الانتخـابات البلـديــة وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية
بقلم: محمود التعمري
2012/8/2

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=13990

مرة أخرى سوف أعود لأتحدث عن الانتخابات البلدية المزمع إجراءها يوم العشرين من تشرين أول القادم في الضفة الغربية من هذا العام، وذلك لأهمية الموضوع من حيث، انه يأتي بعد أن انتهت صلاحيات المجالس البلدية والمحلية السابقة، والتي لم يعد العديد منها قائما خاصة بعد انقلاب حركة حماس في قطاع غزة، ولجوء السلطة إلى إقصاء بعضها كإجراء عقابي لحماس على انقلابها المشار إليه، وتعيين لجان لإدارة هذه المجالس لحين إجراء الانتخابات البلدية والمحلية، وللتأكيد على ممارسة المواطنين لحقهم الوطني في الممارسة الديمقراطية التي نص عليها قانون الانتخاب الفلسطيني ، ولكون أن هذه الانتخابات ستجري في الضفة الغربية فقط دون قطاع غزة ،وذلك بسبب أن حركة حماس ترفض إجراء أية انتخابات - مهما كانت هذه الانتخابات – في قطاع غزة لأسباب عديدة بات الكل يدرك مراميها وأهدافها وأسبابها، ولسبب أخر له علاقة بالوضع الفلسطيني وخصوصياته، خاصة قوى منظمة التحرير الفلسطيني المختلفة وإمكانيات هذه القوى على خوض هذه الانتخابات وما قد تفرزه من حقائق ونتائج تنعكس بهذا القدر أو ذاك على مستقبل الحياة الفلسطينية متعددة الوجوه..

لقد بات واضحا مدى وعي المواطن الفلسطيني لكيفية ممارسته لحقوقه الديمقراطية التي كفلتها له القوانين الوطنية الفلسطينية ،خاصة وانه مارس هذه الحقوق أكثر من مرة وفي أكثر من مستوى،بدءا من انتخاب الرئيس ومرورا ببقية المؤسسات الوطنية الأخرى، لذلك لن تكون هذه الانتخابات بمنأى عن وعي وإدراك المواطن الفلسطيني ، بل ستكون جزء من هذا الوعي وهذا الإدراك ،ومكون أساسي من مكونات الشخصية الوطنية الفلسطينية التي شهد لها الجميع بالشفافية والنزاهة.. مع كل ما عاشته وتعيشه الساحة الفلسطينية من أحداث وتطورات وقضايا مست وتمس جوهر العملية الديمقراطية إلا أن ذلك يجب أن لا يؤثر على حق المواطن الفلسطيني في التعبير قولا وفعلا عند ممارسته لهذا الحق..

أما القضية الأخرى التي تشغل الذهن وتبعث على الحيرة وتثير العديد من التساؤلات لدى المواطن الفلسطيني إن كان ذلك في الضفة الغربية أو في قطاع غزة ،إنما هي قضية رفض حركة حماس المطلق لإجراء هذه الانتخابات في عموم الوطن،

واعتقد أن وقفة متأنية وعلمية ستجعل المرء يدرك مجمل الأسباب التي تقف خلف رفض حماس لإجراء الانتخابات في قطاع غزة ،حيث أن حركة حماس باتت على دراية واضحة بنتائج أية انتخابات تجري في المناطق الفلسطينية ،بعد أن سقطت كل الأقنعة التي كانت تغلف كل شعاراتها وسياساتها وادعاءاتها .. وبعد أن صارت تنظر إلى قطاع غزة كمنطقة محررة أو كوقف إسلامي ترى أن أي تنازل فيه يعتبر خيانة لله وللدين،كما يقول البعض لتبرير عدم موافقتهم على إجراء الانتخابات في كل المناطق الفلسطينية بشكل خاص، وعدم قبولهم للمصالحة الفلسطينية وعودة الأمور إلى نصابها قبل انقلابهم في قطاع غزة بشكل عام..

لقد كنا نتمنى ونتضرع أن تتوحد كانتونات هذا الوطن، وتعود المحافظات الجنوبية إلى التوحد مع المحافظات الشمالية بعيدا عن حفنة من مصالح فئوية ضيقة لا تخدم إلا هذه الفئة أو تلك وهي في النهاية ليس لها أي علاقة بالقضية الوطنية أو بمصالح جماهير شعبنا المغلوبة على أمرها،نتيجة هذا الانقسام اللاوطني واللامبدئي ...

