ومضة: فوضى أم فراغ؟
بقلم: د. صبري صيدم
2012/5/9

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13730

انتهت قبل أيام موجة النقاشات التي دارت حول المواقع الالكترونية المحجوبة والتي رفع الحظر عنها بموجب قرار رئاسي دون أن ينتهي معها انشغال المجتمع فيما يدور في الفضاء الإلكتروني ودونما أن ينسى المتذمرون من القدح والتشهير حقهم العادل والواجب في مقاضاة وملاحقة من تسببوا لهم بالضرر المعنوي والأخلاقي.

وحتى النائب العام وفي لقاء نظمه معهد ماس لمناقشة آليات تنظيم الإنترنت وانتهى مع بداية كتابة هذه الكلمات تعهد بعدم إغلاق أي مواقع مستقبلا مع الاحتفاظ بحق ملاحقة من تعرضوا لكرامات الناس وأعراضها في إطار ما تتيحه القوانين القائمة.

لكن المتاح من القوانين لم يكن كافيا في مقابل المراجعة التي أجراها المتحدثون في كلماتهم وما استعرضه الحضور من نقاط وملاحظات وتوصيات في اللقاء المذكور. لدرجة أن الجميع أقر بوجود فوضى تنظيمية في مجال التعامل مع الإنترنت والفضاء الإلكتروني.

ففي ظل التلكؤ في تنفيذ قانون هيئة تنظيم قطاع الاتصالات وغياب قوانين الإنترنت والإعلام الإلكتروني والجريمة الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني وحتى التجارة الإلكترونية سنبقى نراوح ونجتهد ونرتجل في التعامل مع المشاكل التي نواجهها اليوم وسنبقى نسأل أنفسنا إذا ما كنا نعيش فوضى أم فراغ؟

وحقيقة الأمر أن القوانين القائمة لا تفي بما هو موجود من إشكاليات وما سيولد من مشاكل تتصاعد بانتشار الإنترنت. وقد عرض المتحدثون في اللقاء المذكور لمشاكل كبيرة قائمة لم تخطر للجميع على بال.

وبالفعل فإن إغلاق المواقع الأخير قد حرك ملفي الحريات والنشاط الصحفي الإلكتروني، لكن هذين المجالين ليسا كل الحكاية. الحكاية هي مجرة من النشاطات الترليونية غير المسبوقة تدور إلكترونيا على الشبكة العنكبوتية منها ما هو تقليدي وهو النذر اليسير، ومنها ما هو خارج التقليد وهو الذي يحتل حصة الأسد.

لذا فإن أمن المعلومات وأمن الناس ليسا إلا من أمن المجتمع الإلكتروني الذي سيستبدل الكثير من مناحي حياتنا ويستبدل الكثير من اجتماعياتنا وثقافاتنا وسبل تواصلنا الآدمي وحتى أنماط نشاطاتنا الاقتصادية والسياسية وحضورنا الفكري.

إن مجتمعنا الآمن بأهله لا يحتمل فكرتي الفوضى أو الفراغ ومن يعتقد بأن الإلحاح في ترتيب فضائنا الإلكتروني وتشجيعه وحمايته بموجب سياسات وقوانين وإجراءات حافزة هو أمر لا يستحق الاستعجال والاهتمام فالربما سيغير رأيه خلال عامين أو أقل ولربما احتاج أيضا أن يرى وجوه المتجهمين في الاجتماع المذكور!

http://www.miftah.org