن في الكنسيت الإسرائيلي في 15/9/2008، ومن هذه الجمل والكلمات أولمرت لا يؤمن بالحق الفلسطيني بل على العكس هو يعتبر استمرار الإحتلال واضطهاد الفلسطنيين هو جزء من الحق اليهودي على كل أراضي فلسطين التاريخية، غير أنه يعبر عن القلق من تفاعل الجغرافيا مع الديمغرافيا والتي تدفع به إلى ضرورة وجود إتفاق مع الفلسطنين يحقق الفصل بين الشعبين ويحفظ لإسرائيل الدولة أغلبية يهودية تحقق المبرر الصهيوني من اقامة دولة اسرائيل.

لم تستمر حياة أولمرت السياسية فقد تم اغتياله سياسياً في المحاكم الإسرائيلية، وقد يكون أولمرت بهذه الكلمات يعبر عن القناعات والمخاوف التي تولدت لدى رابين والذي تم اغتياله جسدياً ثمناً لهذه القناعة، واذا ما قورنت الشخصية السياسية مابين أولمرت ورابين يكون الإتفاق بأن كلا الشخصيتين وصلت إلى حدود ضرورة الفصل مع الفلسطينيين تأسيساً لتحقيق الفصل من دافع فوبيا الديمغرافيا.

إن إنتهاء حل الدولتين لم يكن نتاج سياسة عشوائية اسرائيلية، وإن كان هذا الحل اعتمد من قبل الجانب الإسرائيلي أولاً على أساس الفصل ما بين الشعبين" نحن هنا وهم هناك" وكان من وجهة النظر الفلسطينية تحقيق الحلم بإقامة الدولة المستقلة، غير أن الواقع العملي من الجانب الإسرائيلي وتحديداً بعد العام 2000م ذهب إلى تقويض حل الدولتين والذهاب إلى أبعد من ذلك ولعل المقابلة التي أجراها أرئيل شارون مع صحيفة هآرتس الإسرائيلية بتاريخ13-ابريل/2001م والتي جاء فيها(( إن حرب عام 1948م لم تنتهي أبداً ولم تكن حرب عام 1948م إلا مجرد فصل من هذه الحرب الممتدة ، شيدنا 1400 مدينة وقرية وموشاف وكيبوتس، واليد الأخرى تمسك بالسيف والسيف جزء من حياتنا الخريطة، والخريطة التي رسمتها منذ سنوات طويلة جسدتها على الأرض بالمواقع الإستيطانية هي التسوية المقبولة ولا شيء غيرها، لايمكن التنازل عن خزان المياه الجوفية الذي يمدنا بثلث كمية المياه، ولا يمكن التنازل عن المنطقة العازلة في غور الأردن، أنا لا أُومن بنظرية نحن هنا وهم هناك، في إعتقادي هذا الأمر غير قائم بشكل عملي نحن هنا وأيضاً هناك هذه هي رؤيتنا)).

ولعل هذه الإستراتيجية التي ذهبت إليها اسرائيل بعد العام 2000م وبكل ما فيها من تقويض عملي لحل الدولتين وإفشال للمشروع الفلسطيني بإقامة الولة الفلسطينية المستقلة، وقد تمددت هذه النظرية عملياً بكل ما ترافق مع المفاوضات من تكثيف للإستيطان، وهذه السياسة كانت من أهم الأسباب التي دفعت بالقيادة الفلسطينية إلى رفض الذهاب لما يسمى بالمفاوضات دون وقف الإستيطان وإطار زمني ومرجعية لهذه المفاوضات، وقد حملت رسالة جورج بوش الابن لشارون والتي سميت كتاب الضمانات إعترافاً بالواقع الإستيطاني(( على ضوء الحقائق الجديدة على الأرض ومن ضمنها وجود تجمعات إسرائيلية كبيرة من غير المتوقع أن تنتهي المفاوضات بعودة كاملة إلى خطوط الهدنة عام 1949م)).

وكان في المصطلح الأمريكي بالدولة القابلة للحياة تعريفاً سياسياً لواقع الإستيطان الذي تعمل إسرائيل على تعزيزه وفق رؤية شارون "نحن هنا وهناك أيضاً" ومن الدلالات الخطيرة التي حملها هذا المصطلح أن القابلية للحياة للدولة الفلسطينية مقترن بالتواصل الجغرافي مع وجود استيطاني لا يعيق هذا التواصل.

وإن مارتن بوير كأحد فلاسفة الصهيونية حين قال(( لا حياة بدون تدمير حياة الآخرين، إذا أمعنا النظر نجد أن كل واحد منا يسلب في كل لحظة شخصاً آخر حيز حياته، وبما أننا جئنا لنؤمن مكاناً لأجيالنا المقبلة، فقد كنا مضطرين لتقليص حيز الأجيال المقبلة من الشعب العربي)).

وإن بوير بهذه الكلمات يعبر عن معنى الإستيطان العملي الذي ينزع ويسلب الإنسان الفلسطيني أرضه وحياته وهذا ما ترجم عملياً حتى على أراضي 48 والتي الفلسطينيين والعرب يصل عددهم بها ما يقارب20% وما يملكوه من أراض لا يتعدى 2,01% ولعل هذه الدلالات والقواعد الصهيونية في إدارة الصراع تعطي النتيجة الواقعية في هذه الأيام أن اسرائيل أجهضت ولا تقبل ولا تريد حل الدولتين تماماً كما لا تقبل بحل الدولة الواحدة.

http://www.miftah.org