المقاومة الشعبية والنماذج الإبداعية
بقلم: صادق الخضور
2012/6/30

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13890

كل جمعة وسبت وفي غيرها من أيام الأسبوع تنطلق المسيرات الشعبية في عديد الأماكن وبعد النموذج الإبداعي في بلعين وجدنا نماذج المعصرة والنبي صالح وبيت أمر ونعلين وكفر قدوم.

خلال السنة الأخيرة، كانت كفر قدّوم رقما صعبا في المقاومة الشعبية، وكان استخدام الكلاب المفترسة في بعض الحالات من الجنود الإسرائيلين أكبر دلالة على أن المسيرات الشعبية وهذا النمط من المقاومة بات يؤرّق المحتل، وسبب ذلك مرتبط بقدرة هذه المقاومة على تفريغ المحتل من مزاعمه بأن المقاومة تندرج في إطار الإرهاب علاوة على نجاحات المقاومة الشعبية في استقطاب مناصرين حتى من الإسرائليين أنفسهم ومن دول عدّة على امتداد المعمورة، علاوة على وجود اهتمام إعلامي كبير.

مع قرب مرور عام على الذكرى السنويّة لانطلاق فعاليات كفر قدّوم يمكن التوقّف عند جملة من الملاحظات وأولها أن اهتمام المؤسسة الرسميّة بهذا النوع من المقاومة لم يرق للحد المطلوب، وأن حديث عديد القوى السياسية عن تبنيّه ومؤازرته لم يترجم فعليا لبرنامج عملي وخطط إسناد، وظل العبء في معظمه ملقى على اللجان المحليّة التي أبدعت في تقديم نماذج متجددّة عكست وجود حالة من الفكر الممنهج الحريص على أن تحقق المسيرات أهدافها.

إن المقاومة الشعبية نمط قادر على تحقيق أكبر عدد ممكن من الرسائل بأقل قدر ممن الخسائر، وهو كشف عن مدى التباين بين ردود الطرفين فمقابل سلميّة الطابع وجدنا وحشيّة الرد وهل هناك أكثر من استخدام الكلاب للرد على ذلك؟

في نعلين ، ذات مرة كانت الفعالية قائمة على عرس قرب الأرض المصادرة، فكان الرد غازا مسيلا للدموع وقنابل صوتية. في بيت أمر، كانت المسيرة أحيانا عبارة عن كرة قدم، ركل المشاركون الكرات فكان رد الجنود أن ركلوا المشاركين.

في المقاومة الشعبية طابع خاص يتماهى فيه إصرار الشباب مع وفاء الطاعنين في السنّ مع وجود الأطفال والصبايا، وكأن شعبيّة هذا النمط تعكس ذاتها على طبيعة المشاركين فيه.

لا زال بإمكان المقاومة الشعبية تقديم المزيد من النماذج، ولا زالت هذه المسيرات التي تجري أسبوعيا في المناطق السابقة وغيرها فرصة لتضمينها المزيد من المضامين لكن هذا يتطلّب منحها مزيدا من الاهتمام، والتغيير في أنماط التغطية الإعلامية التي باتت محكومة بنمط تقليدي، ففي الوقت الذي يجدّد فيه المشاركون تقنياتهم مطلوب من الإعلام التجديد في آلية التناول لتناول الموضوعات بطريقة غبير نمطية.

كفر قدّوم وبيت أمر والمعصرة ونعلين والنبي صالح وبلعين، أسبوعيا تجدّد إصرارها، وتبعث المزيد من الرسائل الوادعة، مؤكدة أن رومانسية الرد تتفوق على أيّة وسيلة خالية من كل نزعات الود، وإذا كانت كفر قدّوم شهدت استخدام وسائل غير مسبوقة فهذا حافز للتفكير في استحداث وسائل أكثر سلمية للتأكيد على أن المقاومة الشعبية معنيّة بإيصال رسائل ضمنية قد لا تتبدّى للكثيرين.

في غمرة الحديث عن المسيرات هنا وهناك، يجدر إزجاء التحيّة للقائمين على هذه المسيرات وللمشاركين فيها، وللمتضامنين الأجانب الذين بات بعضهم مشاركا دائما في الفعاليات ولا نقول ضيفا، فكثير من المتضامنين تجاوزوا مرحلة الضيافة لأنهم باتوا جزءا أصيلا من المسيرات والفعاليات.

لا يزال التحدّي الأبرز متضمنّا في سؤال: كيف يمكن الاستمرار مع التطوير؟ وأين الدور الفعلي للمؤسسة الرسميّة؟

http://www.miftah.org