إن المسالة الأكثر أهمية في الظرف الراهن ،هي مسالة منظمة التحرير الفلسطينية وقواها الفاعلة، وجملة الأخطار التي تهدد وجود هذا الكيان ،ومن أكثر من طرف محلي وإقليمي ،وهو ما يجعل مهمة قوى المنظمة تتضاعف وتتوسع باتجاه تصليب وتقوية وتمتين بنية المنظمة من ناحية والحفاظ على القوى المكونة والفاعلة والمتأصلة لهذه المنظمة من ناحية أخرى،وهذا لن يتم إلا إذا تحققت جملة من المقدمات الأساسية والرئيسية وأهمها،

-التمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها التعبير المنطقي عن أهداف وطموحات شعبنا بغض النظر عن أية اختلافات بين بعض برامج هذا ألفصيل أو ذاك..

- الدفاع عن برنامج منظمة التحرير الفلسطينية الوطني، واعتباره برنامج كل الشعب الفلسطيني..

- خلق حالة من الاصطفاف الوطني خلف قيادة منظمة التحرير الفلسطينية على ضوء كل المعطيات التي تشير إلى محاولات محمومة يقوم بها البعض لإنهاء دور ومكانة المنظمة،وبالتالي تدميرها والقضاء عليها..

- التصدي وفضح كل المؤامرات التي تستهدف ممثل الشعب الفلسطيني ،والوقوف بجدية حيال أولئك الذين يحاولون النيل من منظمة التحرير ،بل والوقوف بجدية أقوى أمام أية تعديات عليها من قِبل أي طرف كان ..

- الوقوف بحزم أمام كل المواقف التي تستهدف السلطة الوطنية الفلسطينية على الصعيدين الداخلي والخارجي ، خاصة ما تروج له وتمارسه حركة حماس في اقليم قطاع غزة –المتمرد- على الشرعية الوطنية الفلسطينية .. وعدم بقاء السلطة الوطنية أسيرة أحلام بانهاء الانقسام والتمرد لن تتحقق ولن يكتب لها النجاح في ظل ظروف الحقائق القائمة الان ..

إن الموقف الأهم الذي يتطلبه الحال هو، أن ترتقي مكونات منظمة التحرير الفلسطينية إلى مستوى طموحات جماهير شعبنا وتستجيب لمتطلبات المرحلة خاصة ونحن مقبلون على انتخابات بلدية هي أهم بكثير من انتخابات في هذه النقابة أو تلك أو هذه الجامعة أو غيرها،لان هذه الانتخابات ببساطة هي معيار التصاق هذه القوى بأوضاع وأحوال جماهيرنا، وهي الترمومتر الذي يقاس من خلاله صدق أو كذب ودجل هذه القوة التنظيمية حين يتعلق الأمر بقضايا يومية تخدم المواطن وتحقق له في الحد الأدنى بعضا من احتياجاته...

لقد تحدثت مع كثيرين وسمعت أكثر عن الانتخابات البلدية القادمة،والمواقف المطلوبة حيالها ،وكم كانت الدهشة كبيرة عندما لمست كل هذا الاهتمام من كثيرين بالانتخابات البلدية ،هذا الاهتمام ــ واجزم بذلك ـــ الذي يفوق اهتمام العديد من فصائل العمل الوطني بها..والملفت للانتباه أكثر في أحاديث الناس والمهتمين هو،كيف ستخوض فصائل منظمة التحرير الفلسطينية هذه الانتخابات..؟؟ هل ستخوضها بقوائم منفردة ؟ أم ستخوضها وفق تحالفات وتحت مسميات مختلفة ؟ وهل سنرى نقلة نوعية في مستوى الوعي وتحمل المسئولية من قِبل فصائل المنظمة اتجاه هذا الشعب،وبالتالي نرى وحدة وطنية قد تحققت في عموم البلديات والمجالس المحلية ضمن قوائم موحدة ،يشارك فيها الجميع دون إسقاط للذات، وبعيدا عن الإفراط في التفاؤل بنتائج منفردة ..؟؟ وهل يمكن أن تشارك الفصائل الإسلامية تحت مسميات أخرى بعد أن أعلنت حركة حماس بالذات عدم قبولها بمبدأ الانتخابات ..؟؟

إن أكثر ما يتمناه شعبنا هو أن يرى قواه وتعبيراته السياسية موحدة ومتفقة على قوائم موحدة تحت اسم واحد هو منظمة التحرير الفلسطينية..ولن أبوح بسر إذا ما قلت أن أكثر الناس قد قرروا منذ ألان عدم الوقوف مع من يرفض خوض هذه الانتخابات تحت اسم منظمة التحرير الفلسطينية .....!!

إننا متشوقون إلى ذلك اليوم الذي نرى فيه فصائل منظمة التحرير الفلسطينية قد وضعت نصب أعينها مصالح جماهير شعبنا فوق مصالح تنظيمية ضيقة تحمل شهادة فقر حال.. وسنكون سعداء لو اننا نراها وقد بدأت تعد العدة منذ ألان للدخول إلى العملية الديمقراطية من بوابة ..إن القضية الوطنية وقضية شعبنا اكبر من كل القضايا،واهم من كل المصالح..

وان غدا لناظره قريب..

http://www.miftah.org