التمييز العنصري في 'اسرائيل' نابع من تعريفها لذاتها كدولة الشعب اليهودي
بقلم: الدكتور حنا عيسى - استاذ القانون الدولي
2012/8/14

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14022

بالرغم من انضمام اسرائيل الى عدد من المعاهدات الدولية، وبالرغم من ادعاء اسرائيل بأنها دولة ديمقراطية وبأنها تساوي بين جميع مواطنيها، الا ان القانون الاسرائيلي لا يزال يميز ضد الفلسطينيين داخل اسرائيل. ويكون التمييز مباشراً ضد غير اليهود في القانون ذاته، أو غير مباشر عن طريق سن تشريعات تبدو في الظاهر حيادية، لكنها وضعت ضد الفلسطينيين من الناحية العلمية.

ومن الأمثلة على التمييز المباشر قوانين الجنسية وقانون العودة والطبيعة القانونية المميزة لبعض المنظمات اليهودية. فقانون العودة يعطي كل يهودي في العالم الحق في دخول دولة اسرائيل، وقانون الجنسية يمنحه فوراً الجنسية لمجرد كونه يهودياً، في حين أن العرب يحصلون على الجنسية فقط عن طريق الولادة أو التجنس. كما أن القانون يعطي للوكالة اليهودية التي تقدم خدماتها لليهود فقط تسهيلات ضريبية وتمنحها الاراضي لبناء المستوطنات، ولا يستفيد فلسطينيو اسرائيل من هذه الخدمات بتاتاً.

ومن ابرز القوانين العنصرية التي تم التصديق عليها مؤخراً قانون النكبة، الذي يحظر على اي شخص يحمل الهوية الاسرائيلية يشارك أو يحتفل باحياء ذكرى نكبة فلسطين. وهناك ايضاً قانون التحريض والذي يجرم أي شخص لا يعترف بيهودية الدولة العبرية. وهناك ايضاً قانون آخر يحذر نشاط الجمعيات الاهلية التي تعمل على مقاضاة كبار المسؤولين الاسرائيلين في الخارج. وكل هذه القوانين العنصرية وغيرها تستهدف المواطنين العرب في الاساس، لتقويض حريتهم وتكميم افواههم لعدم المطالبة بحقوق اخوانهم الفلسطينيين.

ومن الامثلة على التمييز غير المباشر منح مساعدات وامتيازات حكومية واعفاءات ضريبية للمواطنين على أساس المشاركة في الخدمة العسكرية ومكان السكن. ومن التسهيلات التي تمنح للمشتركين في الخدمة العسكرية الاعفاء الجزئي من رسوم التعليم الجامعي، والأولوية في الوظائف العامة والحكومية. ويستحق المواطن الذي لا يخدم في الجيش 62% فقط من مبلغ قرض الاسكان. وفي السنوات الاخيرة بلغت نسبة المواطنين العرب الذين حصلوا على قرض الاسكان لا تزيد عن 8% فقط من المجموع العام للسكان في اسرائيل .

كما تقلل المعايير التي وضعتها وزارة الاسكان من عدد المواطنين العرب المستفيدين من مساعدات الايجار. فمثلاً لا يستفيد المواطن العربي من مساعدة الاسكان اذا استأجر سكناً في قرية صغيرة. ويشترط لصرف مساعدة استئجار السكن في المدن أو القرى الكبيرة، التي تتعدى نسبة المستأجرين فيها 5%، وأغلب المدن والمناطق العربية لا يوجد فيها مساكن للإيجار، وعليه فإن هذه المقاييس لا تنطبق على جزء كبير من المواطنين العرب.

وعلى ضؤ ما ذكر اعلاه فان مثل هذه القوانين نابعة من الاجواء العنصرية التي تهيمن على المجتمع الاسرائيلي والكنيست والحكومة وان الاغلبية العنصرية هي التي تمررها وتمرر المصادقة عليها من جهة اولى وان أصل التمييز العنصري الممنهج ضد المواطنين الفلسطينيين في اسرائيل نابع تحديداً من تعريف اسرائيل لذاتها كدولة الشعب اليهودي من جهة ثانية وان اسرائيل التي تدعي بالديمقراطية تتماشى مع الفكر التطرفي الداعي لزرع العنصرية كفكر وممارسة في داخل المجتمع الاسرائيلي من خلال سن التشريعات المناهضة للمساواة بين المواطنين في داخل اسرائيل من جهة ثالثة.

http://www.miftah.org