أسرانا مُهج الروح: بلا مزاودة
بقلم: عدلي صادق
2012/5/7

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13724

يؤلمنا شقاء أسرانا البواسل مُهج الروح. ثم إن الأكثر إحساساً منا بالألم، بعد الأمهات، هم الذين جربوا معارك الأمعاء الخاوية (وهؤلاء كثيرون ومحسوبكم واحد منهم). غير أن معركة الحق الإنساني للأسرى في حياة تليق بالآدميين، لا ينبغي أن تؤخذ موضوعاً للمزاودة الفارغة التي يجيد الإسلامويون تخليق لحظاتها. وليت إخوتي الأسرى يقرأون ما سأقصه عليهم الآن، ولو على سبيل التسلية. فقد طالعت رسماً كاريكاتورياً، منشوراً في موقع "إخواني" يضم فضائين أو إطارين من الشخوص، واحد يتبدى فيه الأسرى الخائضون في الإضراب، وهم يتضورون جوعاً، بينما في الإطار أو في الفضاء الثاني، هناك شخوص مسؤولين عرب (ربما المقصودون هم الفلسطينيون تحديداً) يتحلقون حول منسف كبير، فيمسك كل واحد منهم بفخذ خروف يلتهمه، أو بدجاجة في حجم ثلاث، فيما الحديث على الطعام، وهو سُنّة مؤكدة، يجري في سياق التضامن مع الأسرى..!

بعد دقائق، كنت أقرأ حلقة من شهادة الشيخ محمد حبيب، النائب السابق للمرشد العام لجماعة "الإخوان" في مصر. في هذه الحلقة، جاء الحديث عن أحجام الطعام، التي كانت سبباً للتناكف بين المرشد والقيادي أسعد زهران. يقول محمد حبيب فيما هو يتحدث عن اجتماع "إخواني" مهم: .. وحين جاء طعام الغداء، كان نصيب كل فرد منا رُبع فرخة.. بعدها بستة أشهر تقريبا عقدنا اجتماعا لمجلس الشورى العام بمصر فى دار الدعوة بالتوفيقية فى القاهرة، وكان ضمن الحاضرين الحاج أسعد زهران، وجاء مقعده أمام الأستاذ المرشد مباشرة، وإذا به يفاجأ بالأستاذ، والمناقشات حامية الوطيس، يشير إليه أن يقترب منه ليسرّ إليه بأمر.. فماذا قال له المرشد؟ قال: رُبع فرخة يا مفترى؟! رد الحاج أسعد قائلا: اعمل معروف يا فضيلة المرشد لا داعى للفضيحة"..!

أراد حبيب، أن يقول من خلال السياق، أن المرشدية استنكرت ضآلة الحصة اللاحمة لكل حاضر من المشاركين في نقاش حول مصير الأمة. اليوم، وبينما أسرانا يُخوضون إضرابهم، فإن "الجماعة" تعيب على غير الأسرى أنهم يأكلون، فيُصار الى التضخيم الكاريكاتوري لهذه "المخالفة" ليصبح الطعام أفخاذ خراف ودجاجات كبيرات، يلتهمها شَرِهون غير مبالين..!

ومثلما أشرنا أمس، في هذا المكان. يتعمد المحتلون تخليق مادة لزعزعة ثقة الأسرى بالطلقاء، وثقة الطلقاء المتضامنون بعضهم ببعض. فقد نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في هذا الخضم الضاغط على مشاعرنا، خبراً يقول ما معناه، إن خلية فدائية، كانت تخطط، بل على وشك ايقاع إسرائيليين لمبادلتهم بالأسرى، فإذا بأجهزة أمن السلطة، تُلقي القبض على الخلية. وكان الهدف من نشر خبر بهذا الفحوى، واضحاً حتى للبسطاء، وهو ضرب الإجماع الفلسطيني على مساندة قضية الأسرى. لكن البعض الذي يُصر على تحويل المجتمع الفلسطيني الى "عصفورية" وعلى قطع سبل الحوار المنطقي في المجتمع الفلسطيني، وتحويله الى حوار طُرشان؛ تعمد (هذا البعض) تداول الخبر وعرضه بلغة تكاد تجزم، أن السلطة أفشلت عملية وشيكة للإفراج عن الأسرى. ويبدو أن المحتلين، باتوا على قناعة بأن من السهولة جرنا الى الانشغال عن السياق العام لأمرنا الوطني، والدخول في مهاترات تافهة بهذا المستوى "العصفوري"..!

التضامن مع الأسرى هو واجب على كل طليق اينما كان، وبكل الوسائل المتاحة. ثم إن كرامة أسرانا جزء من كرامة شعبنا، ومعركتهم في صلب نضالنا الوطني على طريق دحر الاحتلال والاستقلال والحرية، فليمتنع المزاودون، والنصر للأسرى في معركة الأمعاء الخاوية..!

* الكاتب يشغل منصب سفير فلسطين في الهند. - adlishaban@hotmail.com

http://www.miftah.org