ليبرمان وحرفة 'الإرهاب'
بقلم: محمد عبيد
2012/8/27

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=14044

وزير الخارجية “الإسرائيلي” اليميني المتطرف أفيغدور ليبرمان، يثبت بشكل يومي أنه اتخذ الإرهاب على اختلاف أشكاله حرفة، وكأنه يستعيد ميراث الآباء الروحيين للاحتلال “الإسرائيلي” في الأرض العربية الفلسطينية، ويمنتجه في مفردات جديدة تنهل من أصل التطرف والعنصرية والإجرام العابر للحدود والتاريخ الحديث . ليست الهجمة التي يشنها هذا الغارق في أحلام إبادة الفلسطينيين، واقتلاعهم من جذورهم، ضد السلطة الفلسطينية، ورئيسها محمود عباس، بدعوى أنها “ليست شريكاً” في التسوية، وأن رئيسها “يرهب” العالم دبلوماسياً، من خلال المسعى المزمع لطلب عضوية “غير كاملة” لفلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في أعقاب إفشال الكيان وحليفته الولايات المتحدة، مسعى فلسطينياً سابقاً لانتزاع اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية، أقر أكثر من ثلثي دول العالم تأييدهم له كحق مشروع وراسخ، بأمر جديد على ليبرمان أو حتى حكومة الكيان التي تقف من خلفه ومن خلفهما عشرات جماعات الضغط والابتزاز واللوبيات الصهيونية، التي مهما حاولت لن تقوى على إخفاء الوجه الحقيقي للفكر الصهيوني القائم على الإقصاء والإرهاب والتطهير العرقي وتغيير الحقائق، وتثبيت الروايات والدعايات كأمر واقع، في ظل تخاذل دولي، أو بالأحرى انسياق أعمى وراء عقدة اختلقتها الصهيونية العالمية لتجلد بها أوروبا ومن ثم الولايات المتحدة . آخر ما توصل إليه “الفكر” الليبرماني في هذه الهجمة، اجترار للمواقف والأكاذيب ذاتها، وإضافات شكلية بغرض “التجميل” لا يمكن أن تمر على طفل يلهو في أحد أزقة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين أينما وجدت، فهو يزعم لصحيفة “إسرائيلية” أنه “لا يتدخل” بالشأن الفلسطيني الداخلي، في دعوته الصريحة الرباعية الدولية إلى الدفع باتجاه انتخابات فلسطينية عامة، بل يتلطى خلف مزاعم الحفاظ على “ديمقراطية” في الأرض المحتلة، مع أن كيانه الأشد عداء لنتائجها عندما أفرزت صناديق الاقتراع الفلسطينية عام 2006 ما أفرزت، بل إن “إسرائيل” مارست إرهابها المنظّم بحق الشعب الفلسطيني بخطف نوابه المنتخبين من مختلف الفصائل، واحتجازهم رهائن تحت مسميات ومزاعم كثيرة .

ليبرمان وغيره من متطرفي الكيان الإرهابي المارق، ومن خلفهم الولايات المتحدة والغرب، وقائمة طويلة من “المانحين المانعين”، ليسوا معنيين ب”ديمقراطية” في فلسطين المحتلة، وليس أدل على ذلك ما تحولت إليه عشرات المنظمات الأهلية وغير الحكومية المدعومة غربياً، تحت أسماء وشعارات كثيرة، من منظمات غير ربحية إلى “دكاكين” تسعى للتربح، على حساب استقلال الفلسطيني في قراره الوطني، ونضاله المشروع، بل هم معنيون بمزيد من الغرق الفلسطيني في الانقسام والتشظي، وتواصل حالة الفصل الطوعي بين جناحي الأراضي المحتلة عام ،1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة . هذه الهجمة التي ترى فيها القيادة الفلسطينية دعوة صريحة لاستهداف الرئيس الفلسطيني، كما حدث مع الزعيم الراحل ياسر عرفات، تتعدى هذا الأمر شكلاً ومضموناً إلى ما هو أخطر . ففي الماضي عملت “إسرائيل” بكل ما أوتيت من إمكانات وقوة، لتجريد الفلسطيني من صورة الإنسان المناضل لاستعادة حقه، لتلبسه رداء “الإرهابي” و”المخرب”، ووظفت كل حليف أو تابع في العالم لترويج روايتها عن الشعب الفلسطيني، التي وصلت إلى الزعم حيناً أنه “مخترع”، وأحياناً أنه “غير موجود تاريخياً” . أما حالياً فالمختلف والواضح أن الكيان يسعى لتكبيل وخنق النضال الفلسطيني، وإن كان من دون سلاح أو مواجهة غير متكافئة بين الحجر والدبابة، وحتى لو كان سياسياً، يطرق أبواب العالم بحقوق أقرها وتنكّر لها، وتنصّل منها، ويحاول قتلها بالتقادم . الكيان المحتل يرى كما رأى قادة إرهابه السابقون، أن الفلسطيني الجيد هو “الفلسطيني الميت”، ومن هذا الباب، فلا شك في أنه سيسعى إلى قتل التحرك السياسي الفلسطيني، وإن لم يستهدف شخوصه جسدياً .

http://www.miftah.org