أجواء حرب في إسرائيل..!!
بقلم: د. سفيان أبو زايدة
2012/8/15

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14024

بشكل غير مسبوق، هناك حالة من الجدل العلني الداخلي في اسرائيل حول امكانية المبادرة في شن هجوم عسكري على ايران لوقف او تعطيل برنامجها النووي. هذا الجدل في الغالب لا يحدث قبل نشوب الحرب، بل يحدث بعد انتهاءها ووفقا لنتائجها، هكذا كان الأمر في حرب اكتوبر عام 1973 وهكذا كان في حرب لبنان الاولى عام 1982 وحرب لبنان الثانية عام 2006، وكذلك العدوان على غزة أواخر عام 2008.

هناك جدل حول الكثير من القضايا التي لها علاقة بهذا الملف، أهمها اذا ما كان بامكان اسرائيل لوحدها القيام بهذه الخطوه التي تبدو أكبر من حجمها وليس بمقدورها تحمل نتائجها العسكرية والاقتصادية والدولية. أم من الافضل الاعتماد على الولايات المتحدة باعتبارها الحليف الاستراتيجي لاسرائيل حيث لديها الامكانيات العسكرية الكافية لضرب ايران.

القضية الخلافية الاخرى هي حول نتائج هذا الهجوم اذا ما حدث في ظل التقدير ان اسرائيل تستطيع ان تعطل المشروع النووي الايراني لمدة زمنية لا تتجاوز العامين في أحسن الأحوال، ولكنها لا تستطيع ايقافه بشكل كامل. رد الفعل الايراني وكذلك الرد المحتمل لحزب الله وكذلك ربما ايضا فصائل المقاومة في غزة اضافة الى الاضرار الاقتصادية والمادية وردود الفعل الدولية، هل من المجدي تحمل كل ذلك مقابل تعطيل المشروع النووي لفترة زمنية محددة قد تستفيد منه ايران على المدى البعيد في استئناف مشروعها النووي من جديد؟!

نتنياهو وباراك اللذان يقودان مشروع الهجوم على ايران اعطيا الاجابة بشكل صريح وواضح وفي اكثر من مناسبة، بأن اسرائيل في كل ما يتعلق باستمرار وجودها لا تستطيع ان تعتمد الا على نفسها وان الولايات المتحدة تستطيع ان تتعايش مع ايران النووية ولكن اسرائيل لا تستطيع ان تسمح لنفسها بذلك. اما حول قضية الثمن الذي سيدفع فان الاجابة لديهما هي انه من الممكن التعايش مع أي شيء عدا ان تمتلك ايران سلاحا نوويا.

عدم القبول بأن تمتلك ايران او أي دولة في المنطقة السلاح النووي هو امر لا خلاف حوله، والجميع في اسرائيل يعتبرون ذلك "خط احمر". الخلاف هو على التكتيك الذي يجب اتباعه من اجل افشال هذا المشروع والخلاف هو على التوقيت الذي يجب ان يكون، وما اذا كانت اسرائيل هي التي يجب ان تتصدر المعركة ام تترك المهمة الى من هو اكبر واقدر منها على القيام بذلك.

الرسائل التي تصل الى نتنياهو من قبل اعضاء في الكونغرس الامريكي سواء كانوا من جمهوريين او ديمقراطيين، والذين يعتبرون من المقربين للرئيس الامريكي اوباما او المرشح الجمهوري رومني بأنه في حال هاجمت اسرائيل ايران فان الولايات المتحدة لن تستطيع ان تتركها لوحدها، ليس فقط ستفتح لها مخازن الاسلحة الامريكية المتواجدة في المنطقة بل ايضا ستشكل لها حماية من الصواريخ الايرانية بعيدة المدى، ان لم يكن اكثر من ذلك.

اسرائيل في الاسابيع الاخيرة تعيش اجواء حرب، حيث نشرات الاخبار المركزية وعناوين الصحف الرئيسية يوميا تتحدث عن تفاصيل جديدة وتقديرات بأن الهجوم الاسرائيلي سيكون اما في تشرين الأول/اكتوبر أو تشرين الثاني/نوفمبر، أي قبل اجراء الانتخابات الامريكية، وبالتالي فان الرئيس الامريكي اوباما لا يستطيع ان يترك اسرائيل لوحدها لان ذلك سيفقده الدعم اليهودي في امريكا، وأما ان يكون الهجوم في كانون ثاني/يناير أو شباط/فبراير من العام القادم، اي قبل ان يتسلم الرئيس المنتخب مهام منصبه.

تصريحات القادة الاسرائيليين التي تزداد يوما بعد يوم، لم تعد مجرد ايصال رسائل او مجرد تهويش، بل هناك اجراءات عملية على الارض تشير الى ان الامور ذات طابع جدي. على سبيل المثال:

اولا: صباح هذا اليوم تم الاعلان عن تعيين آفي ديختر رئيس الشاباك السابق كوزير للجبهة الداخلية خلفا لمتان فيلنائي الذي تم تعيينه سفيرا لاسرائيل في الصين. تعيين ديختر ليس له علاقة بالمناكفات والصراعات السياسية والحزبية، بل جاء نظرا لخلفيته الامنية وأهمية الدور الذي ستلعبه الجبهة الداخلية في اسرائيل، سيما ان التقديرات تشير الى انه في حال هجوم اسرائيلي على ايران سيسقط على العمق الاسرائيلي حوالي خمسين الف صاروخ، اي عشرة اضعاف عدد الصواريخ التي اطلقها حزب الله في حرب 2006.

ثانيا: في جلسة مجلس الوزراء الاسرائيلي يوم الاحد الماضي تم اقرار ما طلبه نتنياهو من توسيع صلاحياته في كل ما يتعلق بآليات اتخاذ القرارات. التفسير الوحيد لهذ الخطوة هو ان نتنياهو يريد ان يسهل على نفسه التغلب على موقف المعارضين للهجوم على ايران.

ثالثا: تم فرض ضرائب على الكثير من السلع الاساسية بما فيها المحروقات والخبز وزيادة ضريبة الدخل، وكذلك تم تقليص مليارات من الشواقل من موازنات الوزارات المختلفة، وفي نفس الوقت سيتم دعم وزراة الدفاع بالمزيد من المليارات لتغطية الاحتياجات الطارئة.

رابعا: نشرت اسرائيل بطاريات مضادة للصواريخ على الحدود اللبنانية وقبل ذلك في منطقة الوسط اضافة الى تعزيز ما هو موجود في الجنوب. في نفس الوقت هناك سباق مع الزمن في اعداد الملاجئ والتأكد من اهليتها لاستقبال المواطنين، وكذلك استكمال توزيع الكمامات وتحديثها، اضافة الى الزيارات المكثفة للمسؤولين الأمنيين الامريكيين والالتقاء بنظرائهم الاسرائيليين. كل ذلك يشير الى ان ما هو قادم من تطورات قد يغير وجه المنطقة بكاملها.

* وزير سابق وأسير محرر من قطاع غزة. - szaida212@yahoo.com

http://www.miftah.org