شعوب تقرر مصير حكوماتها وحكومات تقرر مصير شعوبها
بقلم: د. لورد حبش
2012/5/9

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13731

افرزت نتائج الانتخابات الفرنسية عن فوز هولاند برئاسة الجمهورية وخسارة ساركوزي. وجاء اختيار الشعب للرئيس من التيار اليساري بعد غياب اليسار عن رئاسة الجمهورية منذ فوز متيران برئاسة الجمهورية لولايتين في عام 1981. وفوز هولاند سيسفر عن تغيير الحكومة بانتظار انتخابات السلطة التشريعية (الجمعية الوطنية) في الشهر القادم. في نفس الوقت تطالعنا الأخبار المحلية في فلسطين بأسماء مقترحة للحكومة التي من المقرر أن يتم اعلانها قريبا.

فالحكومة الفرنسية ستأتي بعد الانتخابات أما حكومتنا الجديدة فستجيء بدون انتخابات. وهذا يطرح تساؤل لماذا تم اختراع النظم النيابية مثل النظام المختلط الذي أخذناه من النظام السياسي الفرنسي؟ فهذه النظم النيابية تحمل فلسفة في طياتها وهي الاحتكام للشعب عن طريق انتخابات السلطة التشريعية والتنفيذية. فبعد أن أصبح من المستحيل أن يحكم الشعب مباشرة نفسه بنفسه كما كان الأمر عند اليونان في أثينا، تم اللجوء لطريقة اخرى وهي النظم النيابية لمشاركة الشعب بطريقة غير مباشرة في الحكم. ولذا دعيت هذه النظم بأنها ديمقراطية غير مباشرة.

فعودة لفرنسا نرى أن الشعب الفرنسي قرر معاقبة ساركوزي لعدة اسباب أولا بسبب السياسة التقشفية التي تبناها بينما جاء هولاند وأعلن عن سياسة جديدة عمادها النمو بدل التقشف. ووعد بمراجعة معاهدة الانضباط المالي التي دعمتها المانيا. كما وعد بالتصدي لمشكلة البطالة. بالإضافة إلى شخصية ساركوزي التي اتهمت بالغرور والغطرسة. ولذا عاقب الفرنسيون ساركوزي ليكون الرئيس الأول منذ عام 1981 الذي يفشل في الحصول على فترة ثانية منذ الرئيس فاليري جيسكار ديستان عام 1981. ولم تنجح كل محاولات ساركوزي في اقناع الأحزاب السياسية أو الشعب في التصويت له. فهولاند وعد الشعب الفرنسي بأن المعاملة العادلة للجميع ومصلحة الشباب ستكونان الدافع لسياسته. وقال أنه "يتمنى أن يتم الحكم عليه بناء على هذه التعهدات المتعلقة "بالعدالة والشباب".

فأين نحن من هذه الوعود لقد اشتاق الشعب الفلسطيني لسماع وعود من المرشحين سوءا للسلطة التنفيذية أو التشريعية. فعلى الرغم من أن هذه الوعود يمكن ان لا تنفذ ولكن يبقى أن المرشح مسؤول عن برنامجه السياسي والذي سيحاسب عليه في الانتخابات القادمة.

وهذا يطرح تساؤلا لماذا تبنينا النظام المختلط وأفرغناه من فلسفته الذي انشأ من أجلها؟ فها نحن نغير الحكومات بدون اللجوء للشعب. وكأن تشكيل الحكومة هو قرار من السلطة التنفيذية. وهذا لا يتفق مع فلسفة النظم النيابية. فبعد أن فشلنا في تطبيق اتفاق الدوحة تحايلنا على انفسنا وقررنا تغيير الحكومة. فأين الشعب الفلسطيني من هذه التغييرات. فالحكومة هي اداة لتنفيذ الارادة الشعبية. فالشعب هو الذي يجب أن يقرر. فما هي الوعود التي تعد بها الحكومة الشعب.

فإذا كان الشعب قد عاقب ساركوزي على الأخطاء التي ارتكبها سوءا المتعلقة بسلوكه الشخصي أو السياسي. وهذا شيء طبيعي فالسلطة التنفيذية تكتسب شرعيتها من الشعب. فماذا سيكون قرار الشعب الفلسطيني عند الاحتكام إليه؟ فمن المفترض أن الشعوب هي التي تقرر مصير حكوماتها وليس كما هو الحال في فلسطين فالحكومة هي التي تقرر مصير الشعب.

* استاذة العلوم السياسية في جامعة بيرزيت. - lourdes72@hotmail.com

http://www.miftah.org