فلسطينيو لبنان بين المطرقة والسندان
بقلم: احسان الجمل
2012/6/25

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13872

مر قطوع الاحداث الاخيرة التي شهدتها المخيمات الفلسطينية على خير، ورغم سقوط الشهداء والجرحى، إلا انه تم احتواء الازمة، واستيعاب الظروف، ووأد الفتنة.

ما حدث، قد حدث، ولا يمكن اعادة التاريخ الى الوراء، لكن يجب اعادة دراسته وتقييمه واخذ الدروس والعبر منه، حتى لا يتكرر، ولا نصاب بموجات من الخوف والقلق والرعب، ولا اجتهادات سريعة قد تصيب او تخطأ، او نبقى اسرى ردات الفعل والحدث، بدل صناعة الفعل والحدث.

دلت الاحداث الاخيرة عن وجع نعيشه، وهو غياب المرجعية الموحدة والقادرة على اتخاذ موقف موحد انطلاقا من المصلحة العامة للشعب الفلسطيني، والتنسيق الخجول لا يغني ولا يسمن عن هذا الجوع. لانه في التفاصيل لكل جهة كانت حساباتها، وخطابها الاعلامي، والاخطر تسريباتها الاعلامية التي لم تكن في خدمة الشأن العام، وبعضها ارتبط باجندة لا تمت الى فلسطين بصلة. ولولا حكمة الرئيس ابو مازن، وقراره بالمعالجة السريعة، وتكليف السفير اشرف دبور، ثم ارساله الاطفائي عضو اللجنة المركزية عزام الاحمد، لتكثيف الجهود ميدانيا مع كافة الاطراف، لكان وصل الوضع الى مربع يريده البعض ولا يتمناه الفلسطينيون. واذا كانت القيادات تتباين بالسياسة، فمن غير المسموح ان تختلف على امن المواطن، وقضاياه الحياتية اليومية التي هي بطبيعتها قاسم مشترك للجميع.

هذا يكشف عن حدة الانقسام، وانعكاسه على الواقع الميداني، ويؤدي الى اضعاف الدور القيادي للهيئات، التي بحاجة الى تفعيل دورها باتجاهين، الاتجاه الاول مع مكونات الدولة اللبنانية والاحزاب و القوى على مختلف الوانها، وخاصة ان لبنان بلد له خصوصياته، وتركيبته المعقدة، وخاصة في هذا الوقت الذي يشهد فيه تداعيات الازمة السورية. الاتجاه الثاني هو الالتصاق اكثر بالقاعدة الشعبية في المخيمات والاقتراب منها ومن همومها،حتى لا تتحول الى بيئة حاضنة وجاهزة لاي مشروع.

الاتجاه الاول، يجب ان لا تنتظر وقوع حدث للانطلاق في مروحية اتصالات مع القوى اللبنانية، بل في الايام الهادئة، وان تنطلق من التصريحات اللبنانية نفسها، التي تعلن عن تفهمها لمعاناة الفلسطيني واوجاعه، وحقه في حياة كريمة، وان تمتلك القيادة الجرأة في الطرح، وتحمل كل طرف مسؤوليته، ورفض سياسة ان يحمل كل طرف لبناني الطرف الاخر عن الاحوال المزرية للشعب الفلسطيني، فمن كان بالامس اقلية ومعارضة اصبح اليوم اكثرية ويمسك بالسلطة، وباستطاعته تصحيح اعوجاج الطرف الاخر، لبنان بلد ديقراطي وفيه تداول للسلطة، وطالما الفلسطيني قدم اوراق اعتماد براءته من قبول التوطين وتمسكه بحق العودة، ولا مشكله لديه في موضوع السلاح وخاصة ان الرئيس ابو مازن ابلغهم بموقف واضح من هذا الموضوع، والفلسطيني هو على الحياد من التجاذبات الداخلية ومع تعزيز السلم الاهلي واحترام سيادة البلد وقانونه، فعلى اللبنانيين ان يقابلوه بصون كرامته ومنحه الحقوق الى حين العودة. من هنا لا مبرر لاي قوى لبنانية رسمية او سياسية ان تتسلح بشماعة التوطين او السلاح، والخروج من دائرة التعاطي مع الفلسطيني من زاوية الوضع الامني.

في الاتجاه الثاني على القيادة ان تدرس واقع المخيمات اكثر، وتكتشف همومها وشجونها، ومعرفة ما تحتاجه على كافة الاصعدة، ووضع اليات الحلول بالشراكة مع المجتمع الاهلي الذي تعيش وسطه، وله دوره وتأثيره. وكلهم يعرفون تركيبة المخيمات من الناحية السياسية والعشائرية والبلدية، وايضا يعرفون عدد الجامعيين والتقنيين الذين هم بلا عمل ويعيشون حالة من الاحباط تحولهم الى فئة قابلة للانجرار لاي مشروع او ردة فعل.

الرئيس ابو مازن قام بالعديد من الخطوات من صندوق الطالب، الى تحسين وضع اسر الشهداء والتكافل الاسري والقروض الاستثمارية، وهذه الخطوات تشكل ارضية مهمة ينطلق منها لتحسين الظروف الى الافضل، ليس المطلوب التغني بها، بل تفعيلها وتطويرها، واستكمالها لاحداث شبكة امان تحمي ابناء المخيمات وتخرجهم من حالة الاحباط الى حالة التفاؤل والعمل والتفاعل، حتى نستعيد الثقة لن اقول المفقودة، انما المهزوزة. لنحصن المخيمات من اي اختراق سياسي او امني لقوى خارجة عن النسيج الوطني الفلسطيني، ولنا في فتح الاسلام ونهر البارد تجربة تعلم الغرباء،فكيف الابناء.

لذا على القيادة الفلسطينية، ان تحصن مخيماتها، وان تبعد عنهم ما يسمى الطوابير الخامسة، وان لا تقبل اي تصريحات انفعالية، وان لا تسمح لاي كان ان يطالب بسحب الجيش عن مداخل المخيمات، نعم طبيعي ان تحفظ الكرامة على الحواجز بطريقة لائقة تصون ادمية وانسانية الفلسطيني، ولكن وجود الجيش على مداخل المخيمات هو ضمانة وحماية ورفع مسؤولية في آن، وهو المسؤول عن مراقبة حركة الخروج والدخول خوفا من تسلل عناصر غريبة قد تحول مخيماتنا الى بؤر امنية يصعب علاجها.

الوضع في لبنان معقد جدا، وهو يستعد لاستقبال المزيد من تداعيات الوضع السوري، وما على الفلسطيني إلا النأي بالنفس، وان يتمنى للبنان وسوريا الاستقرار والرخاء، لان في ذلك قوة للفلسطيني. وخروجه من بين المطرقة والسندان.

مدير المكتب الصحفي الفلسطيني – لبنان ihsaneljamal@hotmail.com eljamalfateh@gmail.com

http://www.miftah.